< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

40/07/05

بسم الله الرحمن الرحيم

موضـوع: كلام الشيخ الأنصاري وصاحب الكفاية والميرزا/الصورة الأولى من المسألة 24 / القاطع الثاني/ قواطع السفر/ أحكام الوطن/ صلاة المسافر.

وأما الدليل الأول بشقه الثاني: فإن المورد من الدوران بين الرجوع إلى عموم وجوب القصر على المسافر الذي تمسك به القول الآخرة، أو استصحاب حكم الخاص – وجوب التمام- الذي تمسك به المشهور، والبحث في أن الزمان المأخوذ في العام الأزماني وهو وجوب القصر على كل مسافر في كل آن، والذي خرج منه بالتخصيص المسافر المقيم، فبعد انقضاء تلك الحصة الزمانية بعد الذهاب إلى الكوفة، وفي الكوفة، وفي الإياب، هل المرجع العموم الأزماني الذي خُصِّص، أو استصحاب وجو التمام؟، هل يُلحظ الزمان بنحو المفردية، بأن لوحظ الموضوع في كل زمان فرداً مستقلاً في قبال الآخرة، فلا يجري الاستصحاب؛ لأن الموضوع في الآن الثاني فرد آخر غيره في الزمان الأول، والمرجع عموم العام، وإن لوحظ الزمان في الموضوع بما هو ظرف مستمر، فلا يُرجع إلى العام؛ لأن الموضوع كان فرداً واحداً لا متكثراً بعدد الآنات للعام، وقد خرج بالتخصيص، وإنما المرجع استصحاب حكم الخاص، لانحفاظ موضوعه. هذا ما ذكره الشيخ الأعظم، وقد أضاف صاحب الكفاية: أن لحاظ الزمان بنحو المفردية والظرفية، لا يُلحظ في جانب العام فقط، بل لا بُد من لحاظه في الجانب الخاص، وتكون الصور أربعة؛ لأن الزمان إما لوحظ بنحو المفردية في كل من العام والخاص، أو بنحو الظرفية فيهما، أو بنحو المفردية في الأول، والظرفية في الثاني، أو العكس، وعلى الأول لا يُرجع إلى الاستصحاب؛ لتعدد الموضوع، وإنما المرجع عموم العام، وعلى الثاني فإنه لا مجال للتمسك بعموم العام؛ لكونه قد سقط بالمخصص، ويكون المرجع استصحاب حكم الخاص؛ لوحدة الموضوع، وعلى الثالث: كان المرجع كل من عموم العام؛ لأن الساقط منه حصة بالتخصيص، وفي غيرها يكون المرجع العام، واستصحاب حكم الخاص؛ لوحدة الموضوع حسب الفرض، إلا أنه يتقدم العموم على الاستصحاب؛ لحكومته عليه، وعلى الأخير لا يكون المرجع شيئاً منهما، أما العموم؛ فلسقوطه بالمخصص، فالرجوع إليه خلف التخصيص، وأما الاستصحاب؛ فلعدم وحدة الموضوع.

وأما الميرزا: فقد فصّل بين كون العموم الأزماني تحت التكليف، وفي متعلق الحكم، بأن ينصب الحكم على المتعلق المستمر، وبين كونه فوق التكليف، وفي نفس الحكم، بأن يعرض عليه ويكن قيداً له، فيكون الحكم الثابت للمتعلق مستمراً، من قبيل لزوم العقد، فإن الحكم باللزوم آناً ما يلزم منه اللغوية، فيكون الحكم مستمراً، وفي الأول حكم بجواز التمسك بالعام بعد انتهاء أمد التخصيص؛ لأن نفس دليل الحكم يتكفل إثبات الاستمرار لمتعلقه، وفي الثاني يتعين الرجوع إلى استصحاب حكم الخاص؛ لأن الاستمرار العارض على الحكم ليس مفاداً لدليل الحكم، وإنما في طول ثبوته، والذي يثبته دال آخر يقتضي استمرار ما ثبت، من قبيل اللغوية، فالحكم بقوة الموضوع للاستمرار، وعليه: لو خصص الحكم في قطعة من الزمان، فلا يصح الرجوع إلى العموم في الزمان المتبقي، إذ لو أريد الرجوع إلى دليل الحكم، فإنه لا يدل على الاستمرار، لكون الاستمرار عارضاً عليه، وإن أريد الرجوع إلى ما دل على الاستمرار كاللغوية، فإنه يفيد الاستمرار بعد الفراغ عن ثبوت أصل الحكم الذي هو بمثابة الموضوع له، ولا يحرز الدليل موضوعه، وعليه: يكون المرجع استصحاب حكم الخاص.

إذا عرفت ذلك: فالمستفاد من أدلة القصر على كل مسافر، وأدلة التمام على المقيم: أن الزمان لوحظ في كل منهما بنحو المفردية، وذلك: أما بالنسبة لأدلة القصر، فإنها أوجبت القصر على كل فرد مسافر، وأوجبت عليه ذلك في كل آن هو فيه مسافر، بحيث يكون المسافر في كل زمان موضوعاً مستقلاً لوجوب القصر، وهكذا بالنسبة لوجوب التمام على المقيم، حيث يكون المقيم في كل آن موضوعاً مستقلاً، وفي المسافر في الآن الآخرة لوجوب التمام، وقد خرج بالتخصيص عن عموم القصر على كل المسافر ما لو كان مقيماً، وبعد انتفاء الإقامة يكون المرجع عموم وجوب القصر؛ لانتهاء أمد التخصيص، فالآن الآخرة أعني الذهاب والمقصد والإياب يكون فيه المسافر موضوعاً آخر غير ذاك الموضوع، فيكون مشمولاً لعموم القصر، بل لا يجري استصحاب حكم الخاص لكون الزمان لوحظ على نحو المفردية، فلا انحفاظ للموضوع حتى يجري الاستصحاب!.

نعم أفاد الميرزا على ما في تقريرات الصلاة ج3 ص 281/282 أن وجوب القصر في السفر حكم إيجابي، قد استفاد استمرارية هذا الحكم بحسب الزمان ما دام السفر، وذلك بنكتة محذور لزوم اللغوية، إذ لا معنى لإيجاب القصر في السفر في الجملة، ثم قال: وهو قابل لاعتبار الزمان ظرفاً، والتقدير أن وجوب القصر مستمر في السفر، كما أنه قابل لاعتباره ظرفاً للمتعلق، والتقدير أنه يجب القصر في كل رباعية في السفر، ثم أفاد: أن المستفاد من آية القصر مع ما ورد من الأخبار من أن التقصير في بريدين هو اعتباره ظرفاً للحكم، ولم ينهض على اعتباره ظرفاً للمتعلق دليل، وبعد إبطال الإقامة بمبطل يكون الحكم هو الرجوع إلى استصحاب حكم المقيم، لا إلى حكم المسافر، والإشكال بخروج المقيم بعد إبطال الإقامة عن كونه مقيماً، فيكون استصحاب حكمه جزاً للحكم من موضوع إلى موضوع آخر فيه: أن المقيم ليس موضوعاً للحكم بالتمام، وإنما موضوعه من أقام وأتى برباعية صحيحة، والمفروض أنه قد قصد الإقامة وأتى برباعية صحيحة، فإذا شك في بقاء حكمه فإنه يُستصحب من غير إشكال.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo