< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

42/03/23

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الصلاة/صلاة الجماعة /مانعية الحائل عن صحة الجماعة

 

كان بحثنا في الشرط الاول الذي ذكره السيد لصحة الجماعة و هو: (أن لا يكون بين الإمام و المأموم حائل يمنع عن مشاهدته، و كذا بين بعض المأمومين مع الآخر ممّن يكون واسطة في اتّصاله بالإمام، الى آخره). [1]

ثبت في الجملة ان الحائل بين الامام والمامومين وبينهم يضر بصحة الصلاة لصحيحتي زرارة المذكورة في الوسائل في بابي 59 و 62 حيث كان فيهما (وَ إِنْ كَانَ سِتْراً أَوْ جِدَاراً فَلَيْسَ تِلْكَ لَهُمْ بِصَلَاةٍ) والحديث رواها المحمدون الثلاثة

فثبتت مانعية السترة او الجدار ولكن هناك موثّقة الحسن بن الجهم ظاهرها معارض للصحيحة واليك نصها: وَ عَنْهُ ( اي الشيخ عن احمد بن محمد ) عَنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجَهْمِ قَالَ: سَأَلْتُ الرِّضَا ع عَنِ الرَّجُلِ يُصَلِّي بِالْقَوْمِ- فِي مَكَانٍ ضَيِّقٍ وَ يَكُونُ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَهُ سِتْرٌ- أَ يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمْ قَالَ نَعَمْ.[2]

ان صاحب الوسائل عالج التعارض باحد الجوه الثلاثة فقال: (هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى سِتْرٍ لَا يَمْنَعُ الْمُشَاهَدَةَ أَوِ الْأَسَاطِينِ أَوْ عَلَى التَّقِيَّةِ).[3]

وقال السيد الخوئي: و يقال: إنّ مقتضى الجمع العرفي حمل الصحيحة على الاستحباب، فيراد من قوله (عليه السلام) فيها: «فليس تلك لهم بصلاة» نفي الكمال، كما في قوله (عليه السلام): «لا صلاة لجار المسجد إلّا في المسجد» لا نفي الصحّة لتدلّ على المانعية).

ثم يشكل عليه بقوله: و فيه أوّلًا: أنّ الموثّق مضطرب المتن، فحكي تارة كما أثبتناه، و أُخرى كما عن بعض نسخ الوافي بتبديل الستر بالشبر بالشين المعجمة و الباء الموحّدة و لعل الثاني أقرب إلى الصحّة و أوفق بالاعتبار، لكونه الأنسب بفرض ضيق المكان، فإنّ المأموم إذا كان وحده يصلّي على أحد جانبي الإمام وجوباً أو استحباباً، و إذا كان امرأة أو أكثر من الواحد يقف خلفه وجوباً أيضاً أو استحباباً.و المفروض في الموثّق تعدّد المأمومين، لقوله: «يصلّي بالقوم»، فيلزم على الرجل أن يقف خلف الإمام، و لكن حيث إنّ المكان ضيّق فلا يسعه الوقوف إلّا على جانب الإمام، فسئل حينئذ أنّ الفصل بينه و بين الإمام إذا كان بمقدار الشبر فهل تجوز الصلاة، فأجاب (عليه السلام) بقوله: «نعم». فالمعنى إنّما يستقيم على هذا التقدير، و إلّا فالسؤال عن وجود الساتر لا يرتبط مع فرض ضيق المكان كما لا يخفى. و عليه فالموثّق أجنبي عمّا نحن فيه).[4]

اقول: أما الاضطراب فلا يحصل لوجود نسخة من الوافي بلفظ آخر مادام في الوسائل ورد الستر وكذلك في التهذيب ورد ستر فلا يقاوم الوافي للوسائل والتهذيب خصوصا و في النسخ الوافي خلاف فلا يثبت ما هو قول الفيض رضوان الله عليه.

اما أقربية الستر إلى الصحّة و أوفقيته بالاعتبار، لكونه الأنسب بفرض ضيق المكان، لا يمكن القناعة به فانه من المحتمل ضيق المكان كان بالنسبة الى القوم ولم يجد مكانا للصلاة الا خلف الستر فيسأل عن الامام عن الجواز فيجيبه بنعم. فلا وجه لرفع اليد عن ظاهر النص ونقدم ما لم يثبت نسبته الى صاحبه.

اذاً لابد من الذهاب الى ماذهب اليه صاحب الوسائل فالامر الاول هو حمل مفردة الستر في الموثقة الى ما لا يمنع عن المشاهدة و حمل المفردة الستر في صحيحة زرارة على الستر المانع عن المشاهدة. ولكن هذا الجمع جمع تبرعي لا شاهد له في الكلام و ظاهر الستر ما هو ساتر في كلا الموردين فلا يمكن الذهاب اليه. واما الامر الثاني وهو كون المراد من الستر الاساطين فإن كانت الاسطوانة غير مانع من الرؤية فلا يطلق عليها الساتر وان كان ساترا لا تصح الصلاة خلفه مضافا الى ان ما كان في نسخة الكليني والشيخ كان سترة او جدار ولا يطلق السترة على الاستوانة بل هي تطلق على ما كان من قماش وامثاله الذي يعلق من الاعلى.

فلا يبقى طريق الا حمل ما ورد في صحيحة زرارة على الاستحباب او فقل على كراهة الصلاة وراء السترة، وهذا الذي تقتضيه الصناعة، ولكنه خلاف ما هو مقبول عند فقهاء الشيعة فلا محيص الا حمل مافي الموثقة الى التقية ولا أقل من القول بالاحتياط الوجوبي لترك الجماعة للرجال وراء السترة.

هنا نكتفي في الشرط الاول بما قلنا ولا ندخل في التفاصيل لاتها مذكورة في كلام السيد في المستقبل القريب فنواكب في البحث ما ورد في العروة ونذهب الى الشرط الثاني في كلام السيد اليزدي.

قال السيد اليزدي: الثاني: أن لا يكون موقف الإمام أعلى من موقف المأمومين علوّاً معتدّاً به دفعيّاً كالأبنية و نحوها، لا انحداريّاً على الأصحِّ من غير فرق بين المأموم الأعمى و البصير و الرجل و المرأة و لا بأس بغير المعتدّ به‌ ممّا هو دون الشبر (1) و لا بالعلوّ الانحداري حيث يكون العلوّ فيه تدريجيّاً على وجه لا ينافي صدق انبساط الأرض، و أمّا إذا كان مثل الجبل فالأحوط ملاحظة قدر الشبر (2) فيه، و لا بأس بعلوّ المأموم على الإمام و لو بكثير (3).[5]

تعليقات على هذه المسألة:

(1) قال الشيخ الحائري: (لا يترك الاحتياط فيما دون الشبر أيضاً). [6]

وقال السيد البروجردي: (التقدير بالشبر لا دليل عليه بعد اختلاف النسخ في الحديث نعم لا بأس بالعلو اليسير الذي لا يعتدّ به). [7]

وقال الإمام الخميني: (الأحوط الاقتصار على مقدار يسير لا يرى العرف أنّه أرفع منه). [8]

وقال السيد الگلپايگاني: (إذا كان يسيراً لا يعتدّ به). [9]

(2) قال الإمام الخميني: (بل القدر الغير المعتدّ به). [10]

وقال السيد الگلپايگاني: (بل اليسير كما مرّ)َ. [11]

(3) قال الشيخ آقا ضياء:: (في إطلاقه على وجه يحتسب المأموم أجنبيّا عن الإمام تأمّل).[12]

وقال الشيخ آل ياسين: (بشرط أن لا يضرّ بصدق الاجتماع عرفاً و إلّا كان مشكلًا).[13]

وقال السيدالبروجردي: (بشرط أن لا يكون بحيث لا يصدق معه الاجتماع). [14]

وقال السيد محسن الحكيم: (بالمقدار الذي لا ينافي صدق الجماعة في عرف المتشرّعة). [15]

وقال الإمام الخميني: (كثرة متعارفة كسطح الدكان والبيت لا كالأبنية العالية المتداولة في هذا العصر). [16]

وقال السيد عبد الهادي الشيرازي: (في العلوّ المفرط إشكال). [17]

وقال السيدالگلپايگاني: (بشرط صدق الجماعة). [18]

و قال ميرزاالنائيني: (إذ لو كان مفرطاً ففيه إشكال). [19]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo