< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الأصول

34/06/27

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الأصول/ مباحث القطع / مبحث الأقل والأكثر/ الأقل والأكثر الارتباطين
  وخلاصة ما تقدم: أن العلم الإجمالي بالإطلاق والتقييد وإن كان علماً إجمالياً دائراً بين المتباينين لتباين الإطلاق مع التقييد، إلا أنه لا يُثبت تنجيزاً لعدم صلاحية الإطلاق لذلك. وأما العلم الإجمالي بالوجوب بالقدر الذي يصلح للتنجيز ويدخل في العهدة فهو دائرٌ بين الأقل والأكثر، ولذا فإن الوحدة الذهنية المخترعة للصورة لا تتنجَّز وإنما الذي يتنجَّز محكيُّها الخارجي وفي هذه المرحلة يدور الأمر بين الأقل والأكثر.
 والحاصل: أنه لو كان المنظور عالم ما يدخل في عهدة المكلَّف فليس المقام من موارد الدوران بين المتباينين، وإنما من الأقل والأكثر فلا يجب الإحتياط وإنما يُكتفى بالأقل، وإن كان المنظور عالم عروض الوجوب فالمقام وإن كان من موارد الدوران بين المتباينين، إلا أن ما يتنجَّز على المكلَّف ليس متعلَّق العلم بهذا المعنى.
 وعليه فإن ما في الوجه الثاني من دعوى انحلال العلم الإجمالي بالعلم التفصيلي بأحد طرفيه وهو الأقل، إن أُريد به الإنحلال الحقيقي بلحاظ ما يدخل في العهدة فإنه متينٌ، وإن أُريد به دعوى الإنحلال في تمام المراحل بما في ذلك عالم تكوين الوجوب فهو غير تامٍ لعدم العلم التفصيلي بأحد طرفي العلم الإجمالي بلحاظ هذا العالم.
 وقد تلخص أن الجواب عن المانع الأول: الذي أبرز للمنع عن جريان البراءة عن الأكثر أن البراءة إنما تجري عمّا يدخل في العهدة ويتنجَّز بالعلم، وأما الخصوصيات الحدِّية للوجوب كالإستقلالية والإطلاق فلا تدخل في العهدة، وإنما الذي يدخل في العهدة هو المحدود فإنه هو الذي يدخل في العهدة، وهذا الوجوب الداخل في العهدة يدور بين الأقل والأكثر، وهذا هو مصب البراءة إذا ما حصل فيه شكٌّ لمكان الشك في وجوب الزيادة، بل لا علم إجمالي بتاتاً، نعم بلحاظ عالم حقيقة الوجوب يوجد علمٌ إجماليٌّ مردَّدٌ بين المتباينين وهو غير منحلٍّ.
 الوجه الثالث: ما ذكره السيد الخوئي من دعوى الإنحلال الحكمي وذلك لانهدام الركن الثالث لجريان المؤمِّن عن الزائد ولا يعارضه الأصل المؤمِّن عن وجوب الأقل، لأن التأمين عنه في حالة ترك الأقل مع الإتيان بالأكثر غير معقولٍ، إذ لا يُعقل ترك الأقل مع الإتيان بالأكثر، وإن أُريد به التأمين في حالة ترك الأقل وترك الأكثر بتركه أساساً فهو غير ممكنٍ؛ لأن هذه الحالة هي حالة المخالفة القطعية والتي يكون التأمين عنها ترخيصاً في المخالفة القطعية، وعليه فالتأمين عن وجوب الأقل غير ممكنٍ فلا يُعارض بالتأمين عن الأكثر أو الزيادة.
 وهذا يتم على مسلك الإقتضاء دون العليَّة التي تمنع عن جريان المؤمِّن حتى عن أحد الطرفين فضلاً عن المنع عن جريانه في كلا الطرفين لقبح الترخيص في المخالفة الإحتمالية على حدّ قبح الترخيص في المخالفة القطعية.
 والمؤاخذة على هذا الوجه: أنه يستلزم التسليم بعدم انحلال العلم الإجمالي بلحاظ ما يتنجَّز من الوجوب ويدخل في عهدة المكلَّف، مع أنه لا علم إجماليٌّ بلحاظ هذا العالم، وإنما شكٌّ بدويٌ في وجوب الزائد، فبلحاظ مصب جريان المؤمِّن هناك انحلالٌ حقيقيٌّ لا حكميٌّ ولا تصل النوبة إليه لكونه متفرِّعاً على تمامية الركن الثاني وعدم انخرامه للطولية فيما بين الركنين الثاني والثالث.
 المانع الثاني: أن الذمة وإن كانت مشغولةً بوجوب الأقل على كل حالٍ لتردده بين كونه مستقلاً أو ضمنياً، إلا أنه لو اقتصر في مقام الإمتثال على الأقل فسوف لا يُحرز سقوط الواجب، لأنه على تقدير كون الواجب هو الأكثر وكون وجوب الأقل ضمنياً فإنه لا يسقط إلا ضمن الإتيان بالكل فإن امتثاله ضمنيٌّ على حدّ وجوبه الضمني، فيشك في الخروج عن عهدة
 تكليفٍ معلومٍ قد اشتغلت به الذمة فيجب الإحتياط، فإن الشغل اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني، ولا تفرغ الذمة يقيناً إلا بالإتيان بالأقل ضمن الأكثر.
 وسوف يأتي ما فيه والحمد لله رب العالمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo