< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

38/04/16

بسم الله الرحمن الرحیم

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الجهاد- الأراضي المصالح عليها

عندما تنتقل الى المسلم هل الخراج الذي جعل على الأرض هل ينتقل الى المسلم ويدفعه او يبقى على عهدة الذمي الذي باع ارضه، هناك خلاف بين الفقهاء، ولعل المشهور ذهبوا الى ان الخراج على الأول أي الذمي يعني ينتقل الخراج من رقبة الأرض الى رقبة الذمي والمسلم عندما يشتري الأرض ليس عليه شيء.

اما بالنسبة الى انه يبقى على البائع وهو الذمي وهو القول المشهور قال صاحب الجواهر رض بلا خلاف اجده فيه، كما اعترف به بعضهم، ثم قال، بل في ظاهر الغنية الاجماع عليه، أي اجماع الفقهاء الخراج على عهدة الذمي بعدما باع فتنتقل الأرض الى المسلم، ولكن الخراج لا ينتقل.

ولكن كلامه (بل ظاهر الغنية الاجماع عليه) فعندما نراجع الغنية نرى كلامه لا يفيد الاجماع فنص كلامه هو، واما ارض الصلح فهي ارض الجزية اذا شاء الامام ان يضعها على الأرض بدلا من الرؤوس، فكأنما يرى ان الجزية اصلها وضعها على الرؤوس فوضعها على الأرض عمل بديل عن ما هو الأصل فاذا شاء الامام ان يضعها على الأرض فتسمى الخراجية، وقد بينا ان ذلك يختص بأهل الكتاب اما غيرهم من الكفار فلا يمكن عقد الذمة معهم، وهذه الأرض يصح التصرف فيها لأربابها بسائر أنواع التصرف يعني هؤلاء اهل الذمة يتصرفون بأراضيهم بما يتصرف به المالك، وحكم ما يأخذ من هذه الأرض حكم جزية الرؤوس يسقط بالإسلام، واذا بيعت الأرض لمسلم ترك خراجها وانتقلت الجزية الى رأس بائعها به، يعني بالبيع تنتقل الجزية او الخراج من الأرض الى رأس الذمي والمسلم ليس عله شيء[1] .

وهذا القول معروف ومشهور مما قال الله تعالى به، ولكن نسبة الاجماع الى صاحب الغنية اظن في غير محله.

ولكن بالنسبة الى هذه المسألة القول الذي يخالفه عبارة الحلبي فأن صاحب الجواهر رض عندما ينقل قول المشهور بعدها يقول كما في النهاية والغنية والجامع والنافع وكتب الفاضل والدروس وغيرها بل هو المشهور بل في ظاهر الغنية الاجماع عليه بل لم يحكى الخلاف فيه الا من الحلبي[2] فجعله على المشتري، يقول فان باع الذمي او وهب او صدق او اجر شيء من ارض الصلح لذمي حرا او عبدا فعلى من انتقلت اليه من خراج ما كان على الأول يعني الذمي الى الذمي سواء كان عبدا او حرا ينتقل فان كان انتقالها الى مسلم فعليه فيها ما كان على الذمي العشر او نصفه من الأصناف الأربعة الى أهلها، وان اجرها من ذمي او مسلم فعلى المستأجر خراجها.

فعلى ذلك هذا الكلام على خلاف المشهور عند الشيعة ولابد من ذكر الأدلة التي استدل بها أصحاب القوليين:

أولا يمكن ان يقال دفاعا عن الحلبي بما ان هذا المال جعل على الأرض فهي على الأرض فاذا انتقلت من شخص الى شخص فتنتقل بلوازمها.

ثانيا هناك روايات يمكن ان يستدل بها منها عن فضالة، عن العلا، عن محمد بن مسلم قال: سألته عن شراء أرضهم فقال: لا بأس أن تشتريها فتكون إذا كان ذلك بمنزلتهم تؤدي فيها كما يؤدون فيها"[3] وان هذا السند لا بئس به الا ان الرواية مضمرة، ولكن الراوي بما انه محمد ابن مسلم وهو من كبار الفقهاء ومن أصحاب الائمة فهو لا يعتمد على غير المعصوم في نقل احكام الله تعالى وكذا مضمرات محمد بن مسلم يعمل بها كالمسندات ولان السر في ذلك قال (سألته) في الرواية عدة أسئلة ولما اعادوا ترتيبها لم يذكروا من سأل.

واما دلالتها بقوله سألته عن شراء ارضهم فقال لا بئس ان تشتريها فتكون بذلك بمنزلتهم يعني تقوم مقامهم وتؤدي فيها كما يؤدون من الخراج.

ومنها رواية أخرى ذكرها في الوسائل بإسناده عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن العلا، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن شراء أرض أهل الذمة، فقال: لا بأس بها فتكون إذا كان ذلك بمنزلتهم تؤدي عنها كما يؤدون الحديث"[4]

الظاهر ان الروايتين هي رواية واحدة ولكن فيها اختلاف السند، الأولى يرويها محمد بن الحسن بأسناده عن الحسن ابن سعيد عن فضالة عن العلا عن محمد ابن مسلم، الثانية الشيخ يرويها عن احمد بن محمد الحسن بن محبوب عن العلا عن محمد بن مسلم، ففضالة والحسن ابن سعيد موجودين في كلا السندين ولكن الراوي عن الامام في كليهما محمد ابن مسلم واللفظ نفس اللفظ فعلى ذلك اذا كانت الرواية واحدة فهي غير مضمرة ذكر اسم الامام قال عن ابي جعفر عليه السلام قال سألته عن شراء ارض اهل الذمة فقال لا بئس بها فتكون اذا كان ذلك بمنزلتهم تؤدي عنها كما يؤدون، الحديث.

ومنها رواية محمد ابن شريح بإسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن عبد الله بن جبلة، عن علي بن الحارث عن بكار بن أبي بكر، عن محمد بن شريح، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن شراء الأرض من أرض الخراج فكرهه، وقال: إنما أرض الخراج للمسلمين، فقالوا له: فإنه يشتريها الرجل وعليه خراجها، فقال: لا بأس إلا أن يستحيي من عيب ذلك"[5] بالنسبة الى السند رواه الشيخ عن حسن بن محمد بن سماعة وقد وثقه النجاشي وقال فيه كوفي واقفي المذهب الا انه جيد التصانيف نقي الفقه حسن الانتقاد (الانتقاء)، وليس في هذا الكلام ما يجعله ثقة والنجاشي رض قال فيه أبو محمد الكندي الصيرفي من شيوخ الواقفة كثير الحديث ثقة فقيه وكان يعاند في الوقف ويتعصب.

وهذا الحديث من حيث السند بما ان النتيجة تابعة لأخس المقدمتين فيما نحن فيه بما انه فيه رجلين لم يوثقا فلا يمكن ان نعتمد على السند، واما الدلالة (فكرهه) لو كنا نحن وهذه الكلمة لقلنا حرام لان الكراهة بالمعنى اللغوي الشيء المكروه عند المولى لا ينبغي للعبد ان يأخذ به الا اذا جاء ترخيص بذلك، ولكن بما انه قال بعد ذلك (لا بئس الا ان يستحي من ذلك) ظاهر هذا الحديث كذلك من انتقلت اليه ارض الخراج فهو عليه ان يدفع الخراج ولو كان مسلماً.

واما كلمات بعض الفقهاء القدامى، منهم الشيخ في الخلاف عندما يأتي الى هذه المسألة[6] يقول حكم خراج أراضي اهل الذمة، يقول رض اذا صالحنا المشركين على ان تكون الأرض لهم بجزية التزموها وضربوها على اراضيهم فيجوز للمسلم ان يشتريها ويصح الشراء وتصير ارض عشرية وبه قال الشافعي، فلم يذكر انه يعود على عهدة الذمي فهل المراد ان تصير ارض عشرية تؤخذ منها الزكاة او عشرية إشارة الى الخراج وظاهر كلامه لم يقل ان المسلم لم يدفع بل قال تصير ارض عشرية أي يبقى الخراج على عهدة من يملكها.

وكذا في المبسوط يقول اذا صالح المشركين على ان تكون الأرض لهم بجزية التزموها وضربوها على ارضهم فيجوز للمسلم ان يستأجر منهم بعض تلك الارضين لأنها املاكهم فان اشتراها منهم مسلم صح الشراء وتكون ارض عشرية، والتعبير نفسه ما ورد في الخلاف والعشر مضروب على نفس الأرض فان ارد بمعنى الزكاة فلم يذكر انه يعود الى الذمي ما كان عليه بأرضه.

والشهيد رض في الدروس يقول لو باع الذمي ارضه المجعولة عليها الجزية على مسلم انتقل الى الذمي لانه جزية، ثم ينسبه الى الحلبي، فكلامه أولا يدل على صحة البيع وثانيا الجزية لا تنتقل الى المسلم بل تعود على البائع الذي كان ذميا وقال الحلبي هو على المشتري مع الزكاة وهو مردود لقوله صلى الله عليه واله لا جزية على مسلم، قال الحلبي ولو استأجرها من الذمي مسلم او ذمي فخراجها على المستأجر هنا عند الاستئجار قال فخراجها على المستأجر ولو كان مسلم ثم يقول وفيه بعد، الا مع الشرط يعني بعيد ان ينتقل الخراج على عهدة المسلم الا اذا اشترط.


[1] غنية النزوع الى علمي الأصول والفروع، ص204.
[2] الكافي في الفقه، ص260.
[3] وسائل الشيعة، ج12، ص275، ح7.
[4] وسائل الشيعة، ج12، ص275، ح8.
[5] وسائل الشيعة، ج12، ص275، ح9.
[6] الخلاف، مج5، ص545.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo