< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

42/02/01

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: صحة صلاة المكلف إذا لم يصل إلى ركوع الإمام / مدى دلالة الروايات

قلنا فيما مضى في حكم من نوى وكبر ولم يدرك ركوع الامام فتكبيرته صحيحة ثم ان استطعنا ان نصحح جماعته فهي و ان لم نستطع فتقع فرادى و فرغنا عن المناقشة في رأي من يقول بصحة الجماعة بان يقف قائما بانتظار الامام في الركعة القابلة و دخلنا في دراسة القول بمتابعة الامام في سجدته و تشهده ثم القيام و جعْلِها ركعته الاولى، و قلنا ان هذا الاسلوب فيه اشكالين: زيادة الركن و اللحوق في الجماعة في اثناء الصلاة، هذا على حسب صناعة الفقه بَدْواً ولكن ان وجدنا نصوصاً تامة على جواز هذا الاسلوب فنحن نأخذ بها فلا اجتهاد في مقابل النص.

«ثم قلنا هناك روايات لو تمت دلالتها واعتبرت اسانيدها يمكن تصحيح الجماعة بها و ذكرنا صحيحة مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ: قَالَ: قُلْتُ لَهُ مَتَى يَكُونُ يُدْرِكُ الصَّلَاةَ مَعَ الْإِمَامِ- قَالَ إِذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ- وَ هُوَ فِي السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ صَلَاتِهِ- فَهُوَ مُدْرِكٌ لِفَضْلِ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ»[1] وهي انما دلت على جواز الاقتداء في الركعة الاخيرة لدرك فضيلة الجماعة فدلالتها على الجواز، خاصٌ بالركعة الاخيرة و فيها ابهام بين جعلها الركعة الاولى، او هو امر مستقل عن الصلاة و غير مجز عن شيء و انما شرع ذلك لدرك فضيلة الجماعة ولابد من استئناف الصلاة بتكبيرة الاحرام بعد الفراغ من الجماعة.

ومنها: «وَ عَنْهُ ( اي شيخ عن محمد بن احمد يحيى) عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ خُنَيْسٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ: إِذَا سَبَقَكَ الْإِمَامُ بِرَكْعَةٍ- فَأَدْرَكْتَهُ وَ قَدْ رَفَعَ رَأْسَهُ- فَاسْجُدْ مَعَهُ وَ لَا تَعْتَدَّ بِهَا»[2]

سندها لا بأس به فان عباس بن معروف وثقه النجاشي بقوله: (قمي ثقة صحيح) و ابو عثمان هو معلى بن عثمان الاحول وثقه الشيخ والنجاشي و اما معلى بن خنيس و لو لم يرد له توثيق صريح، و لكن روى الكشي بسند صحيح عندما سمع الصادق عليه السلام بقتله قال: "اما والله قد دخل الجنة" كذلك روى قصة شهادته بسنده عن المسمعي قال: (لما اخذ داوود بن علي، المعلى بن خنيس حبسه واراد قتله فقال له معلى: أخرجني الى الناس فان لي دينا كثيرا ومالا أشهد بذلك، فأخرجه الى السوق فلما اجتمع الناس قال: يا ايها الناس أنا معلى بن خنيس من عرفني فقد عرفني أشهدوا أن ما تركت من مال او عين او دين او امة او عبد او دار او قليل او كثير فهو لجعفر بن محمد عليهما السلام، قال فشد عليه صاحب شرطة داوود فقتله، قال فلما بلغ ذلك أبا عبد الله عليه السلام خرج يجر ذيله حتى دخل داوود بن علي و اسماعيل ابنه خلفه فقال: "يا داوود قتلت مولاي و أخذت مالي" فقال انا ما قتلته و لا أخذت مالك قال: "والله لأدعونّ الله على من قتل مولاي وأخذ مالي" قال ما قتلته ولكن قتله صاحب شرطتي، فقال: "بإذنك او بغير اذنك" قال بغير اذني قال: "يا اسماعيل شأنك به" فخرج اسماعيل و السيف معه حتى قتله في مجلسه الخ)[3] و في نقل أخر ان الامام عليه السلام قال لداوود "قتلت رجلا من اهل الجنة)

وله قصص اخرى مذكورة مما يدل على مقاومته في سبيل الحق مضافا الى من روى عنه كابن ابي عمير واقرانه و ولذا يعبر بالمقبولة عما روي عنه بسند صحيح.

و قال القهبائي بعد بحث مفصل في شأنه : (ولا يخفى بعد النظر في هذه الاحاديث الصحيحة والموثقة و الحسنة المذكورة في المعلى وغيره الدالة على انه من اهل الجنة البتة و له محاسن و جلائل كما ترى و "ان القتل يكفِّر كل ذنب"، ان المعلى هذا معتبر حديثه و لا اقل حديثه من الحسان)( راجع مجمع الرجال ج 6 ص111)

نعم ان النجاشي قال: (معلى بن خنيس ابو عبد الله مولى الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام و من قبل كان مولى بني أسد كوفي بزاز ضعيف جدا لا يعوّل عليه الخ)[4] ولو ان الجرح مقدم على التعديل حسب الصناعة والنجاشي ايضا هو مقدم الرجاليين ولكن مع ذلك كله انه لم يذكر وجه التضعيف ولذلك يمكن ان نرجح في الموازنة كفة التعديل والله اعلم بالصواب.

اما الدلالة فقوله عليه السلام: "فاسجد معه ولا تعتد بها" ان قلنا المراد من عدم الاعتداد عدم احتسابه من صلاتك وانت في الجماعة فيفيد للمقصود، اما اذا قلنا قوله: "فلا تعتد بها" اي لا تحسبه من الصلاة، فعليك باستئنافها بعد سلام الامام، فيفيد عدم جواز الاكتفاء بتكبيرة الاحرام قبل ذلك، وهو الاقرب الى ظاهر الكلام. و سياق هذا الحديث سياق الحديث السابق حيث قلنا لا يفيد الا ادراك فضل الجماعة.

ومنها: ما عن الشيخ عَنْهُ (اي عن محمد بن احمد بن يحيى) عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُصَدِّقِ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يُدْرِكُ الْإِمَامَ وَ هُوَ قَاعِدٌ يَتَشَهَّدُ- وَ لَيْسَ خَلْفَهُ إِلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ عَنْ يَمِينِهِ- قَالَ لَا يَتَقَدَّمُ الْإِمَامُ وَ لَا يَتَأَخَّرُ الرَّجُلُ- وَ لَكِنْ يَقْعُدُ الَّذِي يَدْخُلُ مَعَهُ خَلْفَ الْإِمَامِ- فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ الرَّجُلُ فَأَتَمَّ صَلَاتَهُ".[5]

في سندها احمد بن الحسن و هو بن علي بن فضال وثقه النجاشي والشيخ، و كان فطحياً. و عمر بن سعيد وثقه النجاشي و هو ايضاً كان فطحياً و كذلك مصدق وعمار فالسند موثق لما فيه من الفطحية و لكن في مدلولها يحتمل امران الأظهر في الاقتداء في التشهد و اكمال الصلاة بعد تمام الجماعة ولكن لا يبعد حمل كلام الامام عليه السلام بمعنى قام الرجل و يأتي بصلاة تامة.

وَمنها:«بِالْإِسْنَادِ عَنْ عَمَّارٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام عَنْ رَجُلٍ أَدْرَكَ الْإِمَامَ- وَ هُوَ جَالِسٌ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ- قَالَ يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ وَ لَا يَقْعُدُ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَقُومَ. وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ مِثْلَهُ»[6]

اما سندها كسابقتها و دلالتها كما قال صاحب الوسائل: (أَقُولُ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ وَ الْأَوَّلُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ يَتَضَمَّنُ التَّشَهُّدَ الثَّانِيَ وَ هَذَا فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ).[7] ولكن هذا الحديث يدل على عدم جواز متابعة الامام في التشهد بل معناه تصحيح الصلاة بالانتظار.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo