< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

40/05/07

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: اقامة الحدود علی ید الفقهاء /کتاب الامر بالمعروف و النهی عن المنکر الأمر بالمعروف

وصل بحثنا في يوم الماضي الى قول المصنف رضوان الله عليه: (و قيل يجوز للفقهاء العارفين إقامة الحدود في حال غيبة الإمام ع كما لهم الحكم بين الناس مع الأمن من ضرر سلطان الوقت و يجب على الناس مساعدتهم على ذلك و لا يجوز أن يتعرض لإقامة الحدود و لا للحكم بين الناس إلا عارف بالأحكام مطلع على مأخذها عارف بكيفية إيقاعها على الوجوه الشرعية).

عدّ في الجواهر قائلين بهذا القول فذكرهم هكذا: (و القائل الإسكافي و الشيخان و الديلمي و الفاضل و الشهيدان و المقداد و ابن فهد و الكركي و السبزواري‌ ‌و الكاشاني و غيرهم).[1]

وقال: (يجوز للفقهاء العارفين بالأحكام الشرعية عن أدلتها التفصيلية العدول، إقامة الحدود في حال غيبة الإمام عليه السلام كما لهم الحكم بين الناس مع الأمن من ضرر سلطان الوقت، و يجب على الناس مساعدتهم على ذلك كما يجب مساعدة الإمام عليه السلام عليه، بل هو المشهور، بل لا أجد فيه خلافا إلا ما يحكى عن ظاهر ابني زهرة و إدريس، و لم نتحققه، بل لعل المتحقق خلافه، إذ قد سمعت سابقا معقد إجماع الثاني منهما الذي يمكن اندراج الفقيه في الحكام عنهم منه، فيكون حينئذ إجماعه عليه لا على خلافه، كما أن ما في التنقيح من الحكاية عن سلار أنه جوز الإقامة ما لم يكن قتلا أو جرحا كذلك أيضا، فإن عبارته في المراسم عامة للجميع، قال فيها: فقد فوضوا عليهم السلام إلى الفقهاء إقامة الحدود و الأحكام بين الناس بعد أن لا يتعدوا واجبا، و لا يتجاوزوا حدا، و أمروا عامة الشيعة بمعاونة الفقهاء على ذلك ما استقاموا على الطريقة).[2]

قال الشيخ المفيد في باب وجوب إخراج الزكاة إلى الإمام في المقتعة : (‌قال الله عز و جل خُذْ مِنْ أَمْوٰالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِهٰا وَ صَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلٰاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَ اللّٰهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ فلما وجد النبي ص كان الفرض حمل الزكاة إليه و لما غابت عينه من العالم بوفاته صار الفرض حمل الزكاة إلى خليفته فإذا غاب الخليفة كان الفرض حملها إلى من نصبه من خاصته لشيعته فإذا عدم السفراء بينه و بين رعيته وجب حملها إلى الفقهاء المأمونين من أهل ولايته لأن الفقيه أعرف بموضعها ممن لا فقه له في ديانته‌).[3]

وقال في مبحث الحدود من المقنعة: (فأما إقامة الحدود فهو إلى سلطان الإسلام المنصوب من قبل الله تعالى و هم أئمة الهدى من آل محمد ع و من نصبوه لذلك من الأمراء و الحكام و قد فوضوا النظر فيه إلى فقهاء شيعتهم مع الإمكان).[4]

وقال في قسم آخر من هذا الكلام: (و للفقهاء من شيعة الأئمة ع أن يجمعوا بإخوانهم في الصلوات الخمس و صلوات الأعياد و الاستسقاء و الكسوف و الخسوف إذا تمكنوا من ذلك و آمنوا فيه من معرة أهل الفساد و لهم أن يقضوا بينهم بالحق و يصلحوا بين المختلفين في الدعاوي عند عدم البينات و يفعلوا جميع ما جعل إلى القضاة في الإسلام لأن الأئمة ع قد فوضوا إليهم ذلك عند تمكنهم منه بما ثبت عنهم فيه من الأخبار و صح به النقل عند أهل المعرفة به من الآثار).[5]

جاء في رسائل الشريف المرتضى355-436 في بحثه مع الوزير ابي القاسم الحسين بن علي المعري: (اعلم أن السلطان على ضربين: محق عادل، و مبطل ظالم متغلب. فالولاية من قبل السلطان المحق العادل لا مسألة عنها، لأنها جائزة، بل ربما كانت واجبة‌ إذا حتمها السلطان و أوجب الإجابة إليها).[6]

وهذا حوار مفصل حول العمل مع السلطان، ثم في مقاطع الاخيرة من كلامه يقول: (ولم يزل الصالحون و العلماء يتولون في أزمان مختلفة من قبل الظلمة لبعض الأسباب التي ذكرناها، و التولي، من قبل الظلمة إذا كان فيه ما يحسنه مما تقدم ذكره، فهو على الظاهر من قبل الظالم، و في الباطن من قبل أئمة الحق، لأنهم إذا أذنوا في هذه الولاية عند الشروط التي ذكرناها فتولاها بأمرهم فهو على الحقيقة وال من قبلهم و متصرف بأمرهم).[7]

قال الشيخ الطوسي385-460 في باب زكاة الفطرة من النهاية: (و ينبغي أن تحمل الفطرة الى الإمام ليضعها حيث يراه. فإن لم يكن هناك إمام، حملت الى فقهاء شيعته ليفرقوها في مواضعها).[8] كما انه قد سمعت منا في الايام الماضية من البحث انه اجاز اقامة الحد للفقهاء كما تعرض في قسم من كلامه الحكم بين الناس والقضاء وقال: (وقد فوضوا ذلك الى فقهاء شيعتهم وذكر هناك كلام نظير ما ذكرنا من المفيد في اقامة الجمعة والعيدين وما الى ذالك مما هو كان شأن الحاكم للفقهاء).[9]

وقال السلار463وفات نفس العبارات التي نقلناها عن المفيد وجئنا بنص كلامه سابقاً منه: (وقد فوضوا الى الفقهاء اقامة الحدود والاحكام بين الناس ...وامروا عامة الشيعة بمعاونة الفقهاء...ولفقهاء الطائفة أن يصلوا بالناس في الاعياد والاستسقاء و اما الجمع فلا الخ).[10]

قال ابي الصلاح الحلبي347-447 في الكافي في الفقه: (تنفيذ الأحكام الشرعية و الحكم بمقتضى التعبد فيها من فروض الأئمة عليهم السلام المختصة بهم دون من عداهم ممن لم يؤهلوه لذلك، فان تعذر تنفيذها بهم عليهم السلام و بالمأهول لها من قبلهم لأحد الأسباب لم يجز لغير شيعتهم تولي ذلك و لا التحاكم اليه و لا التوصل بحكمه إلى الحق و لا تقليده الحكم مع الاختيار، و لا لمن لم يتكامل له شروط النائب عن الإمام في الحكم من شيعته، و هي:العلم بالحق في الحكم المردود اليه، و التمكن من إمضائه على وجهه، و اجتماع العقل و الرأي، و سعة الحلم، و البصيرة بالوضع، و ظهور العدالة، و الورع، و التدين بالحكم، و القوة على القيام به و وضعه مواضعه).[11]

ثم يشرح وجه اعتبار الشروط المذكورة في بيانه. ثم يقول: (فمتى تكاملت هذه الشروط فقد أذن له في تقلد الحكم و ان كان مقلده ظالماً متغلباً، و عليه متى عرض لذلك أن يتولاه، لكون هذه الولاية أمرا بمعروف و نهيا عن منكر تعين فرضها بالتعريض للولاية عليه، و ان كان في الظاهر من قبل المتغلب، فهو نائب عن ولي الأمر عليه السلام في الحكم و مأهول له لثبوت الاذن منه و آبائهم عليهم السلام لمن كان بصفته في ذلك، و لا يحل له القعود عنه).[12]

ثم يبين وجوب اتباع الناس عنه ثم يقول: (و لا يحل له مع الاختيار و حصول الأمن من معرة «1» أهل الباطل الامتناع من ذلك، فمن رغب عنه و لم يقبل حكمه من الفريقين فعن دين الله رغب، و لحكمه سبحانه رد، و لرسول الله صلى الله عليه و آله خالف، و لحكم الجاهلية ابتغى، و الى الطاغوت تحاكم).[13] ثم يأتي بروايات لتأييد كلامه.

وقال في موضع منه: (و ليعلم أن الحكم بين الناس رتبة عظيمة و منزلة جليلة و رئاسة نبوية و خلافة إمامية لم يبق في أعصارنا هذه و ما قبلها بأعصار من رئاسات الدين غيرها، فبحسب قوة المأهول لها في الدين و صحة عزيمته في تنفيذ الأحكام و صادق نيته في القيام بما جعل اليه و اضطلاعه به و بصيرته فيه تعلوا كلمة الإسلام و يعز الدين، و بحسب ضعفه عن ذلك أو جهله به يضمحل الحق و تندرس أعلامه.

فليتق الله من عرض لذلك، فلا يتقلده الا بعد الثقة من نفسه بالقيام بما جعل اليه، و إذا علم من نفسه تكامل الشروط فعرض للحكم وجب عليه تكلفه، لكونه أمرا بمعروف و نهيا عن منكر، فاذا تقلده فليصمد للنظر في مصالح المسلمين و ما عاد بنظام الملة و قوى الحق، و ليجتهد في إحياء السنن و اماتة البدع و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و إبطال ما يمكن منه من أحكام الجور و إنفاذ ما استطاعة من الحق.

و ليتخير الحكام النائبين عنه في البلاد، و لا يقلد الحكم من لا يتكامل له‌ شروطه، فان لم يجد فليجعل وسائط يمنعهم عن إنفاذ حكم من غير رأيه، فليجتهد في تخيره المأهولين في الوساطة بين الناس، و لا يعدل شاهدا لم يتكامل شروط العدالة فيه و لا يجعل أمينا على أموال الناس الا بعد سبر حاله و الاجتهاد في تخيره. فان انكشف له أن من قلده الحكم أو جعل اليه الصلح أو أهله للشهادة أو تحمل الامانة غير متكامل الشروط فليعزل الحاكم و ليستبدل بالوسيط و الأمين و يسقط عدالة الشاهد. فان وقع من بعضهم ما يتعدى ضرره الى غيره في الأنفس أو الأموال بغير حق فليرجع عليه بدركه حسب ما تقدم ذكره. و ليجعل لدرس العلم و ادامة الفكر فيه وقتا خاليا له و للمذاكرة به و المناظرة وقتا ليكون ذلك عونا على ما يلي به من الحكم بين الناس، و ما لعله يحدث مما لم يتقدم له علمه).[14]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo