< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

42/02/04

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: إستدراك في بحث صحة الصلاة عند ما لم يصل المكلف إلى ركوع الإمام:

عند ما كان بحثنا في المسألة 25 حيث قال السيد (لو ركع بتخيّل إدراك الإمام راكعاً و لم يدرك بطلت صلاته بل و كذا لو شكّ في إدراكه و عدمه)[1] في مورد الشك ذهب بعض الفقهاء الى صحة الجماعة تمسكا باستصحاب بقاء الامام الى ان ركع المأموم و بعضهم رفضوا هذا الاستصحاب بحجة كونه استصحاباً مثبتاً وهذا الشك يسمى بالشك الطاري الذي هو موضوع الاستصحاب.

ولكن بعض المعلقين اشاروا الى امر لم يطرحه في العروة وهو كون المأموم متيقنا بالإدراك في بدو الامر ثم حصل عنده الشك والذي يسمى بالشك الساري فقالوا اذا كان الشك بعد رفع الرأس من الركوع فيبني على الصحة و بعضهم قالوا ولو كان لا زال في الركوع يكفيه ان يسري اليه الشك بعد ذكر الركوع و استندوا بقاعدة التجاوز و نحن ذكرنا هذه التعليقات من دون المناقشة فنقول استدراكا لما مضى:

اما استعمال قاعدة التجاوز بعد ذكر الركوع وقبل الخروج منه لا وجه له لان الشك ليس في صحة الذكر بل الشك في صحة الركوع لأنه شك هل ادرك ركوع الامام حتي يصح ركوعه او لم يدرك حتى يكون باطلاً، وهو لا زال في الركوع ولم يتجاوزه، نعم حصول الشك بعد القيام من الركوع في صحة الركوع موضوع لقاعدة التجاوز.

ان للسيد الخوئي رضوان الله عليه رأي في قاعدة التجاوز ولذا قال: (لا يمكن الموافقة عليه، - أي تصحيح الركوع بقاعدة التجاوز- لابتنائه على حجّية القاعدة تعبّداً، و ليس كذلك، فانّ الظاهر بمقتضى التعليل بالأذكرية و الأقربية إلى الحقّ في نصوص القاعدة أنّ حجّيتها من باب تتميم ما لَها من الكاشفية النوعية، فإنّ المكلّف الذي هو بصدد الامتثال لا يقصّر في وظيفته عامداً بطبيعة الحال، فلم يبق إلّا احتمال الغفلة أو النسيان و بما أنّه حين العمل أذكر فلا يعتني بالاحتمال المذكور. و مقتضى ذلك اختصاص القاعدة بما إذا لم تكن صورة العمل محفوظة، كي يتمّ التعليل بالأذكرية، فكلّ خلل احتمل المكلّف صدوره منه من ترك جزء أو شرط، أو الإتيان بالمانع لشكّه في كيفية ما فعله لا يعتني بهذا الاحتمال لكونه حين العمل أذكر. و أمّا مع إنحفاظ صورة العمل و عدم احتمال الخلل اختياراً، و تمحّض احتمال الصحّة في الصدفة الخارجة عن الاختيار كما لو صلّى إلى جهة معيّنة و شكّ بعد الفراغ في أنّها هي القبلة أو لا، أو توضّأ بمائع معيّن ثمّ شكّ في إطلاقه فلا تجري القاعدة حينئذ، لمساواة ما بعد الفراغ مع حال العمل من حيث الذكر و عدمه، لعدم كون الشكّ في فعل اختياري، بل في أمر واقعي لا يعود إليه بوجه، و هو اتّصاف الجهة بكونها القبلة صدفة و اتّفاقاً، كاتّصاف الماء بالإطلاق،و لا تتكفّل القاعدة بإثبات الصحّة المشكوك فيها اعتماداً على المصادفات الاتّفاقية.[2]

و المقام من هذا القبيل، إذ لا شكّ فيما يرجع إلى الركوع من ناحيته، لإنحفاظ صورة العمل، و إنّما الشكّ في أمر خارج عن اختياره، و هو رفع الإمام رأسه‌ قبل أن يستكمل المأموم ركوعه من باب الصدفة و الاتّفاق، و مثله غير مشمول للقاعدة)[3]

وما استدل به للقاعدة هذه الروايات:

1-وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ أَعْيَنَ قَالَ: قُلْتُ لَهُ الرَّجُلُ يَشُكُّ بَعْدَ مَا يَتَوَضَّأُ- قَالَ "هُوَ حِينَ يَتَوَضَّأُ أَذْكَرُ مِنْهُ حِينَ يَشُكُّ".[4]

في السند ابان بن عثمان وهو البجلي الاحمر الكوفي وقد كان يسكن البصرة ذكره الكشي في اصحاب الاجماع فهذا توثيق قوي ولو لم يوثق باسمه. وفيه بكير بن اعين وهو ابن سنسن الشيباني الكوفي و روي في شانه عن ابي عبد الله عليه السلام لما بلغه وفات بكير قال: "اما والله لقد انزله الله بين رسول الله وامير المؤمنين صلوات الله عليهما"[5] وقد ورد عنه عند ترجمة حمران بن اعين و ليث المرادي ابي بصير مرة ان بُكيراً كان مستقيما و قال ربيعة الرأي لابي عبد الله عليه السلام لم ار في اصحابك خيرا منه ومن اخوته فصدقه[6] عليه السلام ( راجع مجمع الرجال ج1 في ترجمته) و يكفي هذا المقدار في توثيقه. ووجه الاستدلال استفادة التعليل من قوله عليه السلام: " هُوَ حِينَ يَتَوَضَّأُ أَذْكَرُ مِنْهُ حِينَ يَشُكُّ" .

2- مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: "إِنْ شَكَّ الرَّجُلُ بَعْدَ مَا صَلَّى- فَلَمْ يَدْرِ أَ ثَلَاثاً صَلَّى أَمْ أَرْبَعاً- وَ كَانَ يَقِينُهُ حِينَ انْصَرَفَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ أَتَمَّ لَمْ يُعِدِ الصَّلَاةَ- وَ كَانَ حِينَ انْصَرَفَ أَقْرَبَ إِلَى الْحَقِّ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ. وَ رَوَاهُ ابْنُ إِدْرِيسَ فِي آخِرِ السَّرَائِرِ نَقْلًا مِنْ كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ".[7]

سنده صحيح ووجه الاستدلال استفادة التعليل من قوله عليه السلام " وَ كَانَ حِينَ انْصَرَفَ أَقْرَبَ إِلَى الْحَقِّ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ".


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo