< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

40/10/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: شرعية ولاية الفقيه مستندة من الله /کتاب الامر بالمعروف و النهی عن المنکر الأمر بالمعروف

كان كلامنا في عملية خروج الولاية للفقيه الجامع للشرائط من الشأنية إلى الفعلية وقلنا ان الفقهاء رفع الله شأنهم لا يجب عليهم ادارة امور الناس الا اذا بايعوهم وطلبوا منهم الاخذ بذمام امورهم فمن بايعه الناس من الفقهاء اذا توفر فيه الشروط يجب عليه القبول و تصبح ولايته على الناس فعليّة فلا يجوز مخالفته وعصيانه فيما يأمر به وينهى عنه. كما ان على الفقهاء ان يرشدوا الناس على الايمان بمبدأ ولاية الفقيه و الالتزام به كما فعله الامام الخميني رضوان الله عليه ،

و يجب على الناس أن يختاروا من هو اصلح و افضل لتصدي الولاية فيعود الامر الى اختيار المكلفين اياه لتولية امورهم ففعلية الولاية من الله تحتاج الى البيعة والانتخاب من قبل الناس؟

فشرعية ولاية الفقيه مستمدة من الله و فعليتها تتم من خلال اقبال الناس اليهم وهذا الذي يستفاد من سيرة النبي واهل بيته عليهم السلام بل سيرة جميع الانبياء عليهم السلام و يدل عليه بعض النصوص التي دلت على ولاية الفقيه.

نعم ان الحكومة الاسلامية هي التي تستند الى ايمان الشعوب و اختيارهم للحق و رفض الباطل و هو الذي يسمى بالتولي والتبري قال تعالى: "فمن يكفر بالطاغوت و يؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم"

وهذا الامر يعم ولاية النبي والائمة الهدى عليهم السلام فالنبي صلى الله عليه وأله وسلم هو الذي بعثه الله بشخصه اماما ورحمة وامر عباده بطاعته. ولكنه صلوات الله عليه دعا الناس الى الايمان والتسليم لأمره و اخذ منهم البيعة في العقبة الاولى والثانية ولم يتوصل بالقوة والقهر ليقهر الناس و يلجئهم على الايمان والتسليم ثم دخل الى المدينة بدعوة اهلها فبايعوه و جعلوه لأنفسهم قائداً و اماماً، فأقام الحكومة العادلة الاسلامية بينهم و انّما حارب الذين أرادوا الفساد والشغب والإخلال بالأمن والنظم. ثم كانت الولاية حق لأمير المؤمنين عليه السلام بنص الكتاب والسنة و لكنّه بعد رسول الله لمّا رأى الناس قد نكثوا بيعة الغدير و اجتمعوا حول غيره و كان المولى هو المتعين لخلافة رسول الله وامامة الامة بعد النبي صلى الله عليه وأله من قبل الله تعالى ولم يستحق أحد هذا الشأن الا شخصه الشريف مع ذلك لم يشهر السيف لإلجاء الناس و الزامهم على قبول ولايته. وهذه السيرة ظاهرة في كلماته في نهج البلاغة وغيرها

فقد ورد في خطبة(نهج91) و من كلام له عليه السلام لما أريد على البيعة بعد قتل عثمان‌ "دَعُونِي وَ الْتَمِسُوا غَيْرِي فَإِنَّا مُسْتَقْبِلُونَ أَمْراً لَهُ وُجُوهٌ وَ أَلْوَانٌ لَا تَقُومُ لَهُ الْقُلُوبُ وَ لَا تَثْبُتُ عَلَيْهِ الْعُقُولُ وَ إِنَّ الْآفَاقَ قَدْ أَغَامَتْ وَ الْمَحَجَّةَ قَدْ تَنَكَّرَتْ وَ اعْلَمُوا أَنِّي إِنْ أَجَبْتُكُمْ رَكِبْتُ بِكُمْ مَا أَعْلَمُ وَ لَمْ أُصْغِ إِلَى قَوْلِ الْقَائِلِ وَ عَتْبِ الْعَاتِبِ وَ إِنْ تَرَكْتُمُونِي فَأَنَا كَأَحَدِكُمْ وَ لَعَلِّي أَسْمَعُكُمْ وَ أَطْوَعُكُمْ لِمَنْ وَلَّيْتُمُوهُ أَمْرَكُمْ وَ أَنَا لَكُمْ وَزِيراً خَيْرٌ لَكُمْ مِنِّي أَمِيراً‌"[1] يظهر من هذا الكلام انه ينبغي قيام قلوب الناس و ثبات عقولهم على الولاية ولكنه لما رأى عدم تتميم هذا الشرط طلب منهم ان يختاروا غيره ولكن في فرض اجابته للبيعة فهو يقف موقف القائد والولي و يجب على الناس السمع والطاعة فهو يقود الناس حسب علمه وعلى فرض عدم اصرارهم سوف يكون سامعا وطائعا لمن ولوه امرهم و يقف موضع المشير للحاكم المنتخب. لا بما انه حاكم مشروع بل لحفظ النظام والابتعاد عن الشغب والفتنة و زعزعة الامور. ونحن ايضا ان استطعنا اقامة حكومة شرعية مستمدة شرعيتها من الله فأهلاً وسهلاً بنا، و الّا لا يجوز الفتنة والفساد فانه لابد لكل قوم من امير بر او فاجر وحفظ نظام المجتمع و امنه من اوجب الواجبات. والامام الخميني رضوان الله عليه لم يسمح للناس ان يحاربوا قوى الشاه بالحرب المسلحة وانما حرضهم على المظاهرات السلمية نعم في الايام الاخيرة قبل سقوط النظام الملكي طلب من الموظفين في معامل بترول ان يوقفوا تصدير النفط كي ينهار نظام الطاغوت و يقوم مكانه الحكومة الاسلامية بقيادته وهو الولي الفقيه.

كما قال عليه السلام في الخطبة الشقشقية: "فَمَا رَاعَنِي إِلَّا وَ النَّاسُ الىّ كَعُرْفِ الضَّبُعِ يَنْثَالُونَ عَلَيَّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ حَتَّى لَقَدْ وُطِئَ الْحَسَنَانِ وَ شُقَّ عطافى مُجْتَمِعِينَ حَوْلِي كَرَبِيضَةِ الْغَنَمِ فَلَمَّا نَهَضْتُ بِالْأَمْرِ نَكَثَتْ طَائِفَةٌ وَ مَرَقَتْ ‌أُخْرَى وَ فسق آخَرُونَ كَأَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَقُولُ: "تِلْكَ الدّٰارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهٰا لِلَّذِينَ لٰا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لٰا فَسٰاداً وَ الْعٰاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ" بَلَى وَ اللَّهِ لَقَدْ سَمِعُوهَا وَ وَعَوْهَا وَ لَكِنَّهُمْ حَلِيَتِ الدُّنْيَا فِي أَعْيُنِهِمْ وَ رَاقَهُمْ زِبْرِجُهَا، أَمَا وَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ لَوْ لَا حُضُورُ الْحَاضِرِ وَ قِيَامُ الْحُجَّةِ بِوُجُودِ النَّاصِرِ وَ مَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَى الْعُلَمَاءِ أن لا يُقَارُّوا عَلَى كِظَّةِ ظَالِمٍ وَ لَا سَغَبِ مَظْلُومٍ لَأَلْقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا وَ لَسَقَيْتُ آخِرَهَا بِكَأْسِ أَوَّلِهَا وَ لَأَلْفَيْتُمْ دُنْيَاكُمْ هَذِهِ أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِ عَنْزٍ‌"[2] هذه الخطبة المباركة تدل بوضوح انه سلام الله عليه كان متعينا للخلافة، وكان على الناس ان يقبلوه لا ان يحملهم ولايته بالقهر والغلبة ويشكوا عن الطوائف الثلاثة التي نكثوا بيعتهم و خرجوا عن طاعة ولي امرهم و ارادوا ان يفسدوا الامور ويخلوا بالهدوء والامان ظلما و زوراً.

و جاء في كتابه عليه السلام إلى معاوية‌: "إِنَّهُ بَايَعَنِي الْقَوْمُ الَّذِينَ بَايَعُوا أَبَا بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثْمَانَ عَلَى مَا بَايَعُوهُمْ عَلَيْهِ فَلَمْ يَكُنْ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَخْتَارَ وَ لَا لِلْغَائِبِ أَنْ يَرُدَّ وَ إِنَّمَا الشُّورَى لِلْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ فَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى رَجُلٍ وَ سَمَّوْهُ إِمَاماً كَانَ ذَلِكَ لِلَّهِ رِضًا فَإِنْ خَرَجَ عَنْ أَمْرِهِمْ خَارِجٌ بِطَعْنٍ أَوْ بِدْعَةٍ رَدُّوهُ إِلَى مَا خَرَجَ مِنْهُ فَإِنْ أَبَى قَاتَلُوهُ عَلَى اتِّبَاعِهِ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ وَ وَلَّاهُ اللَّهُ مَا تَوَلَّى.[3]

وهذا الكلام انما ورد من طرق العامة و يحتمل ان يكون موضوعاً. ولو صدر عن الامام عليه السلام لا يسعنا الا ان نقول على غرار قاعدة الالزام ان محاجة المخالف بما يعترف به، لأنّه لم يكن من حق المسلمين ان يختاروا غير علي وهو المنصوب بأمر الله تعالى و ابلاغ النبي صلى الله عليه واله، للإمامة والخلافة. و لكن يفيد ما نحن بصدده من دور بيعة الناس لتفعيل الولاية و تحقيقها على الساحة.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo