< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

42/01/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/ ركع ولم يدرك الامام

كان بحثنا في مسألة 25 من صلاة الجماعة حيث قال فيها: «لو ركع بتخيّل إدراك الإمام راكعاً و لم يدرك بطلت صلاته بل و كذا لو شكّ في إدراكه و عدمه، و الأحوط في صورة‌ الشكّ الإتمام و الإعادة أو العدول إلى النافلة و الإتمام ثمّ اللحوق في الركعة الأُخرى»

و قد تحدثنا في دليل القائل ببطلان الصلاة و ناقشناه دفاعا عن قول القائل بصحة الصلاة فرادى.و اليوم نريد دراسة مبنى القائل بصحة الصلاة جماعة. قال الجواهري في تعليقه على هذه المسألة: «اذا دخل في الصلاة باعتقاد الادراك او ما بحكمه فالأقوى صحة صلاته و ان لم يدرك الركوع فضلا عما لو شك في ادراكه»

وقال النائيني: «في بطلان الصلاة بمثل هذه الزيادة او كفاية كونها بقصد المتابعة في اغتفارها في الجماعة نظر و اشكال، و لا يترك الاحتياط بالإتمام بلا اعتداد بذلك الركوع ثم الاعادة...الخ» من هذا الكلام تفوح ريح القبول و لذا احتاط وجوبا بالإتمام ثم الاعادة وعلى كل حال:

اقصى ما يمكن للدفاع عن هذا المقال: ان روايات الباب من صحيحة سليمان و صحيحة الحلبي تفيد ان هذا الركوع ليس بشيء او ان القدر المتيقن من دلالتهما بطلان الجماعة لا اصل الصلاة ولذلك يقوم و ينتظر قيام الامام في الركعة الثانية و يتابع صلاته مع الامام ومثله مثل من كبّر فقام الامام من ركوعه قبل ان يركع.

ولكن يرد عليه: ان كان مفاد الروايات عدم دخوله في الصلاة كما استفاد من يرى بطلان الصلاة، لتضمّنها إسناد الفوت و عدم الإدراك إلى نفس الركعة، الظاهر في كونها بحكم العدم و عدم دخوله في الصلاة بعد، فهو ليس في الصلاة حتى تكملها في الركعة اللاحقة، و ان كان مفاد الروايات بطلان الجماعة فقط او ان فيها اجمال فنأخذ بقدر المتيقن وهو بطلان الجماعة، ثم اراد ان يلتحق بالجماعة في الركعة الثانية فهو ممن دخل الى الجماعة في اثناء صلاته و قد علمنا فيما سبق من البحث انه لا يجوز للمأموم ان يدخل الجماعة في اثناء صلاته. مضافا الى ان القول بصحة الصلاة فرادى يفيد صحة ركوعه ايضا فاذا التحق بالجماعة في الركعة اللاحقة فقد زاد ركوعا في ركعته الاولى وزاد ركنا في صلاته و هو من المبطلات و يدل عليه ادلة كثيرة منها حديث لا تعاد.

ان قلت: ان هذا الركوع مغتفر لأنه حصل متابعة للإمام؟ قلت: لم تتم المتابعة فعلا فاطلاق ادلة التي تدل على بطلان الصلاة بزيادة الركن يشملها كما ان المأموم لو رفع رأسه عن الركوع بتخيل ان الامام رفع رأسه ثم تنبه على استمرار الامام في الركوع فعاد الى الركوع متابعة و في نفس الوقت خرج الامام عن ركوعه فقد افتى الفقهاء ببطلان صلاته لزيادة الركن من دون المتابعة.

كما ان في ذيل كلامه ايضا تهافت ظاهر حيث يقول: «ولو اتمها بعد قصد الانفراد نافلة و لحق بالإمام في الثانية كان اولى» لان قصد الانفراد الى النافلة خلاف الاحتياط لان الخروج عن الفريضة الى النافلة لا يجوز الا لمن كان يصلي الفريضة فرادى فقامت الجماعة و مفروض صدر كلامه احتمال صحة الفريضة جماعة. فتأمل جيداً.

و قد يستدلّ في صورة الشك في ادراك الركوع باستصحاب بقاء الامام في الركوع حتى ركع المأموم، بناءً على أنّ موضوع الحكم بالصحّة ركوع المأموم حال‌ كون الإمام راكعاً، فإذا أحرزنا ركوع الإمام بالإستصحاب و ركوع المأمون محرز بالوجدان فقد تم موضوع الصحّة وهو ركوع المأموم حال كون الامام في الركوع.

وقد اشكلوا على هذا الاستصحاب بانّ صحته موقوف على أن يكون موضوع الحكم في لسان الدليل على النحو التالي: إذا ركع المأموم و الإمام راكع. أو ما يقرب من ذلك، إلّا أنّ الأمر ليس كذلك، فانّ الوارد في الدليل هكذا: «ثمّ ركع قبل أن يرفع الإمام رأسه فقد أدرك الركعة» كما في صحيحة سليمان بن خالد و نحوها صحيحة الحلبي اللتيا مضى ذكرهما. فيكون موضوع الحكم هو عنوان القبلية الذي ليس له حالة وجودية سابقة بالضرورة. و واضح: أنّ أصالة بقاء الإمام على ركوعه و عدم رفع رأسه حال ركوع المأموم لا يكاد يثبت عنوان القبلية، لكونه من أظهر أنحاء الأصل المثبت و عليه فالمرجع هو استصحاب عدم تحقّق العنوان المأخوذ في الموضوع المشكوك حدوثه، المسبوق بالعدم. و نتيجة ذلك الحكم بالبطلان.

قال السيد محسن الحكيم رضوان الله عليه: «أما من‌ حيث صحة الائتمام و الحكم بإدراك الركعة ظاهرا فهو أن ظاهر النصوص المتقدمة- في إدراك الركعة بإدراك الإمام راكعا- أن الشرط اقتران ركوع المأموم و ركوع الامام. و حينئذ فالاقتران المذكور إن كان من الاعتباريات المحضة- التي ليس لها خارجية أصلا، بل هو منتزع من ركوع المأموم في زمان ركوع الإمام- أمكن إثباته باستصحاب ركوع الإمام إلى زمان ركوع المأموم، فيترتب عليه أثره، و هو إدراك الركعة».

و صحة هذا الكلام ليس ببعيد عن الواقع فان العرف لا يرى فرقا في مفاد: عبارة: " ركع قبل أن يرفع الإمام رأسه" و عبارة: "إذا ركع المأموم و الإمام راكع" وعبارة: "اقتران ركوع المأموم و ركوع الامام" وانما يراها تفننا في التعبير وعلى فرض ان يكون قبلية ركوع الماموم بالنسبة الى رفع الامام راسه عن الركوع لازم عقلي، ولكن الملازمة خفية جدا و في اصل المثبت يقولون بعدم حجة استصحاب لإثبات اللازم العقلي للمستصحب اذا كان التفارق بينهما جليا عند العرف و احدها كان لازما للآخر ولكن فيما نحن فيه الملازمة خفية جدا بحيث يراهما العرف واحدا الا اذا استعمل الدقة العقلية فتأمل جيداً.

فالقول بصحة الجماعة اذا كان منشأ الشك في ادراك الركوع احتمال سبق قيام الامام على ركوع المأموم.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo