< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

42/04/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضـوع: تحديد أماكن التخيير/ المسألة 11 / التخيير في الأماكن الأربعة/ القاطع الثالث/ قواطع السفر/

بقي في المقام مطلبان:

الأول فيما يرتبط بصحيحة أبي ولاد الذي نوى حين دخل المدينة إقامة عشرة أيام ثم بداله أن لا يقيم حيث يسأل الإمام الصادق(ع) أنه يتم الصلاة؟ أو يقصر؟ وأجابه الإمام (ع) بأنه إن كان قد صلى فريضة واحدة بتمام فإنه يبقى على التمام إلى أن يخرج منها وإلا فحكمه القصر إلا ثلاثين يوماً إلا أن ينوي مرة أخرى الإقامة عشرة أيام فيتم فإنها منافية لأخبار التخيير حيث عينت عليه القصر ما لم ينو الإقامة.

إنكار جهة التقية التي ادعاها هشام، وإلا لم يكن معنى محصل للاستئثار بالإتمام. وكأن النظر في صحيحة ابن مزيار الوارد فيها اختلاف الرواية عن الأئمة الأطهار(ع) بعضها يأمر بالإتمام وبعضها بالقصر.

ثم إنه يقع الكلام في تحديد أماكن التخيير، وهي كما يلي:

    1. أن أماكن التخيير عبارة عن المساجد الثلاثة، الحرام والنبوي والكوفة والعاشر الحسيني(ع)، وهو مختار السرائر والشهيد في اللمعة والدروس والبيان وذهب إليه الشهيد الثاني في كتبه.

    2. أنها البلدان الأربعة، مكة المكرمة، المدينة المنورة، الكوفة وكربلاء المقدسة ذهب إلى ذلك الشيخ في المبسوط والنهاية على وجه وابنا حمزة وسعيد والمحقق وهو محتمل السيد والإسكافي حيث عبَّرا بالمشاهد.

    3. ما ينسب إلى الشيخ في كتابي الأخبار وهو مختار الذكرى أنها البلدان الثلاثة: مكة والمدينة والكوفة والحائر.

    4. أنها عبارة عن مكة والمدينة مع مسجد الكوفة والحائر الحسيني وهذا ما ينسب إلى الشيخ على وجه آخر وذهب إليه في الخلاف وذهب إليه المحقق في المعتبر والشرائع والنافع وذهب إليه العلامة في المنتهى والتحرير وظاهر الإرشاد والتبصرة وفي النفلية.

    5. ما عن الإسكافي والسيد في الجمل أنها عبارة عن مكة والمسجد النبوي ومسجد الكوفة والحائر بل ينسب إلى المبسوط ما يشمل الغري والنجف بل عن بعض ما يشمل كل المشاهد المشرفة.

    1. ثم إن مستند القول الأول علاوة على أنه مقتضى القاعدة حيث أن عمومات القصر في كل موضع يصدق فيه عنوان السفر يشمل الأماكن الأربعة على حد شمول سائر البقاع التي يصدق فيها العنوان وإنما نرفع اليد والقدر المتيقن عبارة عن المساجد الثلاثة والحائر حيث نلتزم فيها بالتخيير ونرفع اليد عن عموم القصر على المسافر وأما ما زاد على ذلك من تمام مكة والمدينة والكوفة وكربلاء فيكون المرجع عموم القصر. وإجمال الخاص لا يسري إلى العام، فالعام قد تمت حجية ظهوره في العموم بلا مزاحم إلا بمقدار ما تمت حجية الخاص فيه وهو الأقل والزائد يكون المرجع فيه العام. ولعلّ هذا مراد الحلي من اختصاص الحكم بالمسجدين أخذاً بالمتيقن.

نعم توجد جملة روايات قد يستفاد منها الاختصاص بالمساجد الثلاثة والحائر، وهي الروايات المشتملة على ذكر المسجدين الحرام والنبوي منضماً إلى ما ذكر.

مسجد الكوفة والحائر الحسيني، وذلك من قبيل رواية عبد الحميد خادم إسماعيل بن جعفر عن أبي عبد الله (ع) قال: تتم الصلاة في أربعة مواطن، في المسجد الحرام ومسجد الرسول ومسجد الكوفة وحرم الحسين(ع)، وهكذا رواية إبراهيم بن أبي البلاد عن رجل من أصحابنا عن أبي عبد الله(ع). قال: تتم الصلاة في ثلاثة مواطن: في المسجد الحرام ومسجد الرسول وعند قبر الحسين(ع) ورواية حذيفة بن منصور عمن سمع أبا عبد الله(ع) يقول: تتم الصلاة في المسجد الحرام ومسجد الرسول ومسجد الكوفة وحرم الحسين(ع) فقد يُقال بأنها يُخصَّص بها عموم حرم الله وحرم رسوله وحرم أمير المؤمنين وحرم الحسين(ع). صحيح أن لا مفهوم للوصف إلا أنه يدل على أن موضوع الحكم لم يكن هو الطبيعي على عمومه وإلا لزم اللغوية من تقييده وأن وجوده وعدمه سيَّان ينزَّه عنه كلام الحكيم العارف بأساليب المحاورة.

والحاصل: أن التقييد يكشف عن عدم تعلق الحكم بكلي مكة والمدينة، وإلا لم يكن معنى للتخصيص.

وفيه: مضافاً إلى ضعف سند الروايات التي أفادت المسجد الحرام ومسجد الرسول(ص). أما رواية عبد الحميد فهي ضعيفة به وبمحمد ابن سنان وعبد الملك القمي، وهكذا رواية حذيفة بن منصور لاشتمالها على محمد بن سنان والإرسال ورواية أبي بصير أيضاً مكان محمد بن سنان وكذا رواية إبراهيم بن أبي البلاد فإنها مرسلة.

إن المطلق والمقيد إثباتيان لا تنافي بينهما حتى يقيد المطلق بالمقيد ثم إنه يشهد لعموم الحكم لتمام البلدين ما في صحيحة ابن مهزيار حيث قال فقلت: أي شيء تعني بالحرمين؟ فقال: مكة والمدينة.

فإن اختصاص الحرمين بمكة والمدينة مما لا إشكال فيه وإنما السؤال عن أن الحرم يعم البلد؟ أو يخص المسجد؟ وعليه لا يمكن حمل الحرمين فيه على خصوص المسجدين.

وقد عرفت فيما سبق ما يقتضي اختصاص حرم الرسول بمسجد الرسول لا بتمام المدينة وذلك بمقتضى صحيحة أبي ولاد، لكن تقدم ما ينفع المقام.

وأما الحرم الثالث وهو حرم أمير المؤمنين(ع) أعني الكوفة أو مسجدها تمثلاً في صحيحة حماد بن عيسى النعير بحرم أمير المؤمنين وهو مجمل يتردد أمره بين تمام الكوفة وخصوص مسجدها، وقد تقدم أن المخصص إذا أجمل وتردد أمره بين الأقل خصوص المسجد والأكثر وهو تمام الكوفة فإنه يؤخذ بالقدر المتيقن وهو الأقل ويرجع في الزائد إلى عموم ما دل على القصر على كل مسافر.

والحاصل: أنه لا بد من الاقتصار على القدر المتيقن وهو المسجد دون سائر الكوفة. نعم في رواية زياد القندي حيث ورد فيها: أتم الصلاة في الحرمين وبالكوفة وعند قبر الحسين(ع) وقد عرفت مما تقدم ضعف سندها، لا تصلح لأن نخرج بها عن عمومات وجوب القصر على المسافر بالنسبة للكوفة.

وإنما ما يصلح لرفع اليد عن عمومات القصر هي روايات ضعيفة السند قد فسرت حرم أمير المؤمنين بمسجد الكوفة وقد تقدم منها رواية عبد الحميد خادم إسماعيل بن جعفر وخبر حذيفة بن منصور ورواية أبي بعير والتي فيها محمد بن سنان ومرسلة حماد بن عيسى ع أبي عبد الله (ع) قال: من الأمر المنظور إتمام الصلاة في أربعة مواطن بمكة والمدينة ومسجد الكوفة والحائر.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo