< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

40/03/24

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: استعمال الید/شروط النهی عن المنکر/کتاب الامر بالمعروف و النهی عن المنکر

كان بحثنا حول جواز استعمال اليد في النهي عن المنكر والامر بالمعروف وكما اشرن في اليوم الماضي هناك ثلاثة اقوال: فمنهم من يرى الجواز مطلقا ولو وصل الى الجرح والقتل ومنهم من يرى الجواز ما لم يصل الى الجرح والقتل ومنهم من يقول: بعدم الجواز مطلقا.

من القائلين بالجواز مطلقاً، السيد المرتضى، و الشيخ في تبيانه، و ابي الصلاح الحلبي، و محمد بن ادريس العجلي في السرائر، و الفاضل المقداد في جملة من كتبه، و ابو ذكريا يحيى بن سعيد الهذلي في الجامع للشرائع، و الشهيد في نكت النهاي

واستدلوا على هذا القول بأمور:

اولاً: اطلاقات وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا يتم ذلك الا بالضرب والجرح و القتل احياناً لمن لا يرتدع من المراتب الخفيفة كما انه يجب الدفاع عن النفس والمال ولو توقف على الجرح والقتل، والموقوف على الاذن ما هو المقصود بالذات، كالحدود و التعزيرات.

ثانياً: لو لم يكن قوة قاهرة يلزم كثرة الفساد في زمان الغيبة، لأمن الناس من الجرح و القتل. ومجرد الكلام ليس رادعا عن كثير من المعاصي.

ثالثاً: كثير من النصوص تفيد انه يجب تطبيق هذه الفريضة مهما امكن، كرواية جابر عن ابى جعفر عليه السّلام: "ان الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر سبيل الأنبياء و منهاج الصلحاء، فريضة عظيمة بها تقام الفرائض، و تأمن المذاهب، و تحل المكاسب و ترد المظالم، و تعمر الأرض، و ينتصف من الاعداء، و يستقيم الأمر، فأنكروا بقلوبكم، و الفظوا بألسنتكم، و صكوا بها جباههم، و لا تخافوا في اللّه لومة لائم، فإن اتعظوا و إلى الحق رجعوا فلا سبيل عليهم، ﴿إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النّٰاسَ، وَ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ، أُولٰئِكَ لَهُمْ عَذٰابٌ أَلِيمٌ،﴾ هنالك فجاهدوهم بأبدانكم‌، و أبغضوهم بقلوبكم، غير طالبين سلطانا و لا باغين مالا، و لا مريدين بالظلم ظفرا، حتى يفيئوا إلى أمر اللّه، و يمضوا على طاعته"

فما ورد في صدر هذا الحديث لا يتأتي من مجرد الموعظة والتخويف بعقاب الله، و ذيله صريح في الضرب المبرح وعدم التنازل حتى يفيؤوا الى امر الله.

وما عن الصادق عليه السلام: و عن الصادق عليه السّلام انه قال لقوم من أصحابه: "انه قد حق لي ان آخذ البريء منكم بالسقيم (بالشقي خ ل) فكيف لا يحق لي ذلك و أنتم يبلغكم عن الرجل منكم القبيح فلا تنكرون عليه و لا تهجرونه و لا تؤذونه حتى يتركه".

فأوجب الإيذاء الى درجة ينتهي الى ترك فاعل القبيح لفعله.

وما عن الباقر عليه السلام: «فمنهم المنكر للمنكر بقلبه و يده و لسانه، فذلك المستكمل لخصال الخير، و منهم المنكر بلسانه و قلبه التارك بيده فذلك متمسك بخصلتين من خصال الخير، و مضيع خصلة، و منهم المنكر بقلبه التارك بيده و لسانه فذلك الذي ضيع أشرف الخصلتين من الثلاث و تمسك بواحدة، و منهم تارك لإنكار المنكر بلسانه و قلبه و يده فذلك ميت الأحياء"

فالمستكمل لخصال الايمان هو العامل بالمراحل الثلاثة، وغيرهم مضيّع وتارك الكل سماه ميت الاحياء.

وقد أجاب عن الوجه الاول: محقق الأردبيلي بقوله: (هذا صحيح لو سلم وجوب المنع بمهما أمكن مع الشرائط، و الدليل عليه غير واضح)، فهو يرى قصور دلالة الادلة على وجوب منع المنكر بمهما امكن.

ثم قال: (و دليل الأمر و النهي لا يدل عليه، لان الجرح و القتل ليسا بأمر و لا نهى)، وفي هذا المقطع من كلامه يستدل على عدم شمول ادلة وجوب الامر والنهي للجرح والقتل بانهما ليسا من الامر او النهي.

ثم قال: ( و دلالة دليلهما على أكثر من ذلك غير ظاهر). وهذا دفع لدخل مقدّر وهو قول القائل بانهما ولو خارجان عن مفهوم الامر والنهي ولكنهما ملازمان لبعض مراحلهما فاجاب بان الادلة قاصرة لشمول هذه المرحلة حتى تدل بالالتزام على جوازهما او وجوبهما.

ثم قال: (و ليس العقل مستقلا بحيث يجد قبح المنكر الواقع و حسن الجرح و القتل لدفعه). اي ان العقل قاصر عن مقارنة قبح المنكر الواقع مع حسن الجرح لدفعه فيرجح الحسن على القبح.

ثم يشير الى فرض الشك في الحكم فقال: (و الأصل عدم الوجوب)،وهذا هو اصل البرائة عن الوجوب. ثم يرتقي ويستدل على عدم الجواز بقوله :(بل لا يجوز الإيلام إلا بدليل شرعي لقبحه عقلا و شرعا، بل لو لم يكن جوازهما بالضرب إجماعياً، لكان القول بجواز مطلق الضرب بمجرد أدلتهما المذكورة، مشكلا). فيرى جواز الضرب غير المجرح والقاتل مستندا الى الاجماع لا اطلاق اطلة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. ( راجع الى نص كلام الأردبيلي ).[1]

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo