< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

42/02/08

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة

كان كلامنا في قاعدة التجاوز والفراغ على ما قيد السيد الخوئي جريانهما بما لم تكن صورة العمل محفوظة عند الشاك وقد ذكرنا في الجلسة السابقه بيانه بالتفصيل فنعيد ملخص بيانه اليوم لعرضه عرضة للنقاش:

قال: (انّ الظاهر بمقتضى التعليل بالأذكرية و الأقربية إلى الحقّ في نصوص القاعدة أنّ حجّيتها من باب تتميم ما لَها من الكاشفية النوعية،.... و مقتضى ذلك اختصاص القاعدة بما إذا لم تكن صورة العمل محفوظة، كي يتمّ التعليل بالأذكرية، فكلّ خلل احتمل المكلّف صدوره منه من ترك جزء أو شرط، أو الإتيان بالمانع لشكّه في كيفية ما فعله لا يعتني بهذا الاحتمال لكونه حين العمل أذكر. و أمّا مع إنحفاظ صورة العمل و عدم احتمال الخلل اختياراً، و تمحّض احتمال الصحّة في الصدفة الخارجة عن الاختيار.... فلا تجري القاعدة حينئذ، لمساواة ما بعد الفراغ مع حال العمل من حيث الذكر و عدمه).[1]

اقول استفاد رضوان الله عليه هذا القيد مما ورد في موثقة: بُكَيْرِ بْنِ أَعْيَنَ قَالَ: قُلْتُ لَهُ الرَّجُلُ يَشُكُّ بَعْدَ مَا يَتَوَضَّأُ- قَالَ "هُوَ حِينَ يَتَوَضَّأُ أَذْكَرُ مِنْهُ حِينَ يَشُكُّ" فاعتبره تعليلا للحكم.

وكذلك ما ورد في صحية محمد بن مسلم عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: "إِنْ شَكَّ الرَّجُلُ بَعْدَ مَا صَلَّى- فَلَمْ يَدْرِ أَ ثَلَاثاً صَلَّى أَمْ أَرْبَعاً- وَ كَانَ يَقِينُهُ حِينَ انْصَرَفَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ أَتَمَّ لَمْ يُعِدِ الصَّلَاةَ- وَ كَانَ حِينَ انْصَرَفَ أَقْرَبَ إِلَى الْحَقِّ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ"[2] فجعل الفقرة الاخيرة تعليلا للحكم والعلة تعمم وتخصص فمعناه بما ان المكلف عند ما يأتي بعمل لا يخل فيه عمدا و بطيعة الحال انه كان ملتفتا لما فعل فهذان النصان يفيدان انه اذا شك في جزء او شرط انه لم يأت به بسبب غفلة او نسيان او اتى بمانع بسببهما يبني على عدمهما و صحة العمل بخلاف انه اذا تيقن بكونه غافلا او ساهيا حين العمل عن جزء او شرط او مانع فقطعا يعرف ان لم يكن اذكر ولا اقرب الى الحق من زمن الشك فيها وانما يحتمل تحقق الجزء او الشرط او انتفاء المانع من دون ارادته فلا يشمله ادلة قاعدة التجاوز.

اقول: كلامه هذا في غاية المتانة لو كان الفقرتان وردتا للتعليل ولكن هناك احتمال آخر بان الحكم مطلق للشاك وانما ورد "الأذكرية و الأقربية الى الحق" بعنوان حكمة الحكم. و مثله مثل العدة في الطلاق حيث يقال انها جعلت لعدم اختلاط المياه و حفظ الأنساب كما ورد في صحيحة مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا ع قَالَ: "الْعِدَّةُ مِنَ الْمَاءِ"[3] ومع ذلك وجوب الاعتداد يشمل كل امرأة مطلقة مدخول بها اذا كانت في سن من تحيض، و لو نتيقن انها لا تنجب او ان الزوج لا ينجب و قد دل على ذلك روايات كثيرة

وله مصاديق كثيرة في القوانين العرفية ايضاً: مثلا جعلوا اشارة الحمراء في تقاطع الطرق حذراً عن تصادم السيارات و لكن ايجاب الوقوف للسيارات عند اشارة الحمراء ليس خاصا بموارد توارد السيارات او احتماله، بل يجب رعايتها قانونيا ولو في منتصف الليل لان وضع الحكم تابع لحكمة الجعل و لكن وجوب تنفيذ الحكم لا يدور مدار تحقق الحكمة.

و للامعان في ادلة هذه القاعدة نتطلع الي بعض النصوص التي وردت ف هذه القاعدة:

1-مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنِ الْمُفِيدِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ وَ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِيزٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِذَا كُنْتَ قَاعِداً عَلَى وُضُوئِكَ- فَلَمْ تَدْرِ أَ غَسَلْتَ ذِرَاعَيْكَ أَمْ لَا- فَأَعِدْ عَلَيْهِمَا وَ عَلَى جَمِيعِ مَا شَكَكْتَ فِيهِ- أَنَّكَ لَمْ تَغْسِلْهُ وَ تَمْسَحْهُ مِمَّا سَمَّى اللَّهُ- مَا دُمْتَ فِي حَالِ الْوُضُوءِ- فَإِذَا قُمْتَ عَنِ الْوُضُوءِ وَ فَرَغْتَ مِنْهُ- وَ قَدْ صِرْتَ فِي حَالٍ أُخْرَى فِي الصَّلَاةِ أَوْ فِي غَيْرِهَا- فَشَكَكْتَ فِي بَعْضِ مَا سَمَّى اللَّهُ- مِمَّا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْكَ فِيهِ وُضُوءَهُ- لَا شَيْ‌ءَ عَلَيْكَ فِيهِ- فَإِنْ شَكَكْتَ فِي مَسْحِ رَأْسِكَ فَأَصَبْتَ فِي لِحْيَتِكَ بَلَلًا- فَامْسَحْ بِهَا عَلَيْهِ- وَ عَلَى ظَهْرِ قَدَمَيْكَ فَإِنْ لَمْ تُصِبْ بَلَلًا- فَلَا تَنْقُضِ الْوُضُوءَ بِالشَّكِّ- وَ امْضِ فِي صَلَاتِكَ- وَ إِنْ تَيَقَّنْتَ أَنَّكَ لَمْ تُتِمَّ وُضُوءَكَ فَأَعِدْ عَلَى مَا تَرَكْتَ يَقِيناً- حَتَّى تَأْتِيَ عَلَى الْوُضُوءِ الْحَدِيثَ. وَ رَوَاهُ الْكُلَيْنِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ جَمِيعاً عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ حَرِيزٍ وَ رَوَاهُ الشَّيْخُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ مِثْلَهُ سنها صحيح رواها الشيخ بسندين كما راها الكليني في كتابه. واما الدلالة فمطلقة غير مشروط الا بالفراغ من العمل.[4]

2- وَ عَنِ الْمُفِيدِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ‌ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِذَا شَكَكْتَ فِي شَيْ‌ءٍ مِنَ الْوُضُوءِ- وَ قَدْ دَخَلْتَ فِي غَيْرِهِ فَلَيْسَ شَكُّكَ بِشَيْ‌ءٍ- إِنَّمَا الشَّكُّ إِذَا كُنْتَ فِي شَيْ‌ءٍ لَمْ تَجُزْهُ. وَ رَوَاهُ ابْنُ إِدْرِيسَ فِي آخِرِ السَّرَائِرِ نَقْلًا مِنْ كِتَابِ النَّوَادِرِ لِأَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ مِثْلَهُ.[5] في سنده عبد الكريم بن عمرو وهو الخثعمي قال الكشي فيه: (من اصحاب موسى بن جعفر وعلي بن موسى عليهما السلام ) ومرة قال: (لقبه الكرّام كوفي واقفي خبيث) والشيخ يذكره من دون قدح والنجاشي قال: عبد الكريم بن عمرو بن صالح مولاهم كوفي روى عن ابي عبد الله و ابي الحسن عليهما السلام ثم وقف على ابي الحسن عليه السلام كان ثقة ثقة عينا يلقب كرّام. هنا على حسب القواعد يقدم الجرح على التعديل ولكن على ما اعترف به الكشي من انه كان من اصحاب موسى بن جعفر و علي بن موسى عليهما السلام و النجاشي كذلك يذكر وقفه متأخرا فلا ينفي وثاقته فكم من الصالحين انحرفوا بعد مدة مديدة عاشوا في الصلاح والخبث المذكر في كلام الكشي يعود الى وقفه فلا بأس بأخذ ما روى عن ابي عبد الله عليه السلام. واما الدلالة فهي صريحة في الاطلاق.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo