< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

40/05/01

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: في امر التقية و تحليلها للمحرمات /کتاب الامر بالمعروف و النهی عن المنکر الأمر بالمعروف

بعد ما انتهينا من البحث في المقيم للحد وقلنا انه انما يكون للإمام و من ينوبه الا في مورد التقية فيجوز اقامة الحد لمن ولّاه السلطان الجائر في صقع واضطره الى اجراء الحد فيجوز له حفظاً لنفسه عن القتل او سائر المضار او حفظاً لغيره من المؤمنين. الا اذا بلغت التقية الدم فلا يجوز.

اقول: في امر التقية و تحليلها للمحرمات وترخيصها للواجبات لابد من المقارنة بين المتقي و المتقى به و المتقى له فلكل واحد من الامور الثلاثة دور في التحليل والتحريم. فلا ينبغي لنا ان نفعل ايّ محرّم او نترك ايّ واجب لدفع ايّ ضرر عن نفسنا. بل لابدّ من تقييم المحرم او ترك الواجب و تقييم الخطر او الضرر الوارد علينا، فان رجّح دفع الخطر او الضرر على ذاك المحرم او ترك الواجب نفعله.

قال الامام الخميني في الرسائل: حول موارد استثنيت من الأدلة:

منها بعض المحرمات و الواجبات التي في نظر الشارع و المتشرعة في غاية الأهمية مثل هدم الكعبة و المشاهد المشرفة بنحو يمحو الأثر و لا يرجى عوده، و مثل الرد على الإسلام و القرآن و التفسير بما يفسد المذهب و يطابق الإلحاد و غيرها من عظائم المحرمات، فان القول بحكومة نفي الحرج أو الضرر و غيرهما على أدلتها بمجرد تحقق عنوان الحرج و الاضطرار و الإكراه و الضرر و التقية بعيد عن مذاق الشرع غايته، فهل ترى من نفسك ان عرض على مسلم تخريب بيت اللّٰه الحرام و قبر رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله أو الحبس شهرا أو شهرين أو أخذ مائة أو مائتين منه يجوز له ذلك تمسكا بدليل الحرج و الضرر، و الظاهر هو الرجوع في أمثال تلك العظائم إلى تزاحم المقتضيات من غير توجه إلى حكومة تلك الأدلة على أدلتها. و يشهد له مضافا إلى وضوحه: موثقة مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّٰه عليه السلام في حديث: "و تفسير ما يتقى مثل ان يكون قوم سوء ظاهر حكمهم و فعلهم على غير حكم الحق و فعله فكل شي‌ء يعمل المؤمن بينهم لمكان التقية مما لا يؤدى إلى الفساد في الدين فإنه جائز[1] )[2]

و في مورد المتقي قال: (و من هذا الباب ما إذا كان المتقى ممن له شأن و أهمية في نظر الخلق بحيث يكون ارتكابه لبعض المحرمات تقية أو تركه لبعض الواجبات مما يعد موهنا للمذهب و هاتكاً لحرمته كما لو أكره على شرب المسكر و الزنا مثلا فان جواز التقية في مثله تشبثا بحكومة دليل الرفع و أدلة التقية مشكل بل ممنوع، و لعله عليه محمول قوله في صحيحة زرارة الآتية عدم اتقائه من شرب المسكر (إلخ).)[3]

وذكر رضوان الله عليه من المستثنيات فقال: (و أولى من ذلك كله في عدم جواز التقية فيه ما لو كان أصل من أصول الإسلام أو المذهب أو ضروري من ضروريات الدين في معرض الزوال و الهدم و التغيير كما لو أراد المنحرفون الطغاة تغيير أحكام الإرث و الطلاق و الصلاة و الحج و غيرها من أصول الأحكام فضلا عن أصول الدين أو المذهب فإن التقية في مثلها غير جائزة، ضرورة أن تشريعها لبقاء المذهب و حفظ الأصول و جمع شتات المسلمين لإقامة الدين و أصوله فإذا بلغ الأمر إلى هدمها فلا تجوز التقية و هو مع وضوحه يظهر من الموثقة المتقدمة). [4]

إن الامام الخميني في ذيل الشرط الرابع- أن لا يكون في إنكاره مفسدة قال‌

(مسألة 6 لو كان المعروف و المنكر من الأمور التي يهتم به الشارع الأقدس ‌كحفظ نفوس قبيلة من المسلمين و هتك نواميسهم أو محو آثار الإسلام و محو حجته بما يوجب ضلالة المسلمين أو إمحاء بعض شعائر الإسلام كبيت اللّٰه الحرام بحيث يمحى آثاره و محله و أمثال ذلك لا بد من ملاحظة الأهمية، و لا يكون مطلق الضرر و لو النفسي أو الحرج موجبا لرفع‌ ‌التكليف، فلو توقفت إقامة حجج الإسلام بما يرفع بها الضلالة على بذل النفس أو النفوس فالظاهر وجوبه فضلا عن الوقوع في ضرر أو حرج دونها‌)[5]

(مسألة 7 لو وقعت بدعة في الإسلام و كان سكوت علماء الدين و رؤساء المذهب أعلى اللّٰه كلمتهم موجبا لهتك الإسلام ‌و ضعف عقائد المسلمين يجب عليهم الإنكار بأيّة وسيلة ممكنة سواء كان الإنكار مؤثرا في قلع الفساد أم لا، و كذا لو كان سكوتهم عن إنكار المنكرات موجبا لذلك، و لا يلاحظ الضرر و الحرج بل تلاحظ الأهمية).[6]

(مسألة 8 لو كان في سكوت علماء الدين و رؤساء المذهب أعلى اللّٰه كلمتهم خوف أن يصير المنكر معروفا‌ أو المعروف منكرا يجب عليهم إظهار علمهم، و لا يجوز السكوت و لو علموا عدم تأثير إنكارهم في ترك الفاعل، و لا يلاحظ الضرر و الحرج مع كون الحكم مما يهتم به الشارع الأقدس جدا).[7]

(مسألة 9 لو كان في سكوت علماء الدين و رؤساء المذهب أعلى اللّٰه كلمتهم تقوية للظالم و تأييد له‌ و العياذ باللّه يحرم عليهم السكوت، و يجب عليهم الإظهار و لو لم يكن مؤثرا في رفع ظلمه).[8]

(مسألة 10 لو كان سكوت علماء الدين و رؤساء المذهب أعلى اللّٰه كلمتهم موجبا لجرأة الظلمة ‌على ارتكاب سائر المحرمات و إبداع البدع يحرم عليهم السكوت، و يجب عليهم الإنكار و إن لم يكن مؤثرا في رفع الحرام الذي يرتكب).[9]

(مسألة 11 لو كان سكوت علماء الدين و رؤساء المذهب أعلى اللّٰه كلمتهم موجبا لإساءة الظن بهم ‌و هتكهم و انتسابهم إلى ما لا يصح و لا يجوز الانتساب إليهم ككونهم نعوذ باللّه أعوان الظلمة يجب عليهم الإنكار لدفع العار عن ساحتهم و لو لم يكن مؤثرا في رفع الظلم).[10]

مسألة 12 لو كان ورود بعض العلماء مثلا في بعض شئون الدول موجبا لإقامة فريضة أو فرائض‌ أو قلع منكر أو منكرات و لم يكن محذور أهم كهتك حيثية العلم و العلماء و تضعيف عقائد الضعفاء وجب على الكفاية، إلا أن لا يمكن ذلك إلا لبعض معين لخصوصيات فيه، فتعين عليه.[11]

مسألة 13 لا يجوز لطلاب العلوم الدينية الدخول في المؤسسات التي أسسها الدولة باسم المؤسسة الدينية ‌كالمدارس القديمة التي قبضتها الدولة و أجرى على طلابها من الأوقاف، و لا يجوز أخذ راتبها، سواء كان من الصندوق المشترك أو من موقوفة نفس المدرسة أو غيرهما، لمفسدة عظيمة يخشى منها على الإسلام.[12]

(مسألة 14 لا يجوز للعلماء و أئمة الجماعات تصدي مدرسة من المدارس الدينية من قبل الدولة‌ سواء أجرى عليهم و على طلابها من الصندوق المشترك أو من موقوفات نفس المدرسة أو غيرهما، لمفسدة عظيمة على الحوزات الدينية و العلمية في الآجل القريب.[13]

مسألة 15 لا يجوز لطلاب العلوم الدينية الدخول في المدارس الدينية التي تصداها بعض المتلبسين بلباس العلم ‌و الدين من قبل الدولة الجائرة أو بإشارة من الحكومة- سواء كان المنهج من الحكومة أو من المتصدي و كان دينيا- لمفسدة عظيمة على الإسلام و الحوزات الدينية في الآجل و العياذ باللّه.[14]

مسألة 16 لو قامت قرائن على أن مؤسسة دينية كان تأسيسها أو إجراء مئونتها من قبل الدولة الجائرة ‌و لو بوسائط لا يجوز للعالم تصديها و لا لطلاب العلوم الدخول فيها، و لا أخذ راتبها، بل لو احتمل احتمالا معتدا به لزم التحرز عنها، لأن المحتمل مما يهتم به شرعا، فيجب الاحتياط في مثله.[15]

مسألة 17 المتصدي لمثل تلك المؤسسات و الداخل فيها محكوم بعدم العدالة، لا يجوز للمسلمين ترتيب آثار العدالة عليه من الاقتداء في الجماعة و إشهاد الطلاق و غيرهما مما يعتبر فيه العدالة.[16]

مسألة 18 لا يجوز لهم أخذ سهم الامام عليه السلام و سهم السادة و لا يجوز للمسلمين إعطاؤهم من السهمين ‌ما داموا في تلك المؤسسات و لم ينتهوا و يتوبوا عنه.[17]

مسألة 19 الأعذار التي تشبث بها بعض المنتسبين بالعلم و الدين للتصدي لا تسمع منهم ‌و لو كانت وجيهة عند الأنظار السطحية الغافلة.[18]

وقال رضوان الله علیه فی ذيل مرتبة الاولى من مراتب انكار المنكر:

(مسألة 3 لو كان في إعراض علماء الدين و رؤساء المذهب أعلى اللّٰه كلمتهم عن الظلمة و سلاطين الجور احتمال التأثير‌ و لو في تخفيف ظلمهم يجب عليهم ذلك، و لو فرض العكس بأن كانت مراودتهم و معاشرتهم موجبة له لا بد من ملاحظة الجهات و ترجيح الجانب الأهم، و مع عدم محذور آخر حتى احتمال كون عشرتهم موجبا لشوكتهم و تقويتهم و تجريهم على هتك الحرمات أو احتمال هتك مقام العلم و الروحانية و إساءة الظن بعلماء الإسلام وجبت لذلك المقصود).[19]

(مسألة 4: لو كانت عشرة علماء الدين و رؤساء المذهب خالية عن مصلحة راجحة لازمة المراعاة‌ لا تجوز لهم سيما إذا كانت موجبة لاتهامهم و انتسابهم إلى الرضا بما فعلوا.[20]

(مسألة 5: لو كان في ردّ هدايا الظلمة و سلاطين الجور احتمال التأثير في تخفيف ظلمهم ‌أو تخفيف تجريهم على مبتدعاتهم وجب الردّ، و لا يجوز القبول، و لو كان بالعكس لا بد من ملاحظة الجهات و ترجيح الجانب الأهم كما تقدم.[21]

(مسألة 6 لو كان في قبول هداياهم تقوية شوكتهم و تجريهم على ظلمهم أو مبتدعاتهم يحرم القبول، و مع احتمالها فالأحوط عدم القبول، و لو كان الأمر بالعكس تجب ملاحظة الجهات و تقديم الأهم).[22]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo