< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

42/02/03

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع : حكم إدراك الإمام في التشهد / أقوال الفقهاء / إستدلال المصنف بموثقة العمار / تعارض الموثقة مع موثقة أخرى لعمار / كلام

 

صاحب الوسائل في حل التعارض والمناقشة فيه

 

قال السيد رضوان الله عليه: (مسألة 28): «إذا أدرك الإمام و هو في التشهّد الأخير يجوز له الدخول معه بأن ينوي و يكبّر ثمّ يجلس معه و يتشهّد ، فإذا سلّم الإمام يقوم‌ فيصلّي من غير استئناف للنيّة و التكبير، و يحصل له بذلك فضل الجماعة، و إن لم يحصل له ركعة»[1]

هذه المسألة مشهورة عند فقهائنا حتى ادعي عليها الاجماع ولكن هناك من خالف او شكك فيها و نشير الى بعض التعليقات على المسألة:

(1) قال: شيخ عبدالكريم الحائري: (فيه إشكال فلا يترك الاحتياط المذكور في الحاشية الآتية)[2]

انه قال يكبر تكبيرة الاولى والثانية بقصد القربة المطلقة التي هي اعم من تكبيرة الاحرام و الذكر.

(2) قال الشيخ عبد الرضا آل ياسين: (بقصد القربة المطلقة على الأحوط). [3]

(3) قال السید الفیروز آبادی: (فيتمّ صلاته و يعيد على الأحوط).[4]

يستدل على ما قاله المصنف بموثقة عمار التي ذكرناها سابقاً وهي: عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) قال: «سألته عن الرجل يدرك الإمام و هو قاعد يتشهد و ليس خلفه إلّا رجل واحد عن يمينه، قال: لا يتقدّم الإمام و لا يتأخّر الرجل و لكن يقعد الذي يدخل معه خلف الإمام، فإذا سلّم الإمام قام الرجل فأتمّ صلاته»[5] وجه الاستدلال كلمة "اتم صلاته" من انها ظاهرة في صحة التكبيرة لان الاتمام عبارة عن اكمال الناقص فاستنادا الى هذه الموثقة افتوا بجواز التكبير لإحرام الصلاة ثم الجلوس و متابعة الامام في تشهده ثم بعد تسليم الامام القيام لإكمال صلاته من دون استئناف النية والتكبير.

ثم سبب احتياط جمع من الفقهاء بإعادة الصلاة او اتيان تكبيرة بقصد القربة المطلقة الجامعة لتكبيرة الإحرام و مطلق الذكر او استئناف تكبيرة الاحرام بعد تسليم الامام. ان هناك موثقة اخرى لعمار تعارض موثقته الاولى و قد ذكرناها ايضا فيما سبق من البحث و هي: "سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام عَنْ رَجُلٍ أَدْرَكَ الْإِمَامَ- وَ هُوَ جَالِسٌ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ- قَالَ يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ وَ لَا يَقْعُدُ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَقُومَ".[6] ففيها النهي الواضح عن القعود بل يأمر ببقائه قائما حتي يقوم الامام، فبما رأوا التعارض فلم يستسلموا للأولى ايضا لأنها تسقط عن الحجية بالتعارض، فأمروا بالجمع بينهما بتكرار العمل او استئناف الصلاة بعد انتهاء صلاة الامام او اتيان تكبيرة بعد القيام بقصد الجامع بين تكبيرة الاحرام و والذكر. ومما يؤكد لزوم الاعادة هو ان الاصل ان زيادة التشهد عمدا موجب لبطلان الصلاة.

ثم ان صاحب الوسائل حل التعارض بطريقين بقوله: (هَذَا يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ وَ الْأَوَّلُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ يَتَضَمَّنُ التَّشَهُّدَ الثَّانِيَ وَ هَذَا فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ)[7] فحمل رواية الآمرة بالبقاء قائماً على الجواز والرواية الأمرة بالقعود على الاستحباب هذا هو وجه الجمع الاول في عبارته. وقد اشكل عليه السيد الخوئي بقوله: (و هو كما ترى في غاية البعد، و كيف يحمل النهي الظاهر في المنع على الجواز كي يحمل الأمر في قباله على الاستحباب؟ فإنّه لم يكن من الجمع العرفي في شي‌ء، بل هما من المتعارضين عرفاً. نعم، إذا ورد الأمر بشي‌ء في قبال نفي البأس عن تركه، أو النهي عن شي‌ء في مقابل نفي البأس عن فعله أمكن الجمع بينهما بالحمل على الاستحباب أو الكراهة، و أين ذلك من المقام؟)

اقول: ان هذا الاستغراب في غير محله لان النهي قد يأتي عن شيء ورد عليه الامر ليبين عدم وجوبه خصوصا عند ما نلاحظ ان الموجود في الموثقة ليس بصيغة النهي بل هو بصيغة النفي التي ملحق بالمضارع، ومتابعة التشهد امر ورد في الروايات واصبح هو القول المشهور حتى ادعي عليه الاجماع فقوله عليه السلام: " يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ وَ لَا يَقْعُدُ" أي لا يجب عليه القعود جمعا بينها وبين الامرة بالقعود.

والوجه الثاني للجمع الذي ورد في كلام صاحب الوسائل هو تفارق الموضوع في الموثقتين فالآمرة بالقعود موضوعها التشهد الاخيرة وموضع الناهية عن القعود هو التشهد الاولى، والسر في ذلك لو لم يجلس في التشهد الاخيرة لم يتحقق له الاقتداء، بخلاف التشهد الاولى إذ له مجال لمتابعة الامام في افعاله. نعم الوجه الثاني رافع لموضوع وجه الاول فلا يبقى مجال للتعارض كي نحمل احدهما على الاستحباب و نحمل النهي على جواز الترك فتأمل جيداً.

ولكن الوجه الذي ذكرناه في فقه الموثقة الاولى انها لم تتحدث عن تكبيرة الاحرام وانما اجاز له ان يقعد خلف الامام وهو ظاهر في عدم دخوله في الجماعة لانه لو دخل في الجماعة يصبح المأموم اثنين فلابد ان يقفا خلف الامام ولذا قوله عليه السلام "لا يتقدم الامام ولا يتأخر الرجل" قرينة على عدم دخوله في الجماعة فعند ذلك يمكن القول بان المراد من قوله عليه السلام "اتم صلاته" أي يأتي بصلاة تامة كاملة، أي يستأنف صلاته وقد حصل على فضيلة الجماعة فتدبر جيداً.

و نتيجة الكلام: الاقرب ان الاكتفاء بالتكبيرة الاولى لا يجوز بل عليه ان يعيد تكبيرة الاحرام نعم اذا اراد ان يحتاط بجمع الاقوال فيجوز له اكمال الصلاة ثم الاعادة او العدول الى النافلة واكمالها و اللحوق بالجماعة في الركعة اللاحقة ، او نقض الصلاة التي يشك في انعقادها مبنيا على ما قلنا بان نقض الصلاة اذا كان عن عذر او لجلب مصلحة لا بأس به وانما الحرام هو نقض الصلاة استهانة بها.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo