< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الأصول

34/04/08

بسم الله الرحمن الرحیم

 الأصول/ مباحث القطع /منجزية العلم الإجمالي/ خروج بعض أطراف العلم الإجمالي عن محل الابتلاء
 الكلام في التنبيه الحادي عشر وهو خروج بعض أطراف العلم الإجمالي عن محل الابتلاء
  وقلنا بأنه يقع البحث في مقامين:
 الأول: ما لو كان بعض أطراف العلم الإجمالي غير مقدور تكويناً.
 الثاني: ما لو كان بعض الأطراف خارجاً عن محل الابتلاء.
  أما المقام الأول فقلنا بأنه يستدل على عدم المنجزية بأمرين:
  الدليل الأول: أنه لا يكون لدينا علم بالتكليف الفعلي، فالمنثلم الركن الأول من أركان المنجزية ، لأن النجس إن كان هو الماء الذي لا يقدر على ارتكابه تكويناً فلا يكون موضوعاً ذا أثر شرعي لاشتراط التكليف بالقدرة تكويناً،ومع العجز كذلك لا تكليف على هذا التقدير فلا يكون لدينا علم بالتكليف الفعلي على كل تقدير وفي الطرف الآخر المقدور ارتكابه ليس طرفاً لعلم إجمالي، وإنما مجرد شك بدوي يجري عنه المؤمن، وهذا وزان الاضطرار حيث يكون الاضطرار إلى ترك الحرام كالاضطرار إلى فعله، فكما أن العلم الإجمالي لا ينجز في صورة الاضطرار إلى ارتكاب أحد الطرفين، كذلك لا ينجز مع الاضطرار إلى تركه بأن كان عاجزاً تكويناً عن الفعل.
 ونكتته: اشتراط التكليف في كلا الفرضين بالقدرة وكلا نحوي الاضطرار يساوق انتفاء القدرة فلا تكليف.
 إلا أن السيد الشهيد ذكر فارقاً بين نحوي الاضطرار وقد أفاد: أنهما يشتركان في نقطة ويفترقان في أخرى.
 أما نقطة الاشتراك فهي عدم صحة توجيه النهي إليهما فكما لا يصح نهي المضطر إلى شرب الماء النجس لعلاج اضطراره ورفعه كذلك لا يصح نهي من هو عاجز تكويناً عن شربه والنتيجة أن لا علم إجمالي بالنهي في كلا الاضطرارين الاضطرار إلى الفعل رفعاً للاضطرار، والاضطرار إلى الترك بمعنى عجزه التكويني عن الفعل.
 وأما نقطة الافتراق فبلحاظ مبادئ التكليف من المفسدة والمبغوضية الكامنتين في شرب النجس، فإن الاضطرار إلى الفعل هو عبارة عن حصة وجودية منه مغايرة للحصة التي تصدر من المكلف بملئ اختياره، والحصة الوجودية الصادرة عن اضطرار كما لا نهي عنها أيضا لا مبادئ للنهي ثابتة فيها من المفسدة والمبغوضية.
 وهذا بخلاف الاضطرار إلى الترك تكويناً بمعنى العجز عن الفعل كذلك، فإنه لا يشكل مثل هذه الحصة الوجودية للفعل وبالتالي لا يتوهم أن يكون الفعل غير المقدور عليه تكويناً غير واجد للمفسدة والمبغوضية، لأنه بمجرد فرض وجوده فقد فرضت تحقق المفسدة بوجوده وبالتالي صدور المبغوض منه، للفرق الوجداني بين الاضطرار إلى شرب النجاسة لعطشه وبين العجز عن شربه، ففي الأول ربما لا ثبوت للمفسدة ولا تحقق للمبغوض في شرب النجس المضطر إلى شربه رفعاً لعطشه، بخلاف الثاني حيث يكون شربه لو تمكن وأن وصل إليه بعد بذل العناية الفائقة فإنه سوف يكون واجداً للمفسدة ومحققاً للمبغوض .
 ودعوى: أنه لو كان الأمر كما ذكر فكان ينبغي على المولى التصدي للنهي عنه إبرازاً لملكاته أعني المفسدة وتنبيهاً على مبغوضيته.
 فيها: إن عدم النهي عنه لأنه لا يمكن صدوره من المكلف تكويناً.
 والحاصل: أن مبادئ النهي من المفسدة والمبغوضية ربما تُناط بعدم الاضطرار إلى الفعل ولا تُناط بعدم الاضطرار إلى الترك فيما إذا كان عاجزاً عن الفعل.
  إذا عرفت ما ذكره السيد الشهيد يظهر أن كلا نحوي الاضطرار إلى الفعل أو الترك لا يمكن أن يساقا بعصا واحدة، ففي النحو الأول كما لو اضطر إلى ارتكاب أحد طرفي العلم الإجمالي فإنه لا علم إجمالي بالتكليف لا بلحاظ الخطاب ولا بلحاظ المبادئ.
  بخلاف الاضطرار إلى الترك أي العجز عن ارتكاب أحد طرفي العلم الإجمالي، صحيح أن النهي وإن لم يكن ثابتاً على كل تقدير إلا أن مبادئه من المفسدة والمبغوضية ثابتة إجمالاً على كل تقدير ولا نشترط أزيد من ذلك، لأن ما يدخل في العهدة إنما ملاكات الأحكام ومبادئها لا مجرد التكليف الأجوف من ناحية المبادئ، والذي يكون مجرد لقلقة إنشاء من دون روح، حتى مع عدم جعل تكليف على وفقه لنكتة ما.
 والحاصل: أن لا إنثلام للركن الأول من أركان المنجزية.
 والحمد لله رب العالمين

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo