< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

42/03/16

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الصلاة/صلاة الجماعة /مسألة30

في اليوم الماضي تناولنا بالبحث مقطعين من تفاصيل المسألة 30 و استنتجنا من بحثنا ان الاقرب للذي خاف رفع الامام رأسه من الركوع فنوى وكبر، انه مخير بين ان يمشى للالتحاق الى صفوف الجماعة وهو راكع و أن يتابع الامام في افعاله وهو في مكانه و يمشي الى الصفوف بعد القيام الى الركعة الثانية. كما ورد في تعليقة المرحوم آية الشيخ عبد الكريم الحائري على العروة (الأحوط الاقتصار في المشي بحال الركوع و القيام.)[1] كما ان استاذي سماحة آية الله الشيخ الوحيد الخراساني دام ظله في تعليقته على المنهاج: قال (الاحوط وجوبا أن يكون المشي حال الركوع او حال قيام الامام للثانية)[2]

قد يزعم القاري للعروة بان السيد أراد من طرح هذه المسألة معالجة من خاف عدم الوصول الى صفوف الصلاة بأن يكبر وهو بعيد عن الصفوف بما لا تصح الجماعة بذاك البعد فاستثني هذا المورد من اشتراط عدم بعده اكثر من مربض عنز او الخطوة و لكن من ذيل كلامه حيث قال:

(سواء كان لطلب المكان الأفضل أو للفرار عن كراهة الوقوف في صفّ وحده أو لغير ذلك)[3] ، يظهر ان هذا الحكم ليس فقط لمعالجة صحة الصلاة الفاقدة عند تكبيرة الاحرام لشرط القرب من الصفوف، بل كما ان هذه المسألة تعالج الصلاة الفاقد للشرط اللازم كذلك تعالج فقدان الشرط الراجح، كدرك المكان الافضل كاللحوق بالصف الاول او وقوع على فرش انظف او انعم، او الخروج من كراهة وقوفه لوحده في صف، او بدواعي اخرى كوقوعه قرب صديقه او فراره عن قرب المبتلى بمرض عادي، او غير ذلك، فهذه الدواعي حكم بعضها ورد في النصوص كعلاج البعد الغير المغتفر و علاج الوقوع في صف وحده، وبعضها يستفاد مما يدل على جواز الفعل القليل الذي لا يخرج المصلي عن القدوة ولا يشتمل على إحدى مبطلات الصلاة كالانحراف عن القبلة وغيرها.

ثم تطرق المصنف في بيان كيفية اللحوق فقال:

(و سواء كان المشي إلى الأمام أو الخلف أو أحد الجانبين بشرط أن لا يستلزم الانحراف عن القبلة)[4] ويستفاد مما ذكر في هذا المقطع اطلاق ما دل على لزوم المشي الى صفوف الجماعة ولم يقيد بأحد الجوانب الاربعة لأن الذي يريد الالتحاق بالصفوف قد ياتي من وراء المصلين و قد يأتي من أحد الجانبين و لكن المجيء من الامام لا يمكن الاقتداء الا اذا وصل الى محاذي الامام او المتاخر منه والفرض الممكن في القضية انه ادرك الامام في الركوع ولم يجد فراغا في الصف الاول كي يدخل فيه فنوى وكبر و وقف امام الصف الاول ثم في الركوع او الركعة الثانية يتقهقر الى الخلف ليدخل في فسحة ورائه فالاطلاق يشمل هذا الفرض ايضاً

نعم هناك رواية منعت من الحركة الى الخلف وهي صحيحة محمد بن مسلم: وَ بِإِسْنَادِهِ –شيخ في التهذيب- عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنْ‌ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: قُلْتُ لَهُ الرَّجُلُ يَتَأَخَّرُ وَ هُوَ فِي الصَّلَاةِ- قَالَ لَا قُلْتُ فَيَتَقَدَّمُ- قَالَ نَعَمْ مَاشِياً إِلَى الْقِبْلَةِ.وَ رَوَاهُ الْكُلَيْنِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ مِثْلَهُ[5] في سنده ربعي و هو على ما وصفه النجاشي: (ربعي بن عبد الله بن الجارود بن أبي سبرة الهذلي أبو نعيم البصري ثقة) فالسند صحيح. واما الدلالة فقد ورد فيها النهي عن التأخر والنهي في العبادات يفيد البطلان.

و اجاب عن هذا الاستدلال السيد الخوئي بقوله: (أنّ مفاد الصحيحة المنع عن التأخّر في مطلق الصلوات من دون فرق بين الجماعة و الفرادى، فلم ترد لخصوص حكم المقام و إن أدرجها صاحب الوسائل (قدس سره) في روايات الباب. و لا شكّ في جواز التأخّر للمنفرد، لعدم كونه من قواطع الصلاة بالضرورة. و عليه فلا بدّ من حملها و لو بقرينة الذيل الدالّ على جواز المشي إلى القبلة‌ على ما إذا كان التأخّر مستلزماً للاستدبار أو الانحراف عن القبلة كما هو المتعارف، و أمّا المشي بنحو القهقرى المبحوث عنه في المقام فهو غير مشمول للصحيحة، و مقتضى الإطلاق السالم عن المعارض هو جوازه كما لا يخفى)[6]

اقول: مما يؤيد كلامه من جواز التاخر القهقرى هو ما ورد في آداب الجماعة من انه اذا كان المأموم واحدا يقف عن يمين الامام بمحاذاته فان دخل ثاني في الجماعة يتقدم الامام او يتأخر المأموم فيحمل ما في هذه الصحيحة من منع التأخر الى مايلزم منه الانحراف عن القبلة او يحمل على الكراهة. ثم بما ان صحيحة محمد بن مسلم و صحيحة عبد الرحمن وغيرهما تدل على وجوب او استحباب التاخر عند الحاجة الى اللحوق بالجماعة او الى مكان افضل فتخصص اطلاق هذه الصحيحة فترتفع الكراهة في مورد اللحوق الى صفوف الجماعة.

ثم اشار المصنف الى ان مسألة جواز الدخول في الجماعة لمن يخاف عدم ادراك الركوع انما يختص بالعفو البعد لا عن سائر الشروط فقال: (و أن لا يكون هناك مانع آخر من حائل أو علوّ أو نحو ذلك) لان دليل مانعية سائر الموانع لا مانع من مفعولها و هذه الادلة انما تشمل العفو عن البعد.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo