< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

42/03/02

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة

وصل بحثنا قبل العطلة الاربعينية الى مسألة 29 حيث قال السيد رضوان الله عليه: (إذا أدرك الإمام في السجدة الأُولى أو الثانية من الركعة الأخيرة و أراد إدراك فضل الجماعة نوى وكبّر و سجد معه السجدة أو السجدتين و تشهّد، ثمّ يقوم بعد تسليم الإمام و يستأنف الصلاة و لا يكتفي بتلك النيّة و التكبير، و لكن الأحوط إتمام الأُولى‌ بالتكبير الأوّل، ثمّ الاستئناف بالإعادة).[1]

وقد ذكرنا بعض التعليقات من فقهاءنا المعاصرين يمكن تلخيصها في ثلاثة اقوال:

الأول: ان ينوي بتكبيره مجرد متابعة الامام فيما بقي من صلاته دون نية الصلاة، وأمّا ان نوى افتتاح الصلاة فلابد من الاحتياط بإكمال الصلاة ثم اعادتها.

الثاني: جواز الاكتفاء بالنية وتكبيرة الاحرام السابق إذا لم يدرك الا سجدة واحدة.

الثالث: إتيان تكبيرة الأولى والثانية بقصد القربة المطلقة حتى تقع أحدهما تكبيرة الإحرام.

وقلنا سبب الخلاف في هذه المسألة، الاختلاف في الروايات سندا ودلالة ووعدناكم التطلع على الروايات فاليوم نريد ان نفي بوعدنا.

الوجه في جواز الايتمام في السجدة الأخيرة هو صحيحة محمد بن مسلم، واليك نصها:

مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى عَنِ ابْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ عَاصِمٍ يَعْنِي ابْنَ حُمَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: قُلْتُ لَهُ مَتَى يَكُونُ يُدْرِكُ الصَّلَاةَ مَعَ الْإِمَامِ- قَالَ إِذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ- وَهُوَ فِي السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ صَلَاتِهِ- فَهُوَ مُدْرِكٌ لِفَضْلِ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ).[2] السند صحيح لا غبار عليه فقال النجاشي في العاصم: (الحناط الحنفي أبو الفضل مولى كوفي ثقة عين صدوق) وقال الكشي في شأته عند ترجمة أسلم: (صدوق لا يشهد الا بالحق ولا يتكلم الا به) ووجه الاستدلال بها: ان محمد بن مسلم سأل عن اقصى ما يمكن أدراك الامام في صلاته فأجاب الامام عليه السلام في السجدة الأخيرة ولا وجه لاحتمال كون مراد الامام إدراكه في محل صلاته دون الاقتداء به، لان السؤال عن إدراك الصلاة مع الامام يعني كون صلاته مع صلاة الامام وهو لا يتحقق الا بالاقتداء. وما قاله السيد في هه المسألة اعم من السجدة الثانية والأولى والصحيحة في بيان آخر فرصة لإدراك الجماعة فتشمل بالأولى السجدة الاُولى..

لا يقال: ان هذا الاقتداء يلازم الزيادة في الصلاة خصوصا اذا كان في السجدة الأولى فيستلزم زيادة الركن. لأنا نقول: إن تم هذا الدليل سندا ودلالة نجعله مخصصا لما يدل على بطلان الزيادة في الصلاة لأن للشارع ان يخصص كل عام ويقيد كل مطلق من احكامه بما يريد.

وقال السيد الخوئي رضوان الله عليه: (كما أنّ احتمال الافتقار إلى استئناف التكبير وعدم دلالة الرواية على الاجتزاء بالأُولى في غاية البعد، ومخالف جدّاً لظهورها العرفي كما لا يخفى نعم، مقتضى الاحتياط هو الإتيان بتكبيرة مردّدة بين تكبيرة الافتتاح والذكر المطلق كما سبق).[3]

فهو أفتى بجواز الاكتفاء بالنية وتكبيرة الاحرام السابقتين.

اقول: لو كنا نحن وهذه الصحيحة فقط لقلنا بكفاية النية والتكبير لإكمال صلاته بعد الإمام من دون حاجة الى إعادتها، ولكن بما أنّ هناك روايات صحيحة تدل على ان آخر فرصة للإلتحاق بالجماعة هو الركوع كصحيحة سليمان بن خالد واليك نصها:

مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: فِي الرَّجُلِ إِذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ وَ هُوَ رَاكِعٌ- وَ كَبَّرَ الرَّجُلُ وَ هُوَ مُقِيمٌ صُلْبَهُ- ثُمَّ رَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ- فَقَدْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ"[4] سنده لا بأس به فان النجاشي قال في سليمانَ: (كان قاريا فقيها وجها) و ذكر توجع الامام لفقده و غير ذلك مما يدل على جلالة شأنه.

واما الدلالة على المراد فيستفاد من جعل الامام عليه السلام ركوعه قبل ان يرفع الامام رأسه ميزانا لدرك الركعة.

و كذلك في صحيحة الحلبي قريب من هذا البيان واليك نصها: ( مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِذَا أَدْرَكْتَ الْإِمَامَ وَ قَدْ رَكَعَ- فَكَبَّرْتَ وَ رَكَعْتَ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ- فَقَدْ أَدْرَكْتَ الرَّكْعَةَ- وَ إِنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ أَنْ تَرْكَعَ- فَقَدْ فَاتَتْكَ الرَّكْعَةُ".[5]

سند الصدوق الى الحلبي صحيح، مضافاً الى رواية الشيخ والكليني لهذا الحديث‌.

واما الدلالة فالإمام قيد إدراك الركعة بادراك الركوع بعقد إيجابي وعقد سلبي.

وغيرها مما ورد في هذا الباب، وكذلك ما ورد في باب 44 من أبواب صلاة الجماعة حيث شرط إدراك الركعة بادراك تكبيرة الركوع فدلالتها الأولوية تؤكد على توقف إدراك الركعة بادراك الركوع، ولو رفعنا اليد عن تقيد صحة الصلاة بادراك تكبيرة الركوع، وحملناها على الأفضلية جمعا بينها وبين ما هو نص على إدراك الركعة بادراك الركوع. وقد مر بنا هذا البحث بتفصيل لا مزيد عليه.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo