الموضـوع: المسألة 40/ اتحاد مكان التردد/ كلام الفقهاء ورأي الأستاذ/ القاطع الثالث/ قواطع السفر/ أحكام الوطن/ صلاة المسافر.

وقد اختلفت كلمات المعلقين وشرَّاح المتن بين من يرى قادحية أصل الخروج مع تجاوز حد الترخص، سواء طالت مدته أو قصرتـ فإن المناط هو صدق البقاء ثلاثين يوماً متردداً في محل واحد حتى نخرج به عن عمومات وجوب القصر على المسافر، والخروج متجاوزاً حد الترخص، سواء طالت المدة أو قصرت يضر في ذلك، تكرر ذلك الخروج أو لم يتكرر. وبين من يرى أن ما يقدح في صدق العنوان الذي به نخرج عن عموم وجوب القصر ليس أصل الخروج، وإنما الخروج معظم النهار، فضلاً عن تمامه ولو مع العود إلى محل التردد والمبيت فيه. وفضلاً عن الخروج تمام اليوم مع الليل والعود اليوم التالي، فإن أصل الخروج لا يقدح في صدق العنوان، وإنما المدة الطويلة، كما أسلفنا، أو المدة القصيرة فيما لو كان الخروج مكرراً، كالخروج يومياً إلى الكوفة للصلاة في مسجد الكوفة.

أقول: أن الخروج معظم اليوم، أو تمام اليوم مع الليل، والعود في اليوم التالي، أو تمام اليوم مع العود ليلاً والمبيت في محل تردده، لا يكون قادحاً فقط في وحدة المكان المشترطة في التردد ثلاثين يوماً، وإنما يضر في اعتبار توالي الأيام الثلاثين وتتابعها وعدم حصول ما يضر ويقدح في ذلك، فإن ذلك اليوم بتمامه، أو بمعظمه ليس متواجداً في محل التردد، وإنما في محل آخر قريب أو بعيد عن محل التردد، لا يجمعه معه وحدة عرفية، وعليه: فلو عاد إلى محل التردد عليه استئناف الثلاثين يوماً؛ لانتفاء الإتصال فيما بين الثلاثين يوماً.

وأما الخروج الساعة والساعتين مع نية العود إلى محل التردد عن قريب، ففيه وجه، لا سيما إذا لم يتكرر، وإنما حصل لمرة أو مرتين، فإنه لا يضر في صدق العنوان الذي به خرجنا عن عمومات القصر. وما بين الخروج معظم النهار، أو تمامه وبين الخروج ساعة أو ساعتين، لو حصل له الشك في قادحية الخروج تلك المدة في وحدة المكان الذي به نخرج عن عموم وجوب القصر، فإن المرجع عموم وجوب القصر، خرجنا عن بالمتردد ثلاثين يوماً في مكان واحد، وحيث يشك في هذا العنوان، للشك في قادحية الخروج المدة المذكورة، يكون المرجع عموم وجوب القصر.

وأما الخروج إلى أطراف البلدة المتردد فيها، فليس خروجاً عن محل التردد، بعد أن جمعه مع محل التردد وحدة مكان عرفية، فلا انثلام فيه لشرطية وحدة المكان.