< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

39/05/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المهادنة/ مدة المهادنة/احکام اهل ذمة/کتاب الجهاد

استدراكا لادلة عدم جواز الهدنة اكثر من اربعة اشهر نقول: مما استدل به على عدم جواز المهادنة في أكثر من سنة ما استدل به العلامة في المنتهى بقوله تعالى (فَلٰا تَهِنُوا وَ تَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَ أَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَ اللّٰهُ مَعَكُمْ

و محصل الدليل : مقتضاه النهي عن ابتداء المسألة عن الموادعة، إلّا أنّا خصّصنا ما دون السنة لأدلّة، فيبقى الباقي على العموم [1]

ويرد عليه اولاً: انّ الآية تنهى المسلمين عن الدعوة الى السلام، و لكن قبول جنوح العدو للسلم فلم تنه عنه،

ثانياً: انّ واو في–وانتم الاعلون- ان كان للحال ينحصر النهي عن السلم بحالة أعلائية المسلمين، فلا يدل على المنع من السلم في حالة ضعف المسلمين او اذا كانت مصلحة اخرى أهم من الحرب. وان كان الواو لبيان وضع المسلمين بما هم مسلمون فيشمل جميع الاحوال، واذا ترددنا بين المعنيين فاحتملنا كل منهما فلا يمكن الاستلال ايضاً لانه اذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال.

ثم هنا علينا ان نبحث عن موارد جواز الهدنة اكثر من سنة، فالشيخ وغيره من الفقهاء اختاروا عدم الجواز، الّا عند الضرورة فيجوز الى عشرة اعوام لا اكثر و اليك نص كلام الشيخ: (فأما إذا لم يكن الإمام مستظهراً على المشركين بل كانوا مستظهرين عليه لقوتهم و ضعف المسلمين أو كان العدو بالبعد منهم و في قصدهم التزام مؤن كثيرة، فيجوز أن يهادنهم إلى عشر سنين، لأنّ النبي صلى الله عليه و آله هادن قريشاً عام الحديبية إلى عشر سنين ثم نقضوها من قبل نفوسهم، فإن هادنهم إلى أكثر من عشر سنين، بطل العقد فيما زاد على العشر سنين و ثبت في العشر سنين. [2]

ولكن يرد على هذا الاستدلال: بأن فعل النبي صلى الله عليه واله، انّ دل على شيء فانما يدل على جواز الهدنة الى عشر سنين ولكن لا ينفي جواز الهدنة أقل من ذلك ولا اكثر فاثبات الشيء لا ينفي ماعداه، ولعلّ في ذاك العصر رأى رسول الله صلى الله عليه واله المصلحة في تعيين عشر سنين لهدنته مع مشركي مكة، وكما قلنا في الآيات السابقة بانها قضايا خارجية لا اطلاق لها حتى تشمل جميع الازمنة والظروف.

واما الاستناد الى ادلة اطلاق نصوص القتال فيما زاد عن عشر سنين بان نقول: ان القتال واجب استثني مدة عشر سنين بفعل رسول الله و في اكثر منها المرجع هو الآيات المطلقة في وجوب القتال.

فهو مردوعة بادلة جواز الهدنة كقوله تعالى: "فَاِن جَنَحُوا لِلسَّلمِ فَاجنَح لَها" فالمعادلة بين حكم الهدنة و القتال تابع للمصلحة الملزمة او المرخصة.

إنّ لسماحة الامام الخامنئي دام ظله في لزوم تعيين المدة للهدنة تحليل جميل، اليك نصه: قال: (لا خلاف ظاهراً في اشتراط المدة في عقد الهدنة، و يعلم ذلك من أخذهم قيد الزمان في تعريف الهدنة، كما في المبسوط و الشرائع و المنتهى و التذكرة و القواعد و غيرها، و من دعوى الإجماع على اعتبار مدة خاصة، كما في المنتهى و غيره بالنسبة إلى عدم الجواز لأكثر من سنة، و يستفاد ذلك أيضا‌ ‌من عدم ذكرهم في مقام الاستدلال على اعتبار المدة، سوى أن عدم ذكرها يقتضي التأبيد، و التأبيد باطل، فيشبه إرسال المسلم، و الاتكال على وضوح الأمر).

فهو جعل قيد الزمان في تعريف الهدنة، ودعوى الاجماع على اعتبار تعيين المدة لصحة عقد الهدنة و استدلالهم على وجوب تعيين الزمان في عقد الهدنة على ان عدم ذكر الزمان يستلزم منه التأبيد وهو باطل كاشفا على ان اشتراط المدة في صحة الهدنة كان من المسلمات عند الفقهاء.

ثم يصدق هذا الامر بقوله: (و هو كذلك إذ الإطلاق في عقد الهدنة و عدم ذكر المدة يقتضي وجوب الوفاء به ما لم يظهر نقض من العدو، سواء في مدة حياة من تصدى للعقد أو بعده، و هذا خلاف المصلحة قطعا، إذ لازمه تعطيل الجهاد، و من المعلوم ضرورة من ضروريات الدين عدم رضا الشارع به، مضافاً إلى الاستبعاد القريب من الاستحالة، أن تبقى الظروف دائما على غرار واحد، فالعقد المقتضي للتأبيد خلاف المصلحة قطعا، و منه يعلم بطلان العقد المصرح فيه بدوام الهدنة بطريق أولى.[3]


[3] المهادنة، للسید علی الخامنئه ای.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo