< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الأصول

34/05/23

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الفقه \ كتاب الإجارة \ كفاية ملكية المنفعة في صحة الإجارة
 كان الكلام في الصور الأولى وقلنا بأن السيد الخوئي وتبعه على ذلك السيد الأستاذ استثنى ما لو كانت الإجارة الثانية لأجل انتفاع المستأجِر الأول، كما لو كان المستأجِر الأول الزوجة فآجرت الدار من الزوج من أجل سكنها هي بنفسها فلا محذور في الإجارة الثانية حيث إنها تمليكٌ للزوج شخص الحصة من المنفعة التي ملكتها الزوجة ببركة الإجارة الأولى.
 وقد علَّل السيد الخوئي ذلك في كلماته: بأن المناط في مراعاة القيد هو الاستيفاء الخارجي لا الملكية؛ أي بمن يستوفي شخص المنفعة لا بمن يكون مالكاً لها، فمتى كان المستوفي للمنفعة هو المستأجِر الأول فقد حُفظ القيد حتى لو كان المالك للمنفعة غيره، فلا تنافي الإجارة الثانية القيد المذكور بعد أن كان المباشِر للسكنى هي الزوجة المستأجِر الأول ووافقه على ذلك السيد الأستاذ دام ظلُّه
 أقول: يرد على هذا الاستثناء:
  أولاً: بالنقض أنه سوف يشمل كل ما لو كان المملَّك بالإجارة الثانية شخص منفعة سكنى المستأجِر الأول في الدار حيث يُحكم بصحة الإجارة الثانية رغم تقيُّد الأولى بسكنى شخص المستأجِر الأول في الدار.
 ودعوى: أن لا غرض من مثل هذه الإجارة الثانية، وبالتالي لا ترجع إلى محصِّل ولا يُقدم عليها العقلاء.
 مدفوعةٌ: بأن غاية ذلك كون المعاملة سفهائيَّةً لعدم الغرض فيها وهذا لا ينفي عنها الصحة طالما أنها يتوفَّر فيها شروط العوضين والمتعاقدين، أي أنها ليست معاملة سفيهٍ محجورٍ عليه وغير نافذ التصرُّف وضعاً.
 مُضافاً إلى: أنه ربما يكون الغرض موجوداً في مثل هذه المعاملة، كما لو آجر المالك داره في مكة في غير موسم الحج من زيدٍ بمائة درهم وقيَّدها بشخص سكناه الدار، وزيدٌ بدوره ملَّك شخص منفعة سكناه الدار لعمرو بإجارةٍ ثانيةٍ، وكان الغرض من استيجار عمرو أن يصير إلى تمليك شخص تلك المنفعة من زيدٍ بإجارةٍ ثالثةٍ بأزيد لو صحَّحنا فاضل الأجرة في مثل ذلك في موسم الحج، وبالتالي لا تكون الإجارة الثانية خاليةً من الغرض حتى تُوسم بالسفهائيَّة.
 وثانياً: بالحلِّ وأن مثل هذا التمليك سواءٌ للمنفعة كموردنا، أو للعين كما في البيع وغيره حيث لا يكون للمالك سلطنةٌ تكوينيَّةً على العين ولو بالشرط والتقدير أمر غير مستساغٍ لدى العُرف الذي ليس للشارع إلا دور الإمضاء لما عنده.
 وأمَّا حديث الزوجة: فما ذكره السيد الخوئي هو أكلٌ من القفا إذ تبقي الزوجة على الإجارة الأولى التي تمَّت فيما بين المالك والزوجة و يصير الزوج إلى تسديد الأجرة مباشرةً إلى المالك المؤجِّر أو إلى زوجته وهي بدورها تدفعها للمالك بعد أن لم تكن الأجرة شخصيَّةً وإنما كليَّةً، بل حتى لو كانت شخصيَّةً حيث تدفع شخص الأجرة من جيبها ثم يسدِّد الزوج لها من كيسه وفاءً بوجوب النفقة المتمثِّلة بالسكنى، لا أنه تكون هناك إجارتان مُلِّك فيهما شخص منفعة سكنى الزوجة الدار.
 والحمد لله رب العالمين
 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo