< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الأصول

34/05/29

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الفقه \ كتاب الإجارة \ كفاية ملكية المنفعة في صحة الإجارة
 الكلام في الصورة الثانية وهي: فيما لو كانت المنفعة المملَّكة بالإجارة الأولى مطلقةً لا أنها خاصةً، إلا أنه اشترط عليه عدم تأجيرها من الغير فإنه بمقتضى لزوم الوفاء بالشرط وحرمة مخالفته لا يجوز للمستأجِر الأول تأجير العين من الغير تكليفاً، وهل تكون الإجارة الثانية محكومةً بالبطلان؟. وهذا يرتبط بما هو مفاد الشرط وأنه هل يملك المشروط له على المشروط عليه الفعل المشروط عليه؟، أو أنه لا يفيد إلا مجرَّد وجوب الوفاء بالشرط تكليفاً وثبوت الخيار وضعاً لمكان تخلُّف الشرط؟.
 وعلى الأول: حيث يملك المشروط له الفعل المشروط على المشروط عليه فسوف تبطل الإجارة الثانية إذا ما كانت مفوِّتةً لحقِّ المشروط له، وبالتالي فإن حرمة مخالفة الشرط تقتضي أن يكون ممنوعاً شرعاً عن الفعل بحيث لا تكون له السلطنة عليه، وإن شئت قلت: إنه يكون مسلوب السلطنة على الفعل فيكون تصرُّفه باطلاً وغير نافذٍ. فليس مفاد الشرط مجرَّد الإلتزام بمضمون العقد، ولذا جاز للمشروط له المطالبة بالفعل كما جاز له الإسقاط، وإنما مفاده تحجير المشروط عليه ومنعه شرعاً من التصرُّف، وبالتالي عدم نفوذ تصرُّفه لعدم سلطنته عليه.
 والحاصل: أن مقتضى قاعدة سلطنة الناس على حقوقهم تمنع من نفوذ التصرف المنافي له وتحجر عليه فلذا يبطل لصدوره ممن لا سلطان له على الفعل.
 وعلى الثاني: فحيث إن الشرط ليس إلا بمعنى إناطة الإلتزام العقدي بالإلتزام بالشرط؛ فحيث يتخلَّف الشرط يثبت الخيار للمشروط له لمكان تخلُّف الشرط. نعم هنالك كما عرفت حرمةٌ تكليفيةٌ لمكان مخالفة وجوب الوفاء بالشرط إلا أن ذلك لا يقتضي بطلان الإجارة.
 وحيث بنى الأكثر على المفاد الثاني فالإجارة الثانية محكومةٌ بالصحة، ويكون للمالك حق الفسخ ويستحقُّ أجرة مثل تلك المنفعة الفائتة على المالك بمقتضى الإجارة الثانية.
 وحاصل ما ذُكر من وجوهٍ للمنع:
 الوجه الأول: إنه لمَّا كان يجب الوفاء بالشرط فيوجب حرمة الإجارة وهو مستلزمٌ لفسادها.
 الوجه الثاني: -والذي ورد في كلمات صاحب الجواهر قدس سرُّه- إنه لا تجوز الإجارة الثانية لوجوب الوفاء بالشرط الذي يمتنع الجمع بينه وبين مقتضيات الإجارة الثانية والعمل بموجباتها، والمرشَّح للبطلان هي الإجارة وموجبات العمل بمقتضياتها لسبق خطاب وجوب الوفاء بالشرط.
 الوجه الثالث: إن اشتراط استيفاء المنفعة بنفسه يوجب ثبوت حقٍّ للمالك في ترك الإجارة الثانية وعدم إبرامها، فالإجارة الثانية منافيةٌ لحق المالك فتبطل.
 الوجه الرابع: إن شرط استيفاء المنفعة بنفسه مرجعه إلى شرط عدم تسليم المنفعة من خلال تسليم العين إلى الغير أو أن مرجعه إلى شرط عدم ركوب الغير الدابة، وعلى الأول فالإجارة باطلةٌ لعدم القدرة على التسليم الذي هو شرطٌ في صحة الإجارة، وعلى الثاني تبطل لحرمة المنفعة وقد عرفت اشتراط إباحتها.
 والحاصل: إن الشرط مانعٌ عن عموم الإذن بالتسلُّط لغير المستأجِر فيكون استيفاء الغير حراماً غير مأذونٍ به من قِبل المالك فلذا تبطل الإجارة الثانية لحرمة المنفعة لا لنفي السلطنة على الإجارة الثانية.
 والحمد لله رب العالمين.
 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo