< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

42/01/23

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/لو ركع بتخيل ادراك الامام

كان بحثنا في مسألة 25 من صلاة الجماعة حيث قال فيها: (لو ركع بتخيّل إدراك الإمام راكعاً و لم يدرك بطلت صلاته بل و كذا لو شكّ في إدراكه و عدمه، و الأحوط في صورة‌ الشكّ الإتمام و الإعادة أو العدول إلى النافلة و الإتمام ثمّ اللحوق في الركعة الأُخرى).

قد تحدثنا حول هذه المسألة و استنتجنا على حسب الصناعة صحة صلاة من ركع بتخيل ادراك الركوع ولم يدرك و بطلان جماعته، و صحة جماعة من شك في ادراك الركوع لاحتمال سبق الامام في رفع راسه على ركوعه تمسكا بالاستصحاب ونفي كون الاستصحاب مثبتا لان استصحاب المثبت هو التمسك به لإثبات الازم العقلي للمستصحب، فان عنوان القبلية ليست امرا خارجيا بل هو منتزع من قوله عليه السلام في صحيحة سليمان: "ثُمَّ رَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ" و قلنا في يوم الماضي عبارة: " ركع قبل أن يرفع الإمام رأسه" و عبارة: "إذا ركع المأموم و الإمام راكع" وعبارة: "اقتران ركوع المأموم و ركوع الامام" و اثالها تصب في معنى واحد وانما هي تفنن في التعبير عن حقيقة واحدة وعل فرض التفارق والتلازم العقلي فيما بينها فهو من الملازمة الخفية التي لا تضر بصحة الاستصحاب فعلى ذلك العلم بتحقق ركوع المأموم وجداني و العلم باستمرار ركوع الامام حتي ركع تعبدي فيتم الموضوع و هو ادراك المأموم ركوع الامام بركوعه. ثم ان بعض الاعلام شرط في صحة جريان الاستصحاب في هذه المسألة بلزوم معلومية تاريخ ركوع المأموم و جهالة تاريخ ركوع الامام و هو الامر المتحقق بطبيعة الحال فلا حاجة لذكره ونفي الشقوق الاخرى في محتمل المسألة.

الى هنا تقوينا صحة التمسك بالاستصحاب لتصحيح جماعة الشاك في الادراك ولكن مع ذلك في النفس شيء و هو اننا عنى ما نتأمل في لسان الروايات نشعر كأنها تريد الاحراز الوجداني فاعد النظر في النصوص الواردة في هذا المجال تستشم منها لزوم الاحراز الوجداني لدرك ركوع امام الجماعة ففي صحيحة سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: فِي "الرَّجُلِ إِذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ وَ هُوَ رَاكِعٌ- وَ كَبَّرَ الرَّجُلُ وَ هُوَ مُقِيمٌ صُلْبَهُ- ثُمَّ رَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ- فَقَدْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ". و صحيحة الحلبي: قَالَ: إِذَا أَدْرَكْتَ الْإِمَامَ وَ قَدْ رَكَعَ- فَكَبَّرْتَ وَ رَكَعْتَ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ- فَقَدْ أَدْرَكْتَ الرَّكْعَةَ- وَ إِنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ أَنْ تَرْكَعَ- فَقَدْ فَاتَتْكَ الرَّكْعَةُ".

اضف الى ذلك الصحاح الناهية عن الدخول في الجماعة اذا لم تدرك تكبيرة الركوع واليك نصوصها الثلاثة عن محمد بن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام وهي : عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِذَا أَدْرَكْتَ التَّكْبِيرَةَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ الْإِمَامُ- فَقَدْ أَدْرَكْتَ الصَّلَاةَ.

و عنه عليه السلام "قَالَ لِي إِنْ لَمْ تُدْرِكِ الْقَوْمَ قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ الْإِمَامُ لِلرَّكْعَةِ- فَلَا تَدْخُلْ مَعَهُمْ فِي تِلْكَ الرَّكْعَةِ".

وهكذا عنه" قَالَ: لَا تَعْتَدَّ بِالرَّكْعَةِ الَّتِي لَمْ تَشْهَدْ تَكْبِيرَهَا مَعَ الْإِمَامِ". (الوسائل ج8 باب 44 من ابواب صلاة الجماعة احاديث 1-2-3)

والرابعة عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: قَالَ ‌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع "إِذَا لَمْ تُدْرِكْ تَكْبِيرَةَ الرُّكُوعِ- فَلَا تَدْخُلْ فِي تِلْكَ الرَّكْعَةِ". ولو ان النهي فيها محمول على النهي التنزيهي جمعا بينها وبين ما نص على كفاية ادراك الركوع ولو بتسبيحة او قبل ان يرفع رأسه، فيستشم منها ان ادراك الركوع له اهمية بالغة لابد من احرازه وجدانيا و لا يكفي الاستصحاب و انت شاك معها في وجدانك فلا ينبغي الاحتياط بالإتمام والاعادة في صورة الشك الوجداني. خصوصا على مبنى من يعتبر الاستصحاب من الاصول غير المحرزة ولذلك نقول بوجوب الاحتياط بإعادة الصلاة بعد الاكمال جماعة.

(مسألة 26): قال السيد رضوان الله عليه: (الأحوط (1) عدم الدخول إلّا مع الاطمئنان بإدراك ركوع الإمام و إن كان الأقوى جوازه (2) مع الاحتمال، و حينئذٍ فإن أدرك صحّت و إلّا بطلت)(3)

(1). قال السيد الكلبايكاني و المحقق الاصفهاني تعليقا على الاحوط: (لا يترك). فاحتياطهما وجوبي. بخلاف السيد الذي عقب احتياطه بفتوى الجواز.

وقال (الشيخ محمد رضا ال ياسين) :(نعم له الدخول مع الاحتمال بانياً على الانفراد أو انتظار الركعة الثانية على فرض عدم الالتحاق). اي ان يقصد الجامع بين الجماعة مباشرة اذا ادرك الركوع و الفرادى اذا لم يدركه او الانتظار للركعة اللاحقة.

(2) قال (السيد الفيروزآبادي): (فيه تأمّل من جهة أنّه مع عدم الاطمئنان و التزلزل لا يدري أنّ ما يفعله لغواً و يقع محبوباً خصوصاً حين ركوعه مع عدم اطمئنانه). فتأمله في صحة صلاة من لا يطمئن بادراك الركوع.

وقال (ميرزا عبد الهادي الشيرازي): (لا يترك الاحتياط بالترك و أمّا مع الظنّ فلا بأس).

(3) قال (آقا ضياء):(على الأحوط و إلّا ففي القوّة إشكال كما ذكرنا من عدم قصدية نية الانفراد). فهو احتاط استحبابا في بطلان الصلاة و يرى صحة الصلاة فرادى.

وقال (سيد محسن الحكيم): بل الظاهر صحّتها فرادى.

اقول: المراد من الاحتياط هنا الاحتياط الوضعي اي يحتمل ان تكون صلاته باطلة ان دخل في الجماعة وهو لا يثق بدرك الركوع والسر في هذا الاحتياط هو احتمال لزوم الجزم بالنية في العبادات لما لا يدري انه عبادة صحيحة اولا؟ لا تصح عنه الدخول فيه. و لكن هذا المبنى مرفوض لان اقدام العبد على شيء يحتمل انه مطلوب لمولاه دال على شدة العبودية نعم اذا كان احتمال محبوبية الفعل عند المولى مقرون باحتمال المبغوضية، فلا يجوز له ان يفعله، وفيما نحن فيه ان توفق لإدراك الركوع فقد دخل في العبادة و ان لم يتوفق فليس شيئاً، فالأمر دائر بين المحبوب وعدمه، فلا وجه لعدم الجواز كما لا وجه لعدم صحة الجماعة اذا اتفق ادراك ركوعها. ولذا قال السيد بعد ذلك "و ان كان الاقوى جوازه مع الاحتمال" و تقييده بالاحتمال لان من يتيقن بانه سوف لم يدرك الركوع و مع ذلك كبر و ركع، فإن قصد التشريع فقد ارتكب المحرم وان لم يقصد فقد اتى بعمل لغو. ونكتفي في بحثنا بهذا المقدار في هذه المسألة و غدا معكم في المسألة التالية.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo