الأستاذ السيد حیدر الموسوي
بحث الفقه
41/04/19
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضـوع: المسألة 3/ لو صلى المسافر مكان القصر تماماً/ القاطع الثالث/ قواطع السفر/ أحكام الوطن/ صلاة المسافر.
مسألة 3 : "لو صلى المسافر بعد تحقق شرائط القصر تماما فإما أن يكون عالما بالحكم والموضوع أو جاهلا بهما أو بأحدهما أو ناسيا ، فإن كان عالما بالحكم والموضوع عامدا في غير الأماكن الأربعة بطلت صلاته ووجب عليه الإعادة في الوقت والقضاء في خارجه[1] وإن كان جاهلا بأصل الحكم[2] وأن حكم المسافر التقصير لم يجب عليه الإعادة فضلا عن القضاء ، وأما إن كان عالما بأصل الحكم[3] وجاهلا ببعض الخصوصيات مثل أن السفر إلى أربعة فراسخ مع قصد الرجوع يوجب القصر أو أن المسافة ثمانية ، أو أن كثير السفر إذا أقام في بلده أو غيره عشرة أيام يقصر في السفر الأول ، أو أن العاصي بسفره إذا رجع إلى الطاعة يقصر ونحو ذلك وأتم وجب عليه الإعادة في الوقت[4] والقضاء في خارجه[5] وكذا إذا كان عالما بالحكم جاهلا بالموضوع[6] كما إذا تخيل عدم كون مقصده مسافة مع كونه مسافة فإنه لو أتم وجب عليه الإعادة أو القضاء[7] ، وأما إذا كان ناسيا لسفره[8] أو أن حكم السفر القصر[9] فأتم فإن تذكر في الوقت وجب عليه الإعادة ، وإن لم يعد وجب عليه القضاء في خارج الوقت ، وإن تذكر بعد خروج الوقت لا يجب عليه القضاء ، وأما إذا لم يكن ناسيا للسفر ولا لحكمه ومع ذلك أتم صلاته[10] ناسيا وجب عليه الإعادة والقضاء".[11]
لو صلى المسافر مكان القصر تماماً، فقد ذكر (قده) عدة صور: - ما لو كان الإتيان بالتمام مكان القصر مع علمه بأصل الحكم، وبخصوصياته، ومع علمه بموضوعه، وكان عامداً في الإتيان بالتمام بدل القصر، في غير أماكن التخيير، فقد أفتى (قده) ببطلان صلاته، ووجوب الإعادة في الوقت، والقضاء خارجه. ودليله تارة مثل صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم، قالا: "قلنا لأبي جعفر عليه السلام : رجل صلى في السفر أربعا أيعيد أم لا ؟ قال : إن كان قرأت عليه آية التقصير وفسرت له فصلى أربعا أعاد ، وإن لم يكن قرأت عليه ولم يعلمها فلا إعادة عليه ".[12] حيث إن العالم بالحكم وبخصوصياته، وبالموضوع، العامد في إتيانه بالتمام من أبرز مصاديق من قرأت عليه الآية وفسرت له. ورواية الأعمش حيث ورد فيها: "ومن لم يقصر في السفر لم تجز صلاته، لأنه قد زاد في فرض الله عز وجل".[13] وصحيحة الحلبي قال: "قلت لأبي عبد الله عليه السلام : صليت الظهر أربع ركعات وأنا في سفر ، قال : أعد ".[14] حيث إذا كان السؤال عن شخصه كقضية خارجية فإنه لا ينبغي حمله على صورة العلم والعمد، وذلك لمكان جلالة الحلبي، ومكانته، إذ لا يُحتمل أن يكون عالماً بوجوب القصر، ومع ذلك يعتمد التمام. وأما إذا كان السؤال عن قضية تقديرية، فيكون وزان سائر الروايات الشامل بإطلاقه للعالم العامد. وأخرى بأن التمام مكان القصر زيادة في المكتوبة، ومن أوضح مصاديقها، لكونها زيادة عمدية، وقد تعلقت بركعتين مشتملتين على جملة أركان، فيكون مشمولاً لقوله (ع): من زاد في صلاته فعليه الإعادة، ولقوله في صحيحة زرارة: " إذا استيقن أنه زاد في صلاته المكتوبة ركعة لم يعتد بها واستقبل صلاته استقبالا إذا كان قد استيقن يقينا".[15] فإن من أوضح مصاديق الزيادة في المكتوبة زيادة ركعتين تشتمل كل واحد منهما على أركان كالركوع والسجدتين.
وثالثة: منافاة الإتمام مع القربة المشترطة في صحة المقصورة؛ لكونها عبادة، فإنه مع علمه بمخالفة عمله للواقع المطلوب منه، فإنه لا يتأتى منه نية القربة، بل لو كان ما يأتي به على أساس الأمر به كان من التشريع المحرم المبغوض للمولى، فلا يمكن التقرب به والحال هذه. اللهم إلا أن يقال: إن التشريع ليس في الأمر بالتمام، وإنما في تطبيق المأمور به على العمل المأتي به، فلا يكون منافياً مع قصد التقرب.
مضافاً: إلى أنه مقتضى إطلاق الأدلة الواقعية، المقيدة للقصر، وأنه لا محل للزيادة مع عدم وجود دليل على الإجزاء يقتضي الخروج عنه. وإلى مثل: لا تُعاد الصلاة إلا من خمس، والتي فيها الركوع والسجدتان، فيكون المورد مشمولاً لمنطوق حديث لا تعاد" لا تعاد الصلاة إلا من خمسة: الطهور، والوقت، والقبلة، والركوع، والسجود، ثم قال: القراءة سنة والتشهد سنة ولا تنقض السنة الفريضة[16] "، بناءً على شموله للزيادة على حد شموله للنقيصة كما هو الصحيح.