< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

40/08/10

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: روایات المعارضة /کتاب الامر بالمعروف و النهی عن المنکر الأمر بالمعروف

الى هنا نكتفي بما قلناه لإثبات ولاية الفقيه من الادلة اللفظية و العقلية، و بيّنّا المراد من بعض الروايات الموهمة لمنع القيام او المعارضة مع الطواغيت من انها إمّا كانت نافية لمن يدعوا الى نفسه حرصا للرياسة، و تنافساً للقدرة او كان المراد منها نفي كون من خرج هر المهدي المنتظر و منها ما هو قيام غير مدروس من ناحية اخرى و جلّ تلك الاحاديث كانت ضعيفة السند لا تقاوم لا الادلة اللفظية التي دلت على ولاية الفقيه و لا الادلة العقلية.

و على فرض المعارضة لوحدة الموضوع والمحمول وهو غير متحقق كما بيناه، لابد من رفضها حيث تنافي ضرورة الشرع من وجوب اقامة احكامه و هي تتوقف على نظام و حرمة الخنوع للطواغيت مضافا الى انها لا تؤدي المطلوب.

كما ان الثورات المعترف بها دال على عدم امكان قبول ظواهر الروايات المانعة فلا بد اما حملها الى معنى صحيح او رد علمها الى الله.

من الثورات بعد ثورة ابا عبد الله الحسين عليه السلام ثورة زيد بن علي بن الحسين ومنها ثورة يحيى ابن زيد

و أمّا زيد و من بعده ابنه يحيي فقد كانا في زمان هشام بن عبد الملك، و قام هشام بتوجيه إهانة شديدة لزيد في مجلسه و شتمه و أساء له القول؛ فلم يستطع زيد تحمّل ذلك إذ كان رجلًا كاملًا و غيوراً و صاحب شخصيّة و عظمة، و من أهل التقوي، و عالماً بالقرآن؛ فخرج من مجلس هشام و هو يقول: إنَّهُ لَمْ يَكْرَهْ قَوْمٌ قَطُّ حَرَّ السُّيوفِ إلَّا ذَلُّوا!

انّ زيد سلام الله عليه جاء إلي الكوفة، و بايعه حوالى ثلاثون ألف رجل، و بقي في الكوفة حوالى ثلاثة عشر شهراً؛ و يُقال: إنَّه ليلة أراد الخروج، كان عدد رجاله مائة و اثنين و عشرين رجلًا، و مع هذا فقد خرج. و العجيب أنَّ هذه القلّة قد ظفرت بالعدوّ، فقتلت منه عدداً كبيراً و اسر عدد آخر أيضاً، إلى أن قُتل زيد أخيراً، بعد أن لم يبق معه إلّا عدد قليل. و قد رجع أحد رجال زيد إلى المدينة، و نقل قصّته للإمام الصادق عليه السلام، فبكي الإمام عليه السلام. و قال ذلك الرجل: إنَّهم دفنوا زيداً في أرض النهر و أجروا الماء حوله، لكنَّ أحد الجواسيس أخبر والى الكوفة فأخرج الجنازة و قطع رأسه و أرسله الى الشام أوّلًا ثمّ إلى المدينة، بينما صلب بدن زيد في الكوفة؛ و بقي مصلوباً لمدّة أربع سنوات. فسأل الإمام عليه السلام عن السبب في دفنه بهذا الشكل الذي أتاح للعدوّ أن يجد مكانه؟ فقال ذلك الرجل: و الله ما كنّا نقدر على عملٍ غير ‌هذا، لأنَّ عددنا كان ثمانية رجال فقط، و كان الباقون بين قتيل و هارب، و قد أشرف الصبح على الطلوع. فسأل الإمام عليه السلام عن المسافة التي كانت تفصلهم عن نهر الفرات؟ فقال: على مرمي حجر. فقال الإمام عليه السلام: لو أنَّكم وضعتم حديداً برجلي زيد و ألقيتموه في الفرات لكان أفضل من أن تدفنوه و يقوم العدوّ بإخراج جثّته و قطع رأسه و صلبه في كناسة الكوفة. فقال: و الله ما كنّا قادرين على هذا العمل أيضاً. فقال الإمام عليه السلام: كيف كانت معركتكم؟ فقال: معركة الإسلام و الكفر. فقال الإمام: و ضدَّ مَن؟ فقال: مع الكفّار. فقال الإمام: أوَ لَا توجد آية في القرآن فيما إذا كان قتالكم مع الكفّار فعليكم بقتل كلّ من تأخذونه و عدم إبقائه على قيد الحياة، لأنَّ الباقين منهم سيجتمعون و يتغلّبون عليكم؟ فالذين تأخذونهم بعد انتهاء الحرب هم أسري، فإن شئتم قتلتموهم أو أخذتم منهم الفدية و تركتموهم؛ لكنَّكم أخذتم اولئك في بحبوحة الحرب و حافظتم عليهم، و لذلك اجتمعوا و تغلّبوا عليكم و قتلوكم. فإذا كنتم تقاتلون الكفّار فَلِمَ لَمْ تعملوا بهذه الآية؟! وهذا البيان من الامام عليه السلام على شرعية قتالهم فالخروج لم يكن منهي عنه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo