< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

38/04/15

بسم الله الرحمن الرحیم

بسم الله الرحمن ارحيم

الموضوع: كتاب الجهاد/ الأراضي المصالح عليها/

قال المصنف ره وكل ارض فتحت صلحا فهي لأربابها وعليهم ما صالحهم الامام وهذه تملك على الخصوص ويصح بيعها والتصرف فيها بجميع أنواع التصرف ولو باعها المالك من مسلم صح وانتقل ما عليها الى ذمة البائع، هذا اذا صولحوا على ان الأرض لهم اما اذا صولحوا على ان الأرض للمسلمين ولهم السكنى وعلى اعناقهم الجزية كان حكمها حكم الأراضي المفتوحة عنوة عامرها للمسلمين ومواتها للأمام.[1]

في هذا المقطع ذكر رضوان الله عليه ان الصلح على نوعين:

قد يصالح الامام هؤلاء الكفار على ان تكون الأرض لهم ويدفعون الجزية اما على الرؤوس او على الأراضي او بالعكس، وان الامام يأخذ الأراضي ملكا للمسلمين ويتركهم عليها فتكون كالأراضي المفتوحة عنوتا

بالنسبة للفرض الأول هناك فروع ذكرت في كلامه قال:

الفرع الأول: وكل ارض فتحت صلحا فهي لأربابها هذا أولا وعليهم ما صالحهم الامام هذا ثانيا وهي تملك على الخصوص أي قابلة للملكية الخاصة في مقابل الملكية العامة ويصح بيعها والتصرف فيها بجميع أنواع التصرف وهو تبع لكونه ملك خاص

الفرع الثاني: ولو باعها المالك من مسلم صح البيع وانتقل ما عليها الى ذمة البائع أي ليس بانتقال الملك ينتقل ما على ذمة المشتري، بل يعود الى البائع ما كان عليه بسبب ملكه أي متعلق الملك يعود اليه ولا يعود الى المشتري هذا اذا صولحوا ان الأرض لهم.

واما اذا صولحوا على ان الأرض للمسلمين ولهم السكنى وعلى اعناقهم الجزية كان حكمها حكم الأرض المفتوحة عنوتا، هذا بالنسبة الى كلام المحقق والفروع التي ذكرها في كلامه ولابد من النظر فيها والتتبع لأقوال الفقهاء والأدلة التي تدل على هذا المعنى.

بالنسبة الى الفرض الأول اذا كان الامام ترك الأراضي الى هؤلاء واجب عليهم الجزية فقد تقدم بكون الأرض لهم وهو امر مسلَّم ولا نقاش فيه باعتبار ان الامام قام بذلك الصلح، انما الكلام في ان الأرض لأربابها هل تشمل الموات أيضا ام الأراضي العامرة؟

صرح صاحب الجواهر (ره) وكل ارض فتحت صلحا فهي لأربابها حتى الموات في احتمال، وفي اخر انه للأمام عليه السلام ولعله الأقوى اذا لم يكن دخل في عقد الصلح صريحا او ظاهرا.[2]

وبعد ذلك يقوي عكس ذلك انما يقول ان العامرة هي التي تعود اليهم والوجه في هذا الاحتمال عندما يبقيهم الامام على دينهم فهم اهل ذمة معناهم يتعامل معهم بالإحكام التي يلتزمون بها ولعلهم من جملة الاحكام التي يلتزمون بها ان الموات لهم أيضا فلذلك اقرارهم على دينهم يفيد ان يأخذوا بحسبه.

ولكن صاحب الجواهر ره عندما يقول (على احتمال) يقول أيضا وفي احتمال اخر لعله للأمام ولعله الأقوى معناه ان القول المختار انها للأمام وليس لهم ويستقي من ذلك اذا لم يكن عليه السلام دخل في عقد الصلح صريحا او ظاهرا بأنه يصرح ان هذه الأراضي بيدكم او ظاهر كلامه يشمل كلا الكلاميين، والقول الأقوى الذي اختاره صاحب الجواهر لعله لا نجد قائل بهذا الاحتمال، ولكن المشهور يقولون ان الأرض التي تبقى عندهم هي العامرة.

واذا اردنا مناقشة الاحتمال فهو مبني على كلا الامرين هو شامل للأراضي العامرة والموات وثانيا اخذهم بدينهم لعله يلازم إبقاء الأراضي عندهم، بالنسبة الى الاحتمال الأول فهو قابل للمناقشة لانه يقول كل ارض فتحت صلحا فهي لإربابها وفي العادة ان الناس مسلم وغير مسلم انما يعتقدون انهم ربق للأرض وصاحب الأرض التي تحت أيديهم يحيونها ويستصلحونها ولكن الأراضي الصحراوية ليس لأحد ففي القديم من حاز ارضا وعمرها يعتبر مالكا لها، فعلى ذلك عندما نقول ان تكون هذه الأرضي لأصحابها الذين كانوا قبل الذمة اصحابها ولم يكن كل الكفار أصحاب للموات والعامرة بل الأراضي المحياة طبيعيا هي بحكم الموات ولا يدعي احد غير ذلك فان ادعى ينكر عليه بعرف البشر فادعاء ان الأرض تشمل الموات والمحياة هو غير صحيح.

والحق هو قول المشهور والدليل على ذلك ان الأراضي تبقى لهم بالمصالحة مع الامام بدفع الجزية فمعناه إبقاء ملكيتهم والصلح نافذ، واذا صالحهم الامام هل عليهم الزكاة العشر او نصف العشر، المشهور ولعله لا خلاف فيه انه ليس عليهم شيء والوجه فيه ان الامام صالحهم على ان يدفعوا الجزية ولم يجعل شيء اكثر من ذلك والروايات تؤيد ذلك (الا ما حرم حلالا او حلل حراما) وكذلك الروايات الخاصة التي وردت في ذلك.

منها: محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما حد الجزية على أهل الكتاب وهل عليهم في ذلك شيء موظف لا ينبغي ان يجوز إلى غيره؟ فقال: ذلك إلى الامام يأخذ من كل إنسان منهم ما شاء على قدر ماله، وما يطيق، إنما هم قوم فدوا أنفسهم من أن يستعبدوا أو يقتلوا فالجزية تؤخذ منهم على قدر ما يطيقون له أن يأخذهم به حتى يسلموا، فان الله قال " حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون " وكيف يكون صاغرا وهو لا يكترث لما يؤخذ منه حتى لا يجد ذلا " ألما خ " لما أخذ منه فيألم لذلك فيسلم)[3] وهو سند جيد جدا.

كذلك بالإسناد عن حريز، عن محمد بن مسلم قال: سألته عن أهل الذمة ماذا عليهم مما يحقنون به دمائهم وأموالهم؟ قال: الخراج، وإن اخذ من رؤوسهم الجزية فلا سبيل على أرضهم، وإن اخذ من أرضهم فلا سبيل على رؤوسهم)[4]

وكذا ما رواه المفيد بأسناده عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام في أهل الجزية يؤخذ من أموالهم ومواشيهم شيء سوى الجزية؟ قال: لا)[5] فهذه الروايات صريحة في انه لا يجوز اخذ الزكاة منهم لا يقال ان الزكاة من الواجبات واذا قلنا ان الكفار مخاطبون بجميع الفرائض والواجبات فهم مخاطبون بالزكاة كذلك فعلى ذلك ما دام يستطيع الحاكم ان يأخذ منهم فله ان يأخذ ما اوجبه الله تبارك وتعالى من الزكاة، فلا يقال ذلك لانه اول الكلام في ان الكفار مخاطبون بما تقدم ولعل القول الأقوى انهم غير مخاطبين وعقابهم على عدم ايمانهم يكفيهم وثانيا لو قلنا انه واجب عليهم فمادام انهم لا يلتزمون بذلك الواجب والحاكم اقرهم على دينهم فعند ذلك معناه ان نتعامل معهم بما هم يلتزمون، فلا وجه للقول بما تقدم ولا اجتهاد في مقابل النص.


[1] شرائع الإسلام، المحقق الحلي، ج1، ص293.
[2] جواهر الكلام، محمد حسن النجفي، ج21، ص171.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، أبواب جهاد العدو، ب68، ج11، ص113.
[4] وسائل الشيعة، الحر العاملي، أبواب جهاد العدو، ب68، ج11، ص114.
[5] وسائل الشيعة، الحر العاملي، أبواب جهاد العدو، ب68، ج11، ص115.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo