< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

42/04/13

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/ لا يتقدم المأموم على الامام

قال السيد رضوان الله عليه: (الرابع: أن لا يتقدّم المأموم على الإمام في الموقف، فلو تقدّم في الابتداء أو الأثناء بطلت صلاته إن بقي على نيّة الائتمام، و الأحوط‌ تأخّره عنه و إن كان الأقوى جواز المساواة و لا بأس بعد تقدّم الإمام في الموقف أو المساواة معه بزيادة المأموم على الإمام في ركوعه و سجوده لطول قامته و نحوه، و إن كان الأحوط مراعاة عدم التقدّم في جميع الأحوال حتّى في الركوع و السجود و الجلوس و المدار على الصدق العرفيّ.) [1]

قد تطرقنا في اليوم الماضي الى ما يمكن ان يستدل بها على عدم جواز تقدم المأموم على الامام وذكرنا ثلاثة أدلة: الاجماع، سيرة المعصومين وعامة المتشرعة من جميع النحل الاسلامية و في جميع الاعصار، واقتضاء عنوان الامام والمأموم.

واليوم نريد ان ندخل في الدليل الرابع،وهو الروايات:

فيمكن الاستدلال بما ورد في الامام الذي يحدث له عذرٌ فيقدم من يؤم المصلين. منها: صحيحة سليمان بن خالد قال: «سألت أبا عبد اللّٰه عليه السلام عن رجل يؤمّ القوم فيحدث، و يقدّم رجلًا قد سبق بركعة، كيف يصنع؟ قال: لا يقدّم رجلًا قد سبق بركعة، و لكن يأخذ بيد غيره فيقدّمه"[2]

ويظهر من هذه الصحيحة ان التقديم للامامة امر مفروق عنه و فيها تقرير الامام عليه السلام.

و منها: صحيحة علي بن جعفر «أنّه سأل أخاه موسى بن جعفر (عليهما السلام) عن الإمام أحدث فانصرف و لم يقدّم أحداً، ما حال القوم؟ قال: لا صلاة لهم إلّا بإمام، فليقدّم بعضهم فليتمّ بهم ما بقي منها، و قد تمّت صلاتهم» [3] فهي ايضا صريحة في وجوب تقدم الامام للامامة و مفهومها بطلان الجماعة بتقدم المأموم على الامام و غيرها من الروايات. وانما نكتفي بذكر هاتين الصحيحتين لان عدم جواز تقدم المأموم على الامام متفق عليه بل ضروري عند المسلمين. فلا حاجة لاطالة الكلام.

وانما الاشكال الذي اوردوها على المصنف قوله ببطلان صلاة من يتقدم على الامام وهو لم ينو الفرادى، لانّ التقدم على الامام انما ينافي الجماعة، فلابد من القول ببطلان الجماعة دون الصلاة كما نسب في الجواهر الى الشهيد الاول في الذكرى و نحن لم نجده قوله: (لو تقدم المأموم في أثناء الصلاة متعمدا فالظاهر أنه يصير منفردا، لإخلاله بالشرط، و يحتمل أن يراعى باستمراره أو عوده إلى موقفه، فان عاد أعاد نية الاقتداء، و لو تقدم غلطا أو سهوا ثم عاد إلى موقفه فالظاهر بقاء القدوة للحرج، و لو جدد نية الاقتداء هنا كان حسنا، و كذا الحكم لو تقدمت سفينة المأموم على سفينة الإمام، فلواستصحب نية الائتمام بعد التقدم بطلت صلاته)،[4] فهو نسب هذا الكلام الى الذكرى وانا ما حصلته فالعهدة عليه والمهم هو القول لا القائل)

ولهذا الكلام المنسوب الى الذكرى مواقع للنظر: الاولى: أنّ تبديل الصلاة الى الفرادى للاخلال بالشرط، كلام متين على المبنى الاقرب وهو ان طبيعة الصلاة الفرادى نفس طبيعة الصلاة في الجماعة دون الاتصاف بالجماعة فلا حاجة الى نية الفرادى بل نية الصلاة تكفي فيها، نعم ان تشرع في نية الجماعة وهو ملتفت بعدم صحتها بطلت صلاته من باب التشريع المحرم بعمله العبادي.

اما على مبنى من جعل الفرادى عدل الجماعة في الواجب التخييري فلابد من نية الانتقال، حتى تتبدلت الى الفرادى. والا تبطل صلاته لان شرط الجماعة مفقود فيها و الفرادى لم ينوها. ومن ذلك نقول على هذا المبني يجب عليه ان يزامن نية الفرادى مع التقدم والا فصلاته باطلة.

الثانية: قوله: (و يحتمل أن يراعى باستمراره أو عوده إلى موقفه، فان عاد أعاد نية الاقتداء)، نسأل عنه رضوان الله عليه، ما المراد بالمراعات والاستمرار؟ اذا اردت به شيئ من الزمان فمعناه خلوها في تلك الفترة من الجماعة والفرادى معاً حتى يختار احدهما ونعرف ان الصلاة الخالي من العنوانين لم يشرع ثم قولكم (أعاد نية الاقتداء) معناه انه خرج من الجماعة ثم اراد ان يدخل فيها مرة اخرى ومعناه الدخول في الجماعة في اثناء صلاته وهو الذي قلنا و جميع الفقهاء بعدم صحته.

الثالثة: في قوله: (و لو تقدم غلطا أو سهوا ثم عاد إلى موقفه فالظاهر بقاء القدوة للحرج) ما نرى هنا وجه للحرج؟

الرابعة: في قوله: (و لو جدد نية الاقتداء هنا كان حسنا) [5] فنقول ان تجديد النية لا يفيده لانه لو تم خروجه من الجماعة لا يمكن دخوله لانه دخول في الاثناء و قد بحثنا سابقا في عدم صحة الالتحاق بالجماعة في اثتاء صلاة المقتدي، وان كان باقيا فلا حاجة الى تجدبد النية.

والخامسة: ان قضية الصلاة في سفن متعدده، خصوصا في حال حركة السفينة امر مردود لانه لا يمكن الاتصال والنص الذي يعتمدون عليها عامي ومن يعتمد لابد أن يقول بما قاله الشيخ في المبسوط من عدم بطلان الصلاة ولو تقدم سفينة المأموم.

وهنا جمع من الفقهاء حكموا ببطلان الجماعة وصحة الصلاة اذا لم يخل بوظيفة المنفرد كما لو ترك القراءة حينئذ عمداً، أو أتى بشيئ ساهياً مما يوجب البطلان ولو اتى به سهوا كما لو زاد ركناً لأجل التبعيّة. اما اذا لم يخل بوظيفة المنفرد مما هو مبطل للصلاة فلا وجه للقول ببطلان صلاته، كما لو كان الاقتداء في‌ الركعة الثالثة أو الرابعة و قد أتى بالقراءة، أو تقدّم ساهياً و لم يخلّ إلّا بالقراءة لاعتقاده صحّة الجماعة المقتضية لتركها، فلا مقتضي لبطلان الصلاة في شي‌ء من هاتين الصورتين.

فعلى ذلك ان المصنف عند ما قال: (فلو تقدّم في الابتداء أو الأثناء بطلت صلاته إن بقي على نيّة الائتمام)[6] ، لابد من حمل كلامه على انه ان تقدم سهوا و اخل بركن بنية التبعية للامام او بغير ركن كالقرائة عامدا او قصد التشريع ببقاء نيته على الجماعة وهو مقدم على الامام، لانه في غير هذه الحالات الثلاثة لا وجه لبطلان صلاته وانما الباطل هو جماعته فتأمل.

الى هنا تحدثا حول عدم التقدم على الامام اما جواز المساوات او عدمه فنتركه للايام القادمة ان شاء الله.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo