< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

40/01/21

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: شرط الثانی/شروط النهی عن المنکر/کتاب الامر بالمعروف و النهی عن المنکر

كان بحثا حول الشرط الثاني للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث قال المصنف: (الثاني أن يجوز تأثير إنكاره، فلو غلب على ظنه أو علم أنه لا يؤثر لم يجب). هذا هو المشهور عند الفقهاء ففي صورة العلم بعدم التاثير استدلنا على عدم وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر اولاً: بمناسبة الحكم والموضوع و ثانياً: بروايات كرواية مسعدة بن صدقة حيث ورد فيها: "...إِنَّمَا هُوَ عَلَى الْقَوِيِّ الْمُطَاعِ .... لَا عَلَى الضَّعِيفِ الَّذِي لَا يَهْتَدِي سَبِيلًا" وكذلك ورد فيها "وَ لَيْسَ عَلَى مَنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْهُدْنَةِ مِنْ حَرَجٍ- إِذَا كَانَ لَا قُوَّةَ لَهُ وَ لَا عَدَدَ وَ لَا طَاعَةَ" وفي ذيل الحديث يسأل مسعدة عن الامام عن معنى قول النَّبِيِّ صلى الله عليه واله: "إِنَّ أَفْضَلَ الْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ إِمَامٍ جَائِرٍ" فقَالَ عليه السلام: هَذَا عَلَى أَنْ يَأْمُرَهُ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ- وَ هُوَ مَعَ ذَلِكَ يَقْبَلُ مِنْهُ وَ إِلَّا فَلَا"[1] . و كان في رواية يحيى الطويل: "قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّمَا يُؤْمَرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ يُنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ مُؤْمِنٌ فَيَتَّعِظُ- أَوْ جَاهِلٌ فَيَتَعَلَّمُ"[2] ولكن اذا دققنا النظر هذه الروايات نستشف منها انها ناظرة الى سقوط التكليف اذا كان هناك خطر ففي خبر مسعدة قوي المطاع وفي قبله الضعيف التي لا يهتدي سبيلاً يفيد النفي لدفع خطر المحتمل او المتوقع كما ان في ملحق الحديث قوله "افضل الجهاد كلمة عدل عند امام جائر" مشعر بالخوف من جوره و بعد المعرفة والمصونية منه وقبوله، اما في فرض عدم تحقق هذه الشروط فلا رخصة في الترك.

و جاء في خبر يحيى الطويل قبال "مؤمن فيتعظ او جاهل فيتعلم" "اما من كان صاحب سيف وسوط فلا" ففيه تحذير ظاهر عن الخطر المتوقع.

وقد انتهينا في يوم الماضي الى رواية داوود الرقي وهي: ما عن مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ- قِيلَ لَهُ وَ كَيْفَ يُذِلُّ نَفْسَهُ- قَالَ يَتَعَرَّضُ لِمَا لَا يُطِيقُ.وَ رَوَاهُ الشَّيْخُ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ مِثْلَهُ" [3] هذا الحديث كل رجاله اجلاء الا ان في داوود الرقي كلام أودّ ان نقف عنده:

قال الكشي في ترجمة داوود: (داوود بن كثير الرقي ابي كلدة حدثني (حمدويه وابراهيم) و(محمد بن مسعود قال حدثني محمد بن نصير) قالوا حدثنا محمد بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمن عمن ذكره عن ابي عبد الله عليه السلام قال: "أنزلوا داوود الرقي مني منزلة مقداد من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم.) و قال الكشي ايضاً: (علي بن محمد قال حدثني أحمد بن محمد عن ابي عبد الله البرقي رفعه قال: نظر ابو عبد الله عليه السلام الى داوود الرقي وقد ولّى فقال: "من سره أن ينظر الى رجل من أصحاب القائم عليه السلام فلينظر الى هذا") وقال عند ما يتحدث عن ترجمة القاسم بن اسحاق: ("انزلوه فيكم بمنزلة المقداد رحمة الله عليه").

وقال الغضائري فيه: (كان فاسد المذهب ضعيف الرواية لا يلتفت اليه) وقال في موضع آخر: (داوود بن كثير الرقي مولى بني اسد ثقة وهو من اصحاب ابي عبد الله عليه السلام).

وذكره الشيخ في الفهرست بلا مدح ولا قدح.

وقال المفيد في الارشاد: (انه ممن روى النص على الرضا بالإمامة من ابيه عليهما السلام من خاصته و ثقاته و اهل الورع والعلم والفقه من شيعته داوود بن كثير الرقي).

وقال النجاشي فيه: (داوود بن كثير الرقي و ابوه كثير يكنى أبا خالد وهو يكنى أبا سليمان ضعيف جداً والغلاة تروي عنه، قال أحمد بن عبد الواحد قلّ ما رأيت له حديثا سديداً)

ولكن الدلالة موقوف على القول بان المراد مما لا يطيق يعني يريد اخضاع الغير ولا يقدر عليه ولكن هذا الاحتمال خلاف لظاهر الحديث بل الاقرب الى المراد هو عرض النفس لاخطار لا يطيقها وهذا المعنى يناسب اذلال النفس. فهذه الروايات اقرب للاستدلال به لسقوط التكليف عنى احتمال الضرر.

ومنها: ما رواه الكليني عَنْهُمْ( عدة من اصحابنا) عَنْ سَهْلٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ خَطَّابِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُغِيرَةِ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ لَهُ لَأَحْمِلَنَّ ذُنُوبَ سُفَهَائِكُمْ عَلَى عُلَمَائِكُمْ إِلَى أَنْ قَالَ- مَا يَمْنَعُكُمْ إِذَا بَلَغَكُمْ عَنِ الرَّجُلِ مِنْكُمْ مَا تَكْرَهُونَ- وَ مَا يَدْخُلُ عَلَيْنَا بِهِ الْأَذَى- أَنْ تَأْتُوهُ فَتُؤَنِّبُوهُ وَ تُعَذِّلُوهُ- وَ تَقُولُوا لَهُ قَوْلًا بَلِيغاً- قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِذاً لَا يَقْبَلُونَ مِنَّا- قَالَ اهْجُرُوهُمْ وَ اجْتَنِبُوا مَجَالِسَهُمْ".[4] في سنده سهل و فيه خطاب بن محمد وهو مجهول لم يذكره الرجاليون ولكن الحارث بن المغيرة هو النضري روى الكشي بسنده الصحيح عن يونس بن عبد الرحمن قال كنا عند ابي عبد الله عليه السلام فقال : "أما لكم من مستراح تستريحون اليه ما يمنعكم من الحرث بن المغيرة النضري") و وثقه النجاشي بقوله ثقة ثقة

و جه الاستدلال بهذه الرواية الامر بالهجران واجتناب مجالسهم وترك الامر والنهي بينما نفس الهجران و الابتعاد عنهم اسلوب في تنفيذ النهي عن المنكر.

ومنها مارواه الكليني: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ الدِّهْقَانِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ وَ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ جَمِيعاً عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: كَانَ الْمَسِيحُ ع يَقُولُ- إِنَّ التَّارِكَ شِفَاءَ الْمَجْرُوحِ مِنْ جُرْحِهِ- شَرِيكُ جَارِحِهِ لَا مَحَالَةَ إِلَى أَنْ قَالَ- فَكَذَلِكَ لَا تُحَدِّثُوا بِالْحِكْمَةِ غَيْرَ أَهْلِهَا فَتُجَهَّلُوا- وَ لَا تَمْنَعُوهَا أَهْلَهَا فَتَأْثَمُوا- وَ لْيَكُنْ أَحَدُكُمْ بِمَنْزِلَةِ الطَّبِيبِ الْمُدَاوِي- إِنْ رَأَى مَوْضِعاً لِدَوَائِهِ وَ إِلَّا أَمْسَكَ".[5] وجه الاستدلال نهى عن التحث بالحكمة عند غير اهلها وامر بالامساك كما يمسك الطبيب عن الدواء في غير موضعه. ولكن بما ان النهي عن التحدث بالحكمة غير اهلها معلل التجهّل اي تعامل المتحدث معه لنا بالجهل اي التعامل بما لا يناسب من الاهانة والضرب وامثال ذلك و التشبيه بعمل الطبيب كذلك يفيد الاقدام الا عند العلم بعدم التاثير فلا يشمل الظن بعدم التاثر لان الطبيب يجوز الدواء لمجرد احتمال التأثير.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo