< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

40/04/09

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: اقامة الحد بواسطة المولى على مملوكه /کتاب الامر بالمعروف و النهی عن المنکر

كان بحثنا حول جواز اقامة الحد بواسطة المولى على مملوكه بعد ما ثبت انه لا يجوز لاحد اقامة الحد الا للإمام او من اجاز الامام له فذكرنا كلام صاحب الجواهر ومررنا عليه مرور الكرام رعاية للوقت فاليوم و بعد فاصل خمسة ايام بمناسبة الفاطمية الاولى نريد ان نعيد النظر الى كلامه اداءً لحق الكلام:

إن صاحب الجواهر بعد ما اكمل البحث عن حصر الحق في جواز اقامة الحد على الامام ومن ينوبه، وذكر كلام المصنف في جوازها للمولى على عبده قال: (وفاقا للمشهور نقلا و تحصيلا بل كاد يكون إجماعا كما اعترف به بعضهم، بل في المسالك لم يخالف فيه إلا الشاذ النادر، و لعله كذلك، إذ لم يحك الخلاف فيه إلا من المفيد و الديلمي، بل عن الغنية الإجماع عليه،) فاثبت شهرة قوية و اجماعا منقولاً قريباً الى المحصّل فلا مجال للترديد في الحكم.

ثم قال: (بل مقتضى جواز الحلي‌ له بعد ما سمعته منه سابقا كونه مجمعا عليه أو أن النصوص به متواترة،)

كلام ابن ادريس الحلي الذي اشار اليه في الجواهر هو قوله: «و الإجماع حاصل منعقد من أصحابنا و من المسلمين جميعا أنه لا يجوز إقامة الحدود، و لا المخاطب بها إلا الأئمّة عليهم السلام، و الحكام القائمون بإذنهم في ذلك، و أما غيرهم فلا يجوز التعرض لها على حال، فلا يرجع عن هذا الإجماع بأخبار الآحاد، بل بإجماع مثله أو كتاب اللّٰه أو سنة متواترة مقطوع بها»

فأراد ان يستكشف منه ايضا ادّعاء الاجماع على جواز اقامة الحد للمولى على عبده لأنّه أفتى بالجواز وهو قال سابقاً لا يمكن الرجوع من إطلاق عدم الجواز الا بإجماع مثله او كتاب الله او سنة متواترة

ثم قال في الجواهر: (بل المحكي عنه الاستدلال عليه بما ورد من الأخبار المستفيضة بين العامة و الخاصة و إن كان لا يحضرني شي‌ء منها)

ثم يخصص ثلاث روايات: فيقول: (إلا خصوص‌ النبوي المروي في بعض كتب الفروع واليك نصه: دَعَائِمُ الْإِسْلَامِ، عَنْ عَلِيٍّ ع أَنَّهُ قَالَ فَجَرَتْ خَادِمٌ لِرَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ لِي يَا عَلِيُّ انْطَلِقْ فَأَقِمْ عَلَيْهَا الْحَدَّ إِلَى أَنْ قَالَ قَالَ ص وَ أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ‌)[1]

‌و خبر عنبسة بن مصعب، واليك نصه: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ مُصْعَبٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِنْ زَنَتْ جَارِيَةٌ لِي أَحُدُّهَا قَالَ نَعَمْ- وَ لْيَكُنْ ذَلِكَ فِي سِتْرٍ فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ السُّلْطَانَ. وَ رَوَاهُ الْكُلَيْنِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ نَحْوَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: وَ لْيَكُنْ ذَلِكَ فِي سِرٍّ لِحَالِ السُّلْطَانِ".

و خبر علي بن جعفر عن أخيه موسى عليهم السلام واليك نصه: - عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ فِي قُرْبِ الْإِسْنَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ هَلْ يَصْلُحُ لَهُ- أَنْ يَضْرِبَ مَمْلُوكَهُ فِي الذَّنْبِ يُذْنِبُهُ- قَالَ يَضْرِبُهُ عَلَى قَدْرِ ذَنْبِهِ إِنْ زَنَى جَلَدَهُ- وَ إِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ فَعَلَى قَدْرِ ذَنْبِهِ- السَّوْطَ وَ السَّوْطَيْنِ وَ شِبْهَهُ وَ لَا يُفْرِطْ فِي الْعُقُوبَةِ.

ولكن هناك روايات اخرى غابت عن نظر صاحب الجواهر رضوان الله عليه:

منها: ما رواه مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: مَنْ ضَرَبَ مَمْلُوكاً حَدّاً مِنَ الْحُدُودِ- مِنْ غَيْرِ حَدٍّ أَوْجَبَهُ الْمَمْلُوكُ عَلَى نَفْسِهِ- لَمْ يَكُنْ لِضَارِبِهِ كَفَّارَةٌ إِلَّا عِتْقُهُ". سنده صحيح و مفهومها يفيد اذا اوجبه المملوك على نفسه فليس على المولى اثم.

ومنها ما رواه ايضاً مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنِ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ‌ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ مَا لِلرَّجُلِ يُعَاقِبُ بِهِ مَمْلُوكَهُ- فَقَالَ عَلَى قَدْرِ ذَنْبِهِ- قَالَ فَقُلْتُ قَدْ عَاقَبْتَ حَرِيزاً بِأَعْظَمَ مِنْ جُرْمِهِ- فَقَالَ وَيْلَكَ هُوَ مَمْلُوكٌ لِي إِنَّ حَرِيزاً شَهَرَ السَّيْفَ- وَ لَيْسَ مِنِّي مَنْ شَهَرَ السَّيْفَ. سنده صحيح و اطلاقها يدل على المقصود.

و منهاَ: عن الكليني عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع رُبَّمَا ضَرَبْتُ الْغُلَامَ فِي بَعْضِ مَا يُجْرِمُ- قَالَ وَ كَمْ تَضْرِبُهُ؟ قُلْتُ: رُبَّمَا ضَرَبْتُهُ مِائَةً- فَقَالَ مِائَةً مِائَةً فَأَعَادَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ- ثُمَّ قَالَ حَدَّ الزِّنَا؟ اتَّقِ اللَّهَ- فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ- فَكَمْ يَنْبَغِي لِي أَنْ أَضْرِبَهُ؟ فَقَالَ وَاحِداً- فَقُلْتُ وَ اللَّهِ لَوْ عَلِمَ أَنِّي لَا أَضْرِبُهُ إِلَّا وَاحِداً- مَا تَرَكَ لِي شَيْئاً إِلَّا أَفْسَدَهُ قَالَ فَاثْنَيْنِ- فَقُلْتُ هَذَا هُوَ هَلَاكِي- قَالَ فَلَمْ أَزَلْ أُمَاكِسُهُ حَتَّى بَلَغَ خَمْسَةً ثُمَّ غَضِبَ- فَقَالَ يَا إِسْحَاقُ إِنْ كُنْتَ تَدْرِي حَدَّ مَا أَجْرَمَ- فَأَقِمِ الْحَدَّ فِيهِ وَ لَا تَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ".[2] سنده موثق و دلالته واضحة على المقصود.

ومنها: ما عن مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ مُصْعَبٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع جَارِيَةٌ لِي زَنَتْ أَحُدُّهَا قَالَ نَعَمْ- قُلْتُ أَبِيعُ وَلَدَهَا قَالَ نَعَمْ- قُلْتُ أَحُجُّ بِثَمَنِهِ قَالَ نَعَمْ.[3]

ومنها ما رواه الشيخ عن محمد بن احمد بن عيسى وَ عَنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ‌ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ ع قَالَ: اضْرِبْ خَادِمَكَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ اعْفُ عَنْهُ فِيمَا يَأْتِي إِلَيْكَ"[4] .

ومنها: أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى فِي نَوَادِرِهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ سَأَلْتُهُ عَنِ الزَّانِي إِلَى أَنْ قَالَ قَالَ ع وَ أَيُّ جَارِيَةٍ زَنَتْ فَعَلَى مَوْلَاهَا حَدُّهَا‌"[5]

وهذه الروايات وفيها صحاح تدل بوضوح ان من حقوق المولى او فقل من وظائف المولى اقامة الحد على مملوكه وما ذكر المصنف من اشتراط الجواز على عدم حضور الامام لا وجه له بل الحكم الاولي هو الجواز نعم للإمام ان يمنع لإطلاق ولايته.

ثم قال في الجواهر: (مضافاً إلى عموم ما دلّ على تسلّط السيد على عبده، و مضافاً إلى ما عن الكركي من أنه ذكر أصحابنا أنه قد ورد بذلك رخصة- بل يمكن دعوى القطع من السيرة بجواز التعزيرات له التي هي قسم من الحدود أيضا والمناقشة باحتمال الإذن الخاصة من الإمام عليه السلام واضحة الفساد في غير خبر عنبسة المحمول على غيره، و بذلك كله يقيد حينئذ ما دل على أن الحد للإمام عليه السلام أو لمن يأذن له، مع إمكان كون ذلك إذنا منه على جهة العموم، فيتساوى حينئذ الإذن في الحكم). فنترك البيان والنظر في كلامه لغدٍ انشاء الله رعاية للوقت ان لا نتجاوزه.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo