< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

41/04/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضـوع: المسألة1/ الإتيان بنافلة الظهرين لمن سافر بعد دخول وقتها/ فصل في أحكام صلاة المسافر/ القاطع الثالث/ قواطع السفر/ أحكام الوطن/ صلاة المسافر.

مسألة 1 :

"إذا دخل عليه الوقت وهو حاضر ثم سافر قبل الإتيان بالظهرين يجوز له الإتيان بنافلتهما سفرا[1] وإن كان يصليهما قصرا ، وإن تركها في الوقت يجوز له قضاؤها"[2]

تعرَّض الماتن لفرض ما لو دخل عليه الوقت، وهو حاضر، ثم قبل الإتيان بالصلاة سافر، وقد أفتى بجواز الإتيان بنافلة الظهرين في السفر، رغم أنه يصليهما قصراً؛ لمكان أنه مسافر، ولو فرض ترك نافلة الظهرين في الوقت جاز له قضاؤهما. مع أن نافلة الظهرين كما لا يُشرع الإتيان بهما في السفر، لا يُشرع قضاؤها.

وما يصلح أن يكون دليلاً على ذلك، تارة بأن ما دل عىل سقوط النوافل في السفر مختص بصورة ما لو دخل عليه الوقت وهو السفر، وأما إذا كان أول الفوت حاضر ثم سافر، فلا نظر في الروايات له، ويكون المرجع حينئذٍ عموم ثبوتها، إذ خرج عنه ما لو كان من أول الوقت في السفر، وفي غيره يُرجع إليه.

وفيه: أن هذا الاختصاص بلا موجب، لاسيما مع ما في رواية أبي يحيى الحناط من أنه لو صلحت النافلة، لتمت الصلاة، حيث أفادت التلازم بين تمامية الصلاة، وثبوت النافلة، وحيث قصرت الصلاة، فلا مشروعية للنافلة، ومنه مقامنا. وأخرى برواية عمار بن موسى الساباطي عن أبي عبد الله (ع) قال: " سئل عن الرجل إذا زالت الشمس وهو في منزله ثم يخرج في السفر ، فقال : يبدأ بالزوال فيصليها ، ثم يصلي الأولى بتقصير ركعتين ، لأنه خرج من منزله قبل أن تحضر الأولى وسئل فإن خرج بعد ما حضرت الأولى ؟ قال : يصلي الأولى أربع ركعات ، ثم يصلي بعد النوافل ثمانية ركعات لأنه خرج من منزله بعد ما حضرت الأولى ، فإذا حضرت العصر صلى العصر بتقصير وهي ركعتان ، لأنه خرج في السفر قبل أن تحضر العصر"[3] . فقد حكم (ع) فيمن سافر عند زوال الشمس أنه يبدأ بنافلة الظهر ثم يصلي الأولى، أي الظهر قصراً، وعلل (ع) ذلك التقصير بأنه سافر قبل دخول وقت الظهر، وكأن الوقت لا يدخل بمجرد الزوال، وأنه وقت فقط لنافلة الظهر، وإنما يدخل وقت الظهر بعد مُضي فترة، والمفروض الخروج قبل ذلك، أي أول الزوال، حيث لم يدخل في ذلك الآن إلا وقت النافلة دون الفريضة. وقد فصَّل (ع) بالإتيان بالأولى والتقصير في الثانية، ثم سأل ثانياً عما لو خرج بعد ما حضرت الأولى، وفي فترة بعد الزوال لا مجرد الزوال، فحكم (ع) بأنه يصلي الظهر تماماً، ويأتي بنافلة العصر، لفرض أن خروجه بعد دخول الوقت، وبعد دخول وقت العصر، يأتي بها قصراً؛ لفرض أن خروجه قبل حضور وقتها. والحاصل: أن دلالتها على ما أفاده الماتن، وتكون هي المخصص لما دل بالعموم على سقوط النافلة في السفر.

هذا بحسب الدلالة، وأما السند، فقد أسندها الشيخ في التهذيب عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال عن عمرو ابن سعيد عن مصدق بن صدقة عن عمار بن موسى، عن أبي عبد الله (ع). وإسناد الشيخ إلى أحمد بن الحسن فقد ذكر في الفهرست طريقين، قال: وله كتب، منها: كتاب الصلاة، وكتاب الوضوء، أخبرنا بهما أبو الحسين بن أبي جيد، قال: حدثنا ابن الوليد قال: أخبرنا الصفار قال: أخبرنا أحمد بن الحسن. ثم قال: وأخبرنا أحمد بن عبدون قال: أخبرنا ابن الزبير، قال: حدثنا علي بن الحسن عن أخيه أحمد بن الحسن. والإشكال في الإسناد الأول في ابن أبي جيد، حيث لم يوثق، ولم يُمدح، نعم أفاد السيد الخوئي أنه ثقة؛ لأنه شيخ من شيوخ النجاشي، حيث التزم بوثاقتهم جميعاً، وأنه لا يروي بلا واسطة إلا عن الثقة.

وهذا غير تام كما أوضحنا في محله. كما أن الإسناد الثاني مشتمل على ابن عبدون، وابن الزبير، وكلاهما لم يوثَّق. نعم يمكن التعويض، من خلال طريق الشيخ إلى سعد بن عبد الله الذي يروي عن أحمد بن الحسن، حيث يروي عن جماعة عن الصدوق عن محمد بن الحسن عن سعد عن أحمد بن الحسن. والحاصل: أن الرواية غير نقية رغم وصف بعضهم لها بالموثقة.

ثم إنه أورد عليها على ما في المستمسك[4] بإيرادين: 1- عدم دخول وقت الظهرين بمجرد الزوال، وهو مخالف للنصوص الكثيرة، وأنه تجب الظهران بمجرد الزوال مع ثبوت الترتب بينهما، ومما لم يلتزم به الفقهاء. وعليه: فإن مضمونها موافق لما لدى العامة من ضرب وقتين، واحد للظهر، وآخر للعصر، فلا يمكن التعويل عليها للخروج عن عمومات سقوط النافلة في السفر، وأنه متى قصرت الصلاة؛ سقطت النافلة.2- أن مبنى الحكم بعدم سقوط النافلة رغم سفره على أن الميزان في ظرف تعلق الحكم بمشروعية النافلة، لا بحال الإتيان بها وليس بظرف الامتثال، ولذا فصَّل في الجواب عن السؤال الثاني بين الظهر والعصر، وأنه يتم في الأول؛ لكونه حاضراً عند دخول الوقت، وتعلق الوجوب، ويقصر في الثاني؛ لكونه مسافراً، مع أن الصحيح والمتسالم عليه كون الميزان بوقت الأداء، لا بزمان التعلق والوجوب، وبالتالي تكون بمثابة المعرض عنها. والسيد الخوئي قد أسقط هذه الرواية عن الاعتبار تارة بموافقتها للعامة، وأنها واردة مورد التقية، وأخرى بأنها معرض عنها؛ فلذا تسقط عن الاعتبار. إلا أن ما أفاده غير تام لاسيما حسب مبانيه (قده) في حجية خبر الواحد. أما أولا: فإن مبناه في حجية الخبر، وثاقة المخبر بنحو الموضوعية والشرطية، وثمرة ذلك عدم كون إعراض المشهور موجباً لوهن الرواية، طالما أن الراوي ثقة، الذي هو تمام الموضوع للحجية. هذا لو ثبت إعراض من المشهور يوجب وهنه. وثانياً: بأن الحمل على التقية الموجب لعدم إجراء أصالة الجهة في كلام المعصوم (ع) وحمله على الجدية في مقام بيان الواقع، إنما يُصار إليه عند تعارض خبرين، أي كانت النسبة بينهما التباين، أو العموم الوجهي، لا في مثل المقام، حيث إن النسبة بينهما العموم المطلق. اللهم إلا أن يعلم من خارج عدم جدية الإمام (ع) في مقام بيان الواقع، ومن أين لنا ذلك لمجرد المعارضة غير المستقرة بين خصوص الخبر وعموم ما دل على سقوط النافلة في السفر. والحاصل: أنه لا مانع من تخصيصه لعمومات سقوط النافلة في السفر لو تم السند.

 

 


[1] لأولى الإتيان بها رجاءا . ( الإمام الخميني ) .* على تأمل والأحوط الترك والإتيان بها رجاءا وكذا في المسألة الآتية . ( آل ياسين ) .* عدم مشروعية نافلتهما لا يخلو من قوة . ( الجواهري ) .* الأحوط إتيانها رجاءا وكذا في صور المسألة الآتية . ( الحائري ) .* رجاءا وكذا في المسألة الآتية بجميع صورها . ( الشيرازي ) .* فيه إشكال بل منع . ( الخوئي ).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo