< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

42/02/10

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: إطلاق مجرى قاعدة الفراغ والتجاوز-مثالين كلام السيد الخويي-دخول في الجماعة والإمام في تشهد الأخيرة/ صلاة الجماعة/ كتاب الصلاة

قد فرغنا في اليوم الماضي عن بيان اطلاق قاعدتي التجاوز والفراغ سواء علم المكلف بغفلته حين العمل او لم يعلم بل يكفيه مجرد الشك في صحة العمل السابق.

اود هنا ان نركز على نقطة في كلام السيد الخوئي رضوان الله عليه هو أتى بمثالين لما نحن فيه فقال: (كما لو صلّى إلى جهة معيّنة و شكّ بعد الفراغ في أنّها هي القبلة أو لا، أو توضّأ بمائع معيّن ثمّ شكّ في إطلاقه فلا تجري القاعدة حينئذ، لمساواة ما بعد الفراغ مع حال العمل من حيث الذكر و عدمه، لعدم كون الشكّ في فعل اختياري، بل في أمر واقعي لا يعود إليه بوجه، و هو اتّصاف الجهة بكونها القبلة صدفة و اتّفاقاً، كاتّصاف الماء بالإطلاق، و لا تتكفّل القاعدة بإثبات الصحّة المشكوك فيها اعتماداً على المصادفات الاتّفاقية).[1]

ان المدعى له هو عدم جريان القاعدة فيمن يعلم بانه لم يكن ذاكرا حين العمل سواء عدم ذكره لان الامر المحتمل في خلله كان فعل الغير وخارجا عن ارادته او كان فعله، و لكن عند العمل لم يكن ملتفتا الى عمله. وفي المثالين يتصور كلا الحالتين: وقد يكون المكلف صلى في مكان ولكن نسي هل صلى الى القبلة او اخطاء القبلة، في هذه الحالة لا اشكال عند المشهور في اجراء قاعدة الفراغ، و لو علم بانه لم يكن عند العمل في حالة الذكر والتوجه الى فعله. وقد يكون يصلي الى جهة معينة مثلا بالتجاه شباك الغرفة لما تعود في بيته هكذا حيث ان القبلة في بيته متجهة الى شباك الغرفة و بعد الفراغ يشك ان تلك الجهة المعينة كانت باتجاه القبلة او لا؟ وهذه الحالة هي التي ذكرها سماحته. فيمكن القول بوجوب التحقيق عن صحة الصلاة السابقة خصوصا اذا كان في الوقت، فان كانت صلاته الى القبلة فهي والا يعيد الصلاة لان القبلة من المستثنى في حديث لا يعاد فانه لو كانت صلاته منحرفاً عن القبلة اكثر من 90 درجة فلم تحقق له صلاة حتي يكون شكه بعد الفراغ من الصلاة.

كذلك في قضية ماء الوضوء فان شكه في اطلاق الماء شك في مائيته فيعود شكه الى انه هل توضأ بماء اولا؟ فليس دخوله في الوضوء ثابت حتى يتعلق الشك في نقصان جزء او شرط بعد الفراغ او التجاوز بل الشك يعود الى اصل الوضوء أي يشك في انه توضأ او لا؟ فليس موضوعاً لقاعدة الفراغ او التجاوز.

فاتضح ان عدم جريان القاعدة ليس سببه : (لمساواة ما بعد الفراغ مع حال العمل من حيث الذكر و عدمه)[2] ، بل لان دخوله في العمل غير ثابت كي نصحح العمل بقاعدة الفراغ او التجاوز. فتأمل جيداً. نعم ان كان الشك بعد مضي الوقت يبني على اتيان الصلاة للأدلة التي تدل على ان من شك في اتيان الصلاة بعد مضي الوقت يبني على اتيانها.

وخلاصة القول ان الاستصحاب لا يجري في الشك الساري لا في الشك الساري لا يبقى يقين بعد الشك والاستصحاب يحتاج الى يقين سابق وشك لاحق ولكن قاعدة التجاوز والفراغ تجريان في الشك الساري بل موضوعهما هو الشك الساري.

قال السيد رضوان الله عليه: (مسألة 28): إذا أدرك الإمام و هو في التشهّد الأخير يجوز له الدخول معه (1) بأن ينوي و يكبّر ثمّ يجلس معه و يتشهّد (2)، فإذا سلّم الإمام يقوم‌ فيصلّي من غير استئناف (3) للنيّة و التكبير، و يحصل له بذلك فضل الجماعة، و إن لم يحصل له ركعة).[3]

هنا نطل اطلالة على بعض التعليقات في هذه المسألة:

(1) قال الشيخ الحائري: (فيه إشكال فلا يترك الاحتياط المذكور في الحاشية الآتية). أي ينوي القربة المطلقة في كلا التكبيرين ولا حاجة الى الاعادة.

(2) قال الشيخ محمد رضا آل ياسين: (بقصد القربة المطلقة على الأحوط).

(3) قال السيد الفيروزآبادي: (فيتمّ صلاته و يعيد على الأحوط).

فتوى السيد رضوان الله عليه هو المشهور بين الفقهاء مستندا الى موثقة عمار المذكورة في الايام الاخيرة من بحثنا وهي: لموثّقة عمّار عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) قال: «سألته عن الرجل يدرك الإمام و هو قاعد يتشهد و ليس خلفه إلّا رجل واحد عن يمينه، قال: "لا يتقدّم الإمام و لا يتأخّر الرجل و لكن يقعد الذي يدخل معه خلف الإمام، فإذا سلّم الإمام قام الرجل فأتمّ صلاته".[4]

مستظهرا بقوله سلام الله عليه: "اتم صلاته" حيث ان اتمام الصلاة ملازم لدخوله فيها عند التكبير.

وقد جمع صاحب الوسائل بين الموثقتين بقوله: (هَذَا يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ وَ الْأَوَّلُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ يَتَضَمَّنُ التَّشَهُّدَ الثَّانِيَ وَ هَذَا فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ)[5] و قلنا هذين الجمعين لا مشكل فيهما الا ان الجمع الثاني رافع لموضوع الجمع الاول.

ثم ابدينا جمعا آخر بان نقول انّ موثقة الاولى لم يرد فيها الامر بالتكبير و عدم تقدم الامام او تأخر المأموم قرينة على عدم دخوله في الجماعة فلابد من جعل المراد من قوله اتم صلاته أي يأتي بصلاة تامة و عند ذلك يرتفع الاشكال.

وخلاصة القول ان من ادرك الامام في الركعة الاخيرة له ان يكبر و يجلس و يتشهد مع الامام ويسلم ثم يستأنف الصلاة فبهذا يبرء ذمته وادرك فضيلة الجماعة ولم يرتكب محرما حتى على القول بكفاية التكبيرة الاولى لاستمرار الصلاة، لأنّنا قلنا سابقا بان نقض الصلاة لا يجوز اذا كان من باب الاستهانة بها و لكن اذا كان لعذر او طلب مصلحة لا بأس بنقضها.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo