< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

42/04/07

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /عدم التقدم على الامام

 

كان بحثنا في اليوم الماضي حول الشرط الثاني الذي ذكره المصنف بقوله: (الثالث: أن لا يتباعد المأموم عن الإمام بما يكون كثيراً في العادة إلّا إذا كان في صفّ متّصل بعضه ببعض، حتّى ينتهي إلى القريب، أو كان في صفّ ليس بينه و بين الصفّ المتقدّم البعد المزبور، و هكذا حتّى ينتهي‌ إلى القريب، و الأحوط احتياطاً لا يترك أن لا يكون بين موقف الإمام و مسجد المأموم، أو بين موقف السابق و مسجد اللاحق، أزيد من مقدار الخطوة التي تملأ الفرج، و أحوط من ذلك مراعاة الخطوة المتعارفة و الأفضل بل الأحوط أيضاً أن لا يكون بين الموقفين أزيد من مقدار جسد الإنسان إذا سجد، بأن يكون مسجد اللاحق وراء موقف السابق بلا فصل).

واهم الادلة كان صحيحة زرارة وهي: (مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: يَنْبَغِي لِلصُّفُوفِ أَنْ تَكُونَ- تَامَّةً مُتَوَاصِلَةً بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ وَ- لَا يَكُونَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ مَا لَا يُتَخَطَّى- يَكُونُ قَدْرُ ذَلِكَ مَسْقَطَ جَسَدِ إِنْسَانٍ إِذَا سَجَدَ.

قَالَ وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع إِنْ صَلَّى قَوْمٌ- وَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الْإِمَامِ مَا لَا يُتَخَطَّى- فَلَيْسَ ذَلِكَ الْإِمَامُ لَهُمْ بِإِمَامٍ- وَ أَيُّ صَفٍّ كَانَ أَهْلُهُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ- وَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الصَّفِّ الَّذِي يَتَقَدَّمُهُمْ مَا لَا يُتَخَطَّى- فَلَيْسَ لَهُمْ تِلْكَ بِصَلَاةٍ- وَ إِنْ كَانَ (شِبْراً وَاحِداً) إِلَى أَنْ قَالَ- أَيُّمَا امْرَأَةٍ صَلَّتْ خَلْفَ إِمَامٍ- وَ بَيْنَهَا وَ بَيْنَهُ مَا لَا يُتَخَطَّى فَلَيْسَ لَهَا تِلْكَ بِصَلَاةٍ-الحديث).

في صحيحة زرارة حيث بدأت بينبغي وقالوا انّ ينبغي يستعمل في الاستحباب فلا يثبت وجوب ذلك. والجواب الآخر الي اشرنا اليه في اليوم الماضي ان يتبغي يفيد الطلب واجابة طلب المولى واجب بحكم العقل الا اذا دل دليل على رضى المولى بالترك ايضا فالنسبة الى ما في صدر الرواية ورد ما يفيد الرخصة في الترك فيبقى الباقي على وجوبه.

قد اجاب السيد الخوئي عن هذا الاشكال بجواب جميل مضمونه ببيان منّا: انّ الرواية الاولى التي وردت فيها لا ينبغي فهي بصدد بيان الاداب وهي شرطا لكمال الصلاة لا لصحتها فقوله عليه السلام: "يَنْبَغِي لِلصُّفُوفِ أَنْ تَكُونَ- تَامَّةً مُتَوَاصِلَةً بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ" بصدد بيان الادب في من وقف في كل صف، و قوله: " وَ- لَا يَكُونَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ مَا لَا يُتَخَطَّى- يَكُونُ قَدْرُ ذَلِكَ مَسْقَطَ جَسَدِ إِنْسَانٍ إِذَا سَجَدَ". في بيان ادب الفصل بين الصفين في مكان الأقدام وهذا كذلك شرط للكمال لا للصحة ولكن المراد من بين الصفين بين الموقفين منهما فيفيد استحباب كون الفصل بين الصفين بمقدر السجدة لا اكثر.

اما في الرواية الثانية يبين الفصل بين موقف المقدم مع مسجد المؤخر ولذا قال: "إِنْ صَلَّى قَوْمٌ- وَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الْإِمَامِ مَا لَا يُتَخَطَّى- فَلَيْسَ ذَلِكَ الْإِمَامُ لَهُمْ بِإِمَامٍ- وَ ايضا قال: أَيُّ صَفٍّ كَانَ أَهْلُهُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ- وَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الصَّفِّ الَّذِي يَتَقَدَّمُهُمْ مَا لَا يُتَخَطَّى- فَلَيْسَ لَهُمْ تِلْكَ بِصَلَاةٍ- وايضا قَالَ: "أَيُّمَا امْرَأَةٍ صَلَّتْ خَلْفَ إِمَامٍ- وَ بَيْنَهَا وَ بَيْنَهُ مَا لَا يُتَخَطَّى فَلَيْسَ لَهَا تِلْكَ بِصَلَاةٍ"- فنفي حقيقة الصلاة الذي هو ظاهر في عدم الصحة تعلق بالفصل بينهم وبين الامام ، و بينهم وبين الصف التي يتقدمهم و امْرَأَةٍ صَلَّتْ خَلْفَ إِمَامٍ- وَ بَيْنَهَا وَ بَيْنَهُ" فالموضوع في الرواية الاولى الفصل بين الصفين بمواقفهما و في الرواية الثانية بين المصلي في الصف اللاحق و الصف المقدم فالتباعد يحتسب من مكان سجدة اللاحق مع مكان قدم السابق.

ثم أيد رضوان الله عليه كون المراد في الرواية الثانية الفصل بين مسجد اللاحق و موقف السابق بامورملخصها:

أحدها: العلم الخارجي، فإنّ السيرة القطعية المطّردة بين المتشرّعة في إقامة الجماعات قائمة على الفصل بين موقف الصفّ اللاحق و موقف السابق بأكثر ممّا يتخطّى، و عدم اتّصال مسجد اللاحق بموقف السابق، سيما بعد ملاحظة الفاصل الموجود بين فرش المصلّين المقتضي للفصل بين الموقفين بأكثر ممّا يتخطّى.فنستكشف من ذلك أنّ المدار في الحدّ المزبور على ملاحظته بين المسجد و الموقف، لا بين الموقفين.

الثاني: موثّقة عمّار «عن الرجل يصلّي بالقوم و خلفه دار و فيها نساء، هل يجوز لهنّ أن يصلّين خلفه؟ قال: نعم، إن كان الإمام أسفل منهنّ، قلت: فانّ بينهنّ و بينه حائطاً أو طريقاً، فقال: لا بأس» فقد دلّت على نفي البأس عن وجود الطريق بين المأموم و الإمام، و معلوم أنّ الطريق يوجب الفصل بين الموقفين بأكثر ممّا يتخطّى، نعم لا إطلاق في الموثّق من حيث سعة الطريق كي ينافي هذه الصحيحة المتضمّنة للقدح فيما إذا كان الفصل بين المسجد و موقف السابق بأزيد ممّا يتخطّى، بل هو ناظر إلى أنّ الطريق في حدّ ذاته و من حيث هو طريق غير قادح في الصحّة. و على تقدير الإطلاق فيقيّد بالصحيحة جمعاً.و على أيّ حال فالمستفاد من الموثّق عدم قدح الفصل بين الموقفين المتخلّل بينهما الطريق بأكثر ممّا يتخطّى.

الثالث: صحيحة عبد اللّٰه بن سنان عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) «قال: أقلّ ‌ ما يكون بينك و بين القبلة مربض (مربط) عنز، و أكثر ما يكون مربض فرس» بناء على أنّ المراد بالقبلة هو إمام الجماعة دون الكعبة، و إلّا فبيننا و بينها مئات من الفراسخ. فقد تضمّنت تحديد البعد بين المأموم و الإمام في وقوفهما و أنّ أقلّه مربض عنز، و هو المعادل لمسقط جسد الإنسان إذا سجد، و أكثره مربض فرس. و معلوم أنّ مربض الفرس غير قابل للتخطّي، نعم إذا كانت المسافة بين الموقفين بهذا المقدار فما بين مسجد المأموم و موقف الإمام قابل للتخطّي. فيستفاد مما ذكر ان الفاصل المحتوم هو بما يتخطي من مسجد المتاخر الى موقف المتفدم.

قال المصنف في بيان شرط أخر لصلاة الجماعة: (الرابع: أن لا يتقدّم المأموم على الإمام في الموقف، فلو تقدّم في الابتداء أو الأثناء بطلت صلاته (1) إن بقي على نيّة الائتمام (2) و الأحوط‌ تأخّره عنه (3) و إن كان الأقوى جواز المساواة (4) و لا بأس بعد تقدّم الإمام في الموقف أو المساواة معه بزيادة المأموم على الإمام في ركوعه و سجوده لطول قامته و نحوه، و إن كان الأحوط (5) مراعاة عدم التقدّم في جميع الأحوال حتّى في الركوع و السجود و الجلوس و المدار على الصدق العرفيّ.)

تعليقات لبعض الفقهاء:

(1) قال الشيخ آقا ضياء: (بطلان الصلاة بالإخلال بمثل هذه الأُمور طرّاً باعتقاد صحّة الجماعة محطّ نظر بل منع على ما اتّضح وجهه من بعض الفروع السابقة).

وقال السيد محسن الحكيم: (إذا كان فيها ما يوجب بطلان صلاة المنفرد).

وقال الإمام الخميني: (جماعة دون فرادى إلّا مع زيادة ركن أو ترك القراءة عمداً.)

و قال السيد الخوانساري: (في إطلاقه تأمّل فإنّه إذا أتى بما هو وظيفة المنفرد فلا دليل على البطلان).

وقال السيدالخوئي: (هذا إذا أخلّ بوظيفة المنفرد و إلّا بطلت الجماعة فقط).

(2) قال السيدالگلپايگاني: (.بل إن لم يعمل بوظيفة المنفرد و إلّا فلا تضرّه النيّة).

وقال الشيخ آل ياسين: (و أخلّ بوظيفة المنفرد).

وقال السيد عبد الهادي الشيرازي: (و أخلّ بوظيفة المنفرد أو شرع في صلاته).

وفال الشيخ كاشف الغطاء: (إنّ أخلّ بوظيفة المنفرد كترك قراءة أو زيادة ركن للمتابعة و نحوه و إلّا فنيّة الائتمام وحدها غير مبطلة على الأصحّ).

(3) قالوا الآيات: الأصفهاني، الحكيم، الحائري: (لا يترك).

وقال الشيخ آل ياسين: (لا يترك و يكفي فيه أقل مسمّاه عرفاً بل الأحوط مراعاته في سائر الأحوال أيضاً).

وقال (الإمام الخميني: (لا يترك تأخّره يسيراً)

وقال السيد الگلپايگاني: ( خصوصاً في غير الواحد من الرجال).

(4) قال السيد الفيروزآبادي: (فيه تأمّل فلا يترك الاحتياط.).

وقال السيد الخوئي: (هذا إذا كان المأموم واحداً كما سيأتي.).

وقال الشيخ (كاشف الغطاء فيه إشكال فلا يترك الاحتياط بالتأخّر خصوصاً مع تعدّد المأمومين).

(5) قالوا الآيات البروجردي، الگلپايگاني، الحكيم، الخوانساري: (لا يترك.).

وقال الشيخ النائيني: (هذا الاحتياط لا يترك.).

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo