< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

38/04/09

بسم الله الرحمن الرحیم

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الجهاد/ الأرض الموات/

كان بحثنا في الأراضي الموات وقد ثبت بالإجماع المنقول والمحصل انها للأمام عليه السلام ومن الانفال مضافا الى الروايات التي قرئناها على اسماعكم من كتاب الجهاد وكتاب احياء الموات ولذلك لا نزيد على ذلك بشيء، وقلنا في الجمع بين الروايات التي وردت في أراضي الموات هي مطلقة تشمل ما فتح عنوة وما لم يفتح وكذا الروايات التي وردت في المفتوحة غير عنوة تشملها.

والجمع بينهما يقتضي ان نقدم الروايات التي وردت حول الموات فنقول ان المراد من قوله الأراضي المفتوحة عنوة ما فتح بخيل وركاب فهي للمسلمين، المراد هي الأراضي العامرة بفعل البشر سواء كانت عامرة طبعياً او عمرها أهلها واراضي الموات كلها للأمام وهي من الانفال.

بعد ما ثبت ان الأراضي للإمام يقول المحقق (رحمه الله) لا يجوز إحياؤه إلا بإذنه إن كان موجودا و لو تصرف فيها من غير إذنه كان على المتصرف طسقها و يملكها المحيي عند عدمه من غير إذن.[1]

في هذه الفقرة ذكر ثلاثة مسائل

أولا: لا يجوز احياء الموات الا بأذنه ان كان موجوداً، وهذا مما ادلته معه وبما انه قلنا ان الامام هو المالك فالتصرف في ملك الغير لا يجوز الا بأذنه باعتباره هو المالك ولو تصرف فيها من غير اذنه كان على المتصرف ضمان ما تصرف فيه وعليه ضمان الاستفادة، مضافا الى الروايات التي وردت في هذا الباب، وصاحب الجواهر: يقول بلا خلاف اجده فيه، بل الاجماع بقسميه عليه مضافا الى قاعدة قبح التصرف في مال الغير بغير اذنه.

ثانيا: طسقها عبارة عن الاجارة فمن تصرف بغير اذن الامام كان عليه ضمان قيمة الانتفاع الذي استفاد منه وهي أجرتها.

ثالثا: ويملكها المحي عند عدمه أي عندما لا يكون الامام موجودا من غير اذن، والدليل على ذلك انهم عليهم السلام اباحوا لشيعتهم ذلك وكذلك الاجماع بقسميه عليه كما ذكره صاحب الجواهر.

ومن الأدلة التي وردت روايات عدة:

منها محمد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن العلا، عن محمد بن مسلم قال: سألته عن الشراء من أرض اليهود والنصارى، قال: ليس به بأس إلى أن قال: وأيما قوم أحيوا شيئا من الأرض أو عملوه فهم أحق بها وهي لهم)[2] وهذه الرواية صحيحة السند ودلالتها الجواز لمن احيا ارض فهو احق بها، وهناك قول بعدم ملك الأرض وانما يكون له حق الأولوية، ورواه الشيخ أيضا والصدوق كما مر في الجهاد

وعنه عن النضر، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يأتي الأرض الخربة فيستخرجها ويجري أنهارها ويعمرها ويزرعها ماذا عليه؟ قال: عليه الصدقة الحديث.)[3] والصدقة عبارة عن الزكاة، يعني ليس عليه شيء الا الزكاة فمن احيا الأرض فان منافعها له وكذا عين الأرض اما بنحو حق الأولوية او الملكية المتعارفة، وسند الرواية فيها سليمان ابن خالد الذي يقول في حقه النجاشي سليمان بن خالد بن دهقان بن نافلة مولى عفيف بن عبد كرب ثم يذكر بعض خصوصياته كان قارئا فقيها وجها روى عن ابي عبد الله وابي جعفر عليهما السلام ومات في حياة ابي عبد الله فتوجع بفقده ودعا لولده وأوصى بهم أصحابه، هذا الرجل كان في زمن الامام الباقر عليه السلام ومن أصحابه وفي بادئ الامر لم يكن على يقين بأمامه الائمة ولكن لما رأى معجزاتهم صار مواظبا وملازما للأمام وبعده كان ملازما للأمام الصادق عليه السلام، واما دلالة الحديث (الرجل يأتي الأرض) فقد بين الامام انه عليه الصدقة فيما يتعلق به.

ومنها وعنه عن فضالة، عن جميل بن دراج، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: (أيما قوم أحيوا شيئا من الأرض أو عمروها فهم أحق بها)[4] فمن ناحية السند صحيحة ومن ناحية الدلالة تثبت احقية أي انسان احيا ارضا

ومنها: بإسناده عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حمران، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: أيما قوم أحيوا شيئا من الأرض وعمروها فهم أحق بها وهي لهم)[5] فهنا كذلك السند صحيح والدلالة كذلك يشمل جميع الناس.

ومنها وعنه عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عن زرارة ومحمد بن مسلم وأبي بصير وفضيل وبكير وحمران وعبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أحيى أرضا مواتا فهي له)[6] فدلالتها انما رووا عن رسول الله صلى الله عليه واله هذا الامر كأنه في زمن الحضور كذلك من احيى ارض فهي له وهل صدور ذلك الحكم الى الابد او هو حاكم بزمنه واذن به، فيحمل ذلك ان كل امام بزمنه له ان يأذن اذن عاما او خاصا اما اذا رأى المصلحة ان لا يأذن اذن عاما الا لمن يستأذن فيعطيه اجازه فله ذلك لان الامام مالك وله ان يتصرف بها بما يراه من المصلحة.

ومنها وعنه، عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أحيى أرضا مواتا فهو له)[7] وهذا الحديث أيضا من ناحية السند جيد ومن ناحية الدلالة ان الرسول صلى الله عليه واله وسلم قال ذلك من احيى مواتا فهو يشمل المسلم وغيره.

ومنها رواية محمد بن علي بن الحسين قال: قد ظهر رسول الله صلى الله عليه وآله على خيبر فخارجهم على أن يكون الأرض في أيديهم يعملون فيها ويعمرونها وما بأس لو اشتريت منها شيئا، وأيما قوم أحيوا شيئا من الأرض فعمروه فهم أحق به وهو لهم)[8] وهذا أيضا من ناحية السند ان الصدوق يذكر هذه القصة بالمباشر وهو لم يكن بعهد النبي صلى الله عليه واله فهي مرسلة ولكن بعض فقهانا يعتمدون على روايات الصدوق اذا اخبر عن رسول الله عن احد الائمة عليهم السلام فلذلك يعتمدونه اما اذا قال روي عن رسول الله فلا يعتمدون عليه فلذلك لا نعتمد ولو ان الصدوق كان مطمئنا ان هذا صدر عن رسول الله واطمئنانه حجة عنده فمن يحصل له الاطمئنان اعتمادا على الصدوق فله ان يعمل به.

ومنها بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سئل وأنا حاضر عن رجل أحيى أرضا مواتا فكرى فيها نهرا وبنى فيها بيوتا وغرس نخلا وشجرا، فقال: هي له وله أجر بيوتها وعليه فيها العشر فيما سقت السماء أو سيل وادي أو عين، وعليه فيما سقت الدوالي والغرب نصف العشر)[9] هذا كذلك من ناحية السند يرويه بسند صحيح ومن ناحية الدلالة يملكها وانما عليه زكاة ما يحصل من المنافع.

ومنها محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله من غرس شجرا أو حفر واديا بديا لم يسبقه إليه أحد أو أحيى أرضا ميتة فهي له قضاء من الله ورسوله)[10] والسكوني كان عامي، ولكن يعتمد عليه كما وثقه النجاشي وغيره ولذا نقول السند موثق وتعبير قضاء من الله ورسوله يفوح منه رائحة الاطلاق وهو حكم جاري، ويمكن القول ان لكل امام ان يفعل ما يشاء.

ومنها محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وأحمد ابن محمد جميعا، عن ابن محبوب، عن معاوية بن وهب قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: أيما رجل أتى خربة بائرة فاستخرجها وكرى أنهارها وعمرها فان عليه فيها الصدقة، فان كانت أرض لرجل قبله فغاب عنها وتركها فأخربها ثم جاء بعد يطلبها فان الأرض لله ولمن عمرها)[11] السند صحيح وان كان فيه سهل بن زياد ولكن فيه بدل عنه وهو احمد بن محمد والدلالة تدل على ان من احيى الأرض فهي له ويدل ازيد من ذلك اذا ترك شخصا ارضا واخربها فتخرج من ملكيته وفيه كلام بين الفقهاء هل ترك الأرض بمجرد الترك والخراب تخرج من ملكه ولعل السر في تعين مدة ثلاثة سنوات لانه كانوا لا يمكن لهم زراعة الأرض كل سنة وذلك بسبب ضعفها.

ومنها ما ورد في ضمن حديث الكابلي، (والأرض كلها لنا فمن أحيى أرضا من المسلمين فليعمرها وليؤد خراجها إلى الامام من أهل بيتي وله ما أكل منها، فان تركها وأخربها فأخذها رجل من المسلمين من بعده فعمرها وأحياها فهو أحق بها من الذي تركها فليؤد خراجها إلى الامام من أهل بيتي وله ما أكل منها حتى يظهر القائم عليه السلام من أهل بيتي بالسيف فيحويها ويمنعها ويخرجهم منها)[12] الخ، ففي هذا الحديث جاء من احيى ارض من المسلمين فهي خاص بالمسلمين ولكن يمكن القول انه ليس لتخفيف الامر بالمسلمين بل ذكرهم لمورد الحاجة واثبات الشيء لا ينفي ما عداه.


[1] شرائع الإسلام، المحقق الحلي، ج1، ص293.
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، كتاب احياء الموات، ب1، ج17، ص326، ح1.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، كتاب احياء الموات، ب1، ج17، ص326، ح2.
[4] وسائل الشيعة، الحر العاملي، كتاب احياء الموات، ب1، ج17، ص326، ح3.
[5] وسائل الشيعة، الحر العاملي، كتاب احياء الموات، ب1، ج17، ص326، ح4.
[6] وسائل الشيعة، الحر العاملي، كتاب احياء الموات، ب1، ج17، ص326، ح5.
[7] وسائل الشيعة، الحر العاملي، كتاب احياء الموات، ب1، ج17، ص326، ح6.
[8] وسائل الشيعة، الحر العاملي، كتاب احياء الموات، ب1، ج17، ص326، ح7.
[9] وسائل الشيعة، الحر العاملي، كتاب احياء الموات، ب1، ج17، ص327، ح8.
[10] وسائل الشيعة، الحر العاملي، كتاب احياء الموات، ب2، ج17، ص328، ح1.
[11] وسائل الشيعة، الحر العاملي، كتاب احياء الموات، ب3، ج17، ص328، ح1.
[12] وسائل الشيعة، الحر العاملي، كتاب احياء الموات، ب3، ج17، ص329، ح2.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo