< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

40/06/24

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: روایات إثبات مبدأ ولایة الفقیه /کتاب الامر بالمعروف و النهی عن المنکر الأمر بالمعروف

«وَ قَالَ عليه السلام: زُهْدُكَ فِي رَاغِبٍ فِيكَ نُقْصَانُ حَظٍّ وَ رَغْبَتُكَ فِي زَاهِدٍ فِيكَ ذُلُّ نَفْسٍ‌»[1]

الى هنا ذكرنا عشرة من الروايات التي استندوا اليها لاثبات الولاية للفقيه الجامع للشرائط.

الحادي عشر: أنّ المولى أحمد النراقي رضوان الله عليه قد في كتابه عوائد الايام: (عائدة (54) في بيان ولاية الحاكم و ما له فيه الولاية‌)[2] ومما تمسك به من الروايات ما يلي:

ورد في فقه الرضوي: "و روي أنه قال منزلة الفقيه في هذا الوقت كمنزلة الأنبياء في بني إسرائيل‌"[3] هذا الكتاب منسوب الى امام الرضا عليه السلام ولكن هناك خلاف شديد بين علماء الشيعة حول الكتاب وذكر في مقدمة الكتاب تحقيق مؤسسة آل البيت عليهم السلام هذه الآراء:

(1- أنه للإمام الثامن علي بن موسى الرضا (عليه السلام). 2- كونه متحدا مع كتاب الشرائع الذي كتبه أبو الحسن علي بن موسى بن بابويه لولده الشيخ الصدوق. 3- كونه مجعولا كله أو بعضه على الإمام الرضا (عليه السلام). 4- أنه عين كتاب المنقبة للامام الحسن بن علي العسكرى (عليه السلام). 5- أنه من مؤلفات بعض اولاد الائمة بأمر الرضا (عليه السلام). 6- أنه من مؤلفات بعض أصحاب الامام (عليه السلام). 7- التوقف. 8- أنه كتاب التكليف لمحمد بن علي بن أبي العزاقر الشلمغاني الذي رواه عنه الشيخ أبو الحسن علي بن موسى بن بابويه).[4]

وقال المجلسي رضوان الله علیه: «و كتاب فقه الرضا (عليه السلام) أخبرني به السيد الفاضل المحدث القاضي أمير حسين- طاب ثراه- بعد ما ورد أصفهان، قال: قد اتفق في بعض سني مجاورتي بيت اللّه الحرام، أن أتاني جماعة من أهل قم حاجين، و كان معهم كتاب قديم يوافق تاريخه عصر الرضا صلوات اللّه عليه، و سمعت الوالد- رحمه اللّه- أنه قال: سمعت السيد يقول: كان عليه خطه صلوات اللّه عليه، و كان عليه إجازات جماعة كثيرة من الفضلاء و قال السيد: حصل لي العلم بتلك القرائن أنه تأليف الإمام (عليه السلام) فأخذت الكتاب و كتبته و صححته، فأخذ والدي- قدس اللّه روحه- هذا الكتاب من السيد و استنسخه و صححه، و أكثر عباراته موافق لما يذكره الصدوق أبو جعفر بن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه من غير سند، و ما يذكره والده في رسالته إليه، و كثير من الأحكام التي ذكرها أصحابنا و لا يعلم مستندها مذكورة فيه».[5]

و اعتمد عليه بعدهما السيد صاحب الرياض و صاحب مفاتيح الاصول، و الشيخ البحراني، و الفاضل الكاشاني، و جعلوه في مصاف الأخبار و نقلوه في مؤلفاتهم بنحو‌ الروایات.

قال المحقق النراقي في ترجمة السيد المنقول عنه في لسان المجلسي الاول: (القاضي أمير حسين الذي حكى عنه الفاضلان المجلسيان، هو السيد أمير حسين بن حيدر العاملي الكركي، ابن بنت المحقق الشيخ علي بن عبد العال الكركي، و كان قاضي اصفهان و المفتي بها في الدولة الصفوية- أيام السلطان العادل شاه طهماسب الصفوي- و هو أحد الفقهاء المحققين، و الفضلاء المدققين، مصنف مجيد، طويل الباع، كثير الاطلاع).[6]

وقال المحدث النوري رحمه اللّه في المستدرك مضافا الى ما قاله المجلسي: (و من موافقة الكتاب لكتاب الفقيه يحصل الظن القوي بان علي بن بابويه و محمد بن علي كانا عالمين بان هذا الكتاب تصنيف الامام (عليه السلام) و قد جعله الصدوق حجة بينه و بين ربه).[7]

وقال: الراوي للكتاب الى المجلسي: القاضي أمير حسين: (ان من كان عنده هذا الكتاب، ذكر أنه وصل من آبائنا، إن هذا الكتاب من تصنيف الامام (عليه السلام) كانت نسخة قديمة مصححة، و في ذلك إشعار بتواتر انتسابه اليه عليه السلام. و لا أقل من الإستفاضة، و بذلك يخرج عن حيز الوجادة- و يدخل في حد الحسان من المسانيد برواية من مدحهم القاضي من الشيعة القميين و ان جهل حالهم).[8]

ولكن بعض المحققين اثبتوا بقرائن كثيرة انه ليس من الامام او هو مدسوس فيه ففيه بعض الاحكام المخالف للمشهور عند الشيعة، وفيه الرواية مستندا الى سائر الرواة وفيه الروايات المتعارضة وغيرها من القرائن مما يطول الكلام بذكرها ولكن مع ذلك نرى كثير من الفقهاء يروون عنه ويستندون اليه فيمكن الاستفادة من ما روي في هذا الكتاب لا اقل للتأييد.

اما الوجه في الاستدلال هو عموم المنزلة الفقيه لأنبياء بني اسرائيل، فانهم كانوا منتشرين في البلاد و كل واحد منهم يبلّغ عن الشرائع السابقة و كذلك كانوا واجب الاطاعة للناس.

وقد طرح شبهة في هذا الاستدلال مبنياً على ان التشبيه كان معلقا على عنوان النبي، و النبي هو الذي نبّأه الله بالمعارف والشرائع فالعلماء كذلك شبيههم في حمل العلم دون الابلاغ فالإبلاغ فرع لرسالتهم كما ورد هذا الفرق في بعض الروايات: نذكر نموذج منها:

روي الكليني عن مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي يَحْيَى الْوَاسِطِيِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ وَ دُرُسْتَ بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ عَنْهُ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع الْأَنْبِيَاءُ وَ الْمُرْسَلُونَ عَلَى أَرْبَعِ طَبَقَاتٍ فَنَبِيٌّ مُنَبَّأٌ فِي نَفْسِهِ لَا يَعْدُو غَيْرَهَا وَ نَبِيٌّ يَرَى فِي النَّوْمِ وَ يَسْمَعُ الصَّوْتَ- ‌وَ لَا يُعَايِنُهُ فِي الْيَقَظَةِ وَ لَمْ يُبْعَثْ إِلَى أَحَدٍ وَ عَلَيْهِ إِمَامٌ مِثْلُ مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ عَلَى لُوطٍ ع، وَ نَبِيٌّ يَرَى فِي مَنَامِهِ وَ يَسْمَعُ الصَّوْتَ وَ يُعَايِنُ الْمَلَكَ وَ قَدْ أُرْسِلَ إِلَى طَائِفَةٍ قَلُّوا أَوْ كَثُرُوا كَيُونُسَ قَالَ اللَّهُ لِيُونُسَ- وَ أَرْسَلْنٰاهُ إِلىٰ مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ قَالَ يَزِيدُونَ ثَلَاثِينَ أَلْفاً وَ عَلَيْهِ إِمَامٌ وَ الَّذِي يَرَى فِي نَوْمِهِ وَ يَسْمَعُ الصَّوْتَ وَ يُعَايِنُ فِي الْيَقَظَةِ وَ هُوَ إِمَامٌ مِثْلُ أُولِي الْعَزْمِ وَ قَدْ كَانَ إِبْرَاهِيمُ ع نَبِيّاً وَ لَيْسَ بِإِمَامٍ حَتَّى قَالَ اللَّهُ- إِنِّي جٰاعِلُكَ لِلنّٰاسِ إِمٰاماً قٰالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي فَقَالَ اللَّهُ لٰا يَنٰالُ عَهْدِي الظّٰالِمِينَ مَنْ عَبَدَ صَنَماً أَوْ وَثَناً لَا يَكُونُ إِمَاماً.[9]

فبما ان النبي بما انه نبي ليس له الا العلم دون الرسالة و دون الحكم الا اذا دل دليل على امامته ايضاً فلا تثبت هذه الرواية ولاية للفقيه، ومثل هذا الاشكال اوردوا في دلالة صحيحة قداح في كون العلماء ورثة الانبياء.

و قد يجاب عن ذلك ان الامام شبّه الفقهاء بأنبياء بني اسرائيل الذين منهم موسى عليه السلام الذي كان رسولا نبيا اماما وهو من اولي العزم من الرسل، ومنهم داوود حيث امره الله بالحكم بين الناس، وهذا الحديث جعلهم بمنزلة انبياء بني اسرائيل الذين كانت لهم الحكومة ولو لبعضهم فالعلماء كذلك لا يمكن ان يكونوا كلهم حكام في عرض واحد فالمشبه به قضايا خارجية لا قضايا حقيقية و فرضية.

كما ان الله فرّع ما يفيد الحكم على عنوان النبي فقال: ﴿"النَّبىُّ اوْلى بِالْمُؤْمِنينَ مِنْ انْفُسِهِمْ"﴾ فمولوية نبينا عليه السلام بالمؤمنين من انفسهم تعطي ولاية تامة على جميع شؤونهم. ففي متفاهم العرفي ولسان الآيات والروايات لا تفريق بين الرسول والنبي وهذا امر واضح لمن تتبع فيهما.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo