< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

37/02/08

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : المرابطة

بعد ما فرغ المحقق في الركن الاول عن البحث عن من يجب عليه الجهاد ألحق به لواحق فقال: (و من لواحق هذا الركن‌المرابطة و هي الإرصاد لحفظ الثغر و هي مستحبة و لو كان الإمام مفقوداً لأنها لا تتضمن قتالاً بل حفظاً و إعلاماً). وجعل المرابطة من الملحقات لانها ليست جهاداً بالمعنى الاخص، ولكنه بحث عنها استطراداً لانها تشبه الجهاد وتفي فائدة الدفاع دفعاً لارفعاً. ثم عرف المرابطة بانها: هي الإرصاد لحفظ الثغر. وفي العين الرباط: ملازمة ثغر العدو، والرباط المداومة على الشيئ ، وجاء في الصحاح اللغة: الراصد للشيء المراقب له، وفي معجم المقاييس: الرصد هو تهيؤ لمراقبة شيء على مسلكه. وفي المحيط: الثغرة: نقرة النحر والناحية من الارض، وثغرالعدو: ما يلي دار الحرب ، و الفاضل المقداد فسر الثغر: بانه الحد الفاصل بين دار الشرك ودار الاسلام(التنقيح الرائع لمختصر الشرائع ص571).

ثم ذكر المصنف حكم الرباط: بانها مستحبة. والظاهر انه لاخلاف في ذالك حتى قال صاحب الجواهر لا أجد فيه خلافا بينهم. واستدل على الاستحباب بالنصوص الواردة في الباب، نعم جلّ ما ورد في التشجيع والتحريض على المرابطة من طرق العامة، ولعل السر في ذالك ان عصر ائمتنا عليهم السلام كانت الحكومة لطواغيت بني الامية وبني العباس، والدخول تحت لوائهم كان أمراً شائناً، ولكن حسن المرابطة بل ضرورتها في الجملة مما قياساتها معها، فاستحبابه لا نقاش فيه في نفسه، و قال الحلى رضوان الله عليه في المنتهى: (مسألة: الرباط فيه فضل كثير و ثواب جزيل،و معناه: الإقامة عند الثغر لحفظ المسلمين، و أصله: من رباط الخيل؛ لأنّ هؤلاء يربطون خيولهم كلّ قوم بعد آخرين، فسمّي المقام بالثغر رباطاً، و إن لم يكن خيل، و فضله متّفق عليه. روى سلمان- رحمه اللّه- قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: "رباط ليلة في سبيل اللّه خير من صيام شهر و قيامه، فإن مات، جرى عليه عمله الذي كان يعمل، و أجري عليه رزقُه، و أمن الفتّان". و عن فضالة بن عبيد أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، قال: "كلّ ميّت يختم على عمله، إلّا المرابط في سبيل اللّه، فإنّه ينمو له عمله إلى يوم القيامة و يؤمَن من فتّان القبر"(منتهى المطلب ج14ص43). وكما ترون انّ العلامة ذكر الحديثين من دون سند ولكن الاولى منهما ورد في (صحيح مسلم ج3 ح1520)، وغيرها من مسانيد العامة، والحديث الثاني ورد في (سنن ابي داوود ج3ص9ح2500)، ثم في المسئلة التي تليها قال الحلي: (و إنّما تستحبّ المرابطة استحباباً مؤكّداً في حال ظهور الإمام عليه السلام،أمّا في حال غيبته فإنّها مستحبّة أيضا استحباباً غير مؤكّد؛ لأنّها‌ لا تتضمّن قتالاً، بل حفظاً و إعلاماً، و كانت مشروعة حال الغيبة).(منتهى المطلب ج14ص44)

وقال في التذكرة: (و الرباط حال ظهور الإمام أشدّ استحباباً، أمّا حال الغيبة فلا يتأكّد استحبابها و إن كانت مستحبّة، لأنّها لا تتضمّن قتالا، بل حفظاً و إعلاماً.و أفضل الرباط المقام بأشدّ الثغور خوفاً، لشدّة الحاجة هناك، و كثرة النفع بمقامه به) .(تذكرة الفقهاءج9ص451) و قال: (و يستحبّ الحرس في سبيل اللّٰه.قال ابن عباس: سمعت رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله يقول: ،عينان لا تمسّهما النار: عين بكت من خشية اللّٰه، و عين باتت تحرس في سبيل اللّٰه" (المصدرص452) وهذا الحديث موجود في (سنن الترمذي 4: 175- 1639)

ودعاء امام السجادعليه السلام في صحيفته دال على فضيلة الرباط في سبيل الله. نعم لابد من القول بوجوب المرابطة اذا كان في تركها خطر على نفوس المسلمين و أعراضهم وأموالهم. فما جاء في التنقيح من وجوب المرابطة التي هي حفظ الثغر لابد وان يحمل على هذا الفرض قال فاضل المقداد: (و ذلك الحفظ واجب على المسلمين على الكفاية مطلقاً من غير شرط ظهور الامام)،(التنقيح الرائع لمختصر الشرائع).

ومما يستدل به على الاستحباب أصالة عدم الوجوب وهي اصل البرائة عن التكليف. فان ما ورد في القرآن لسانه لسان التشجيع وبيان فضيلة الرباط قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَ صَابِرُوا وَ رَابِطُوا وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" ﴿ال عمران200﴾. كما لم يرد من طرقنا ما يدل على وجوب الرباط بما هي رباط.

ثم اشار المصنف بعدم اشتراطها بوجود الامام فقال: (هي مستحبة و لو كان الإمام مفقوداً لأنها لا تتضمن قتالاً بل حفظاً و إعلاماً) فاستدل على عدم لزوم اذن الامام بكونه لا تتضمن القتال. فان قلت ان المرابط يرصد العدو ليقاتله ويمنعه من التسرّب إلى أرض الاسلام، ففيه القتال. قلنا انّ عملية المرابطة هي حفظ الثغور وفي أكثر الأحيان لا ينتهي إلى حربٍ اذ وجود الحرّاس على الحدود يُرهب العدو من نيّة الاعتداء و الاقدام إلى الحرب، ثم على فرض هجمة العدو فالوقوف في وجههم ليس الا دفاعاً عن بيضة المسلمين والدفاع كما سبق الكلام عنه غير مشروط بحضور الامام واذنه.

وقد ورد نصوص في هذا الفرض منها: ماعن يونس : "وَ عَنْهُ – اي عن محمد ابن الحسن باسناده عن محمد الحسن الصفار-عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ قَالَ: سَأَلَ أَبَا الْحَسَنِ عليه السلام رَجُلٌ وَ أَنَا حَاضِرٌ فَقُلْتُ لَهُ- جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ رَجُلًا‌ ‌مِنْ مَوَالِيكَ بَلَغَهُ- أَنَّ رَجُلًا يُعْطِي سَيْفاً وَ قَوْساً فِي سَبِيلِ اللَّهِ- فَأَتَاهُ فَأَخَذَهُمَا مِنْهُ ثُمَّ لَقِيَهُ أَصْحَابُهُ- فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ السَّبِيلَ مَعَ هَؤُلَاءِ لَا يَجُوزُ- وَ أَمَرُوهُ بِرَدِّهِمَا؟ قَالَ: فَلْيَفْعَلْ- قَالَ: قَدْ طَلَبَ الرَّجُلَ فَلَمْ يَجِدْهُ- وَ قِيلَ لَهُ قَدْ قَضَى الرَّجُلُ؟ قَالَ: فَلْيُرَابِطْ وَ لَا يُقَاتِلْ – قُلْتُ: مِثْلَ قَزْوِينَ وَ عَسْقَلَانَ وَ الدَّيْلَمِ- وَ مَا أَشْبَهَ هَذِهِ الثُّغُورَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ- قَالَ فَإِنْ جَاءَ الْعَدُوُّ إِلَى الْمَوْضِعِ- الَّذِي هُوَ فِيهِ مُرَابِطٌ كَيْفَ يَصْنَعُ؟- قَالَ: يُقَاتِلُ عَنْ بَيْضَةِ الْإِسْلَامِ، قَالَ: يُجَاهِدُ؟- قَالَ: لَا إِلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَى دَارِ الْمُسْلِمِينَ- أَرَأَيْتَكَ لَوْ أَنَّ الرُّومَ دَخَلُوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ- لَمْ يَنْبَغِ لَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُمْ؟ - قَالَ يُرَابِطُ وَ لَا يُقَاتِلُ- وَ إِنْ خَافَ عَلَى بَيْضَةِ الْإِسْلَامِ وَ الْمُسْلِمِينَ قَاتَلَ- فَيَكُونُ قِتَالُهُ لِنَفْسِهِ لَا لِلسُّلْطَانِ- لِأَنَّ فِي دُرُوسِ الْإِسْلَامِ دُرُوسَ ذِكْرِ مُحَمَّدٍ ص. وَ‌رَوَاهُ الصَّدُوقُ فِي الْعِلَلِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى نَحْوَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: فَإِنْ جَاءَ الْعَدُوُّ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ فِيهِ مُرَابِطٌ- كَيْفَ يَصْنَعُ؟ قَالَ: يُقَاتِلُ عَنْ بَيْضَةِ الْإِسْلَامِ لَا عَنْ هَؤُلَاءِ . وَ رَوَاهُ الْكُلَيْنِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عليه السلام نَحْوَهُ وَ رَوَاهُ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ يُونُسَ‌عَنِ الرِّضَا ع نَحْوَهُ. (وسائل ج15 باب 6 من ابواب جاد العدو ح2 ص29). سنده صحيح وقد اجتمع على نقله بسند صحيح المحمدون الثلاثة.

كذالك روى ابن عباس سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول: " عينان لاتمسهما النار عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله"

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo