< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

41/04/24

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: كتاب الصلاة /صلاة الجماعة /عدم المشروعية في النوافل/ وجوبه في النذر مع يوم الغدير

قد فرغنا في الجلسة السابقة في المسألة الثانية من الكلام في قوله رضوان الله عليه: (لا تشرع الجماعة في شي‌ء من النوافل الأصليّة ) .

ثم قال المصنف: (و إن وجبت بالعارض بنذر و نحوه حتّى صلاة الغدير على الأقوى)[1]

فنقول: اعلم ان الوجوب العارض على النافلة قد يكون من خلال عنوان عبادي و امثلته النذر والعهد والقسم، وقد يكون من خلال عنوان غير عبادي كما اذا آجر نفسه لقضاء النوافل الراتبة عن الميت او صلاة تطوعي عن الميت، او جعل النافلة شرط ضمن عقد لازم كما اذا اشترط البائع لسلعة بسعر معين بشرط ان المشتري يصلي النافلة. او بعنوان طاعة الوالدين ان امرا بها.

ثم ان متعلق النذر يحتمل ان يكون اقامة النافلة جماعة ، وقد يكون اتيان نفس النافلة .

اما الاحتمال الاول فهو منتفي لأنّه من تعلق النذر واخواته بالحرام و لا يصح النذر و اخواته اذا تعلق بالحرام، كذلك المعاملات اذا تعلقت بحرام اصلا او شرطاً لا تصح، كما انه لا يجوز طاعة الوالدين في الحرام.

وفيما نحن فيه بما ان اقامة النافلة في الجماعة ليست مشروعة فلا يمكن جعلها متعلق النذر و اخواته ولا متعلق المعاملات. فيتعين مراد المصنف في تعلق النذر و اخواته او العقود المعاملية بنفس النافلة، وبما انها تجب بعد تعلق النذر وغيره بها

فالكلام في انها هل تدخل في الفرائض حتى يجوز اتيانها في الجماعة او لا؟

الجواب: لا لان مفاد ادلة الناهية عن اتيان النافلة جماعة هي النافلة بعنوانها الاصلي وهذا العنوان لا تتبدل الى الواجب بعد تعلق النذر وغيره بها، بل الواجب الوفاء بالنذر والعقد والشرط وطاعة الوالدين الذي يتحقق امتثاله بصلاة النافلة كما ذكرنا هذا الامر مرارا. والنافلة تبقى بعنوانها من المستحبات.

قال المصنف في الفقرة الاخيرة: (حتّى صلاة الغدير على الأقوى)

ان المصنف عند ما افتتح المسألة الثانية وقال: (لا تشرع الجماعة في شي‌ء من النوافل الأصلية) نفي جواز الجماعة شمل جميع النوافل ولكن من باب الايضاح والوقوف امام بعض الشبهات صرح بقوله: (‌و إن وجبت بالعارض بنذر أو نحوه) ولو كان كلامه الاول مغنيا عن ذلك، هكذا دفعا لشبهة اخرى قال: (حتى صلاة الغدير على الأقوى) فقد أكد المصنف على عدم الجواز لأنه هناك رأي بالجواز فانه قال في الجواهر:

(وما استدلوا بها لجواز الجماعة في صلاة الغدير امور:


الاول: ما استند اليه في المدارك وهو جواز الجماعة في النافلة مطلقا وصلاة الغدير منها.

و يرد عليه بعدم تسلم المبني كما بيناه بالتفصيل الذي لا مزيد عليه.

الثاني: الاستناد بما ورد في جواز الجماعة في صلاة العيدين و عيد الغدير اعظم منهما فبالأولى تجوز فيها الجماعة.

ويرد عليه بان هذا قياس مرفوض فيما وصل من اهل البيت عليهم السلام، نعم لو كان في ما ورد لصلاة العيدين تعليل بانه يجوز الجماعة فيها لأنها للعيد لكان مجال للقياس لأنه من القياس منصوص العلة فالعلة المذكورة كانت هي الدليل على الجواز بينما لا نجد فيها تعليل كي نسري الحكم الى صلاة الغدير.

الثالث: الرواية التي رواها ابي الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه واليك نصه: (و من وكيد السنة الاقتداء برسول الله صلى الله عليه و آله في يوم الغدير و هو الثامن عشر من ذي الحجة بالخروج الى ظاهر المصر و عقد الصلاة قبل أن تزول الشمس بنصف ساعة بمن تتكامل له صفات إمام الجماعة بركعتين يقرأ في كل ركعة منهما الحمد مرة و سورة الإخلاص عشرا و سورة القدر عشرا و آية الكرسي عشرا و يقتدى به المؤتمون، فإذا سلم دعا [بدعاء] هذا اليوم و من صلى خلفه. و ليصعد المنبر قبل الصلاة فيخطب خطبة مقصورة على حمد الله و الثناء عليه و الصلاة على محمد و آله و التنبيه على عظيم حرمة يومه و ما أوجب الله تعالى من امامة أمير المؤمنين و الحث على امتثال مراد الله سبحانه و رسوله صلى الله عليه و آله فيه. و لا يبرح أحد من المؤتمين و الامام يخطب فاذا انقضت الخطبة تصافحوا و تفرقوا.[2]

كما ورد عن المفيد نفس القصة في المقنعة واليك نصه: (20باب صلاة يوم الغدير و أصلها ‌و يوم الغدير هو اليوم الثامن عشر من ذي الحجة-نزل رسول الله ص فيه مرجعه من حجة الوداع بغدير خم و أمر أن ينصب له في الموضع كالمنبر من الرحال و ينادى بالصلاة جامعة فاجتمع سائر من كان معه من الحاج و من تبعهم لدخول المدينة من أهل الأمصار و اجتمع جمهور أمته فصلى ركعتين ثم رقى المنبر فحمد الله و أثنى عليه و وعظ و زجر و أنذر و نعى إلى الأمة في الخطبة نفسه و وصّاهم بوصايا يطول شرحها فيما يجب الانتهاء إليه في حياته و بعد وفاته ثم دعا علي بن أبي طالب ع فأمره أن يرقي معه الرحال ثم أقبل على الناس بوجهه الكريم ص فقررهم على فرض طاعته و قال في تقريره لهم أ لست أولى بكم منكم بأنفسكم فأجابته الجماعة بالإقرار فأخذ إذ ذاك بعضد أمير المؤمنين ع ثم أقبل عليهم أجمعين فقال فمن كنت مولاه‌ فعلي مولاه- اللهم وال من والاه و عاد من عاداه و انصر من نصره و اخذل من خذله‌)[3]

ويرد عليه اولاً: ان هذا الرواية مرسلة و ثانياً ما ذكره ابي الصلاح ليس نقل الحديث بل هو يرشد الناس على ما استفاد من الحديث و قد زاد من نفسه آداب لم يرد في الحديث منه شيئاً فالمرجع فيما نحن فيه ما رواه المفيد حيث اخبر عن فعل رسول الله صلى الله عليه واله ومورد التمسك قوله: " أمر أن ينصب له في الموضع كالمنبر من الرحال و ينادى بالصلاة جامعة " حتي قال: (و اجتمع جمهور أمته فصلى ركعتين ثم رقى المنبر فحمد الله ...)الحديث. ففيه اخبار عن رسول الله صلى ركعتين وما قال صلوا ولا اشار الى صلاة الامة معه فلا شاهد فيها للجماعة و ان ثبت استحباب صلاة الغدير فإنما يستند الى فعل رسول الله ولا جماعة فيه.

كما ان الصلاة جامعة ليس بمعنى صلاة الجماعة بل هو نداء الى الاجتماع اي الدعوة عامة فان الصلاة لغة بمعنى الدعوة فما
قاله السيد الخوئي رضوان الله : (مع أنّ أمره (صلى اللّٰه عليه و آله) بالنداء للصلاة جامعة أعم من إقامتها جماعة، فلعلّهم صلّوا جميعاً لكن بانفراد، و إن كان هذا خلاف الظاهر)[4] . فنحن نقول ان الحمل على صلاة الجماعة هو خلاف الظاهر خصوصا مع ما جاء: فصلى ركعتين ولم يقل فصلوا ركعتين. و للكلام تتمة نذكرها في الايام القادمة انشاء الله.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo