< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

40/06/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضـوع: المسألة 21 /حكم الصوم فيما إذا عدل عن الإقامة قبل الصلاة تماماً/ القاطع الثاني/ قواطع السفر/ أحكام الوطن/ صلاة المسافر.

مسألة 21:

"إذا عزم على الإقامة فنوى الصوم ثم عدل بعد الزوال قبل الصلاة تماما رجع إلى القصر[1] في صلاته، لكن صوم ذلك اليوم صحيح[2] لما عرفت من أن العدول قاطع من حينه لا كاشف، فهو كمن صام ثم سافر[3] بعد الزوال"[4]

ما لو دخل المدينة قبل الفجر، فنوى الإقامة وصام، ثم عدل عن الإقامة، فإن كان العدول بعد الإتيان برباعية، فإن صومه صحيح، بل يصوم ما يستقبله من الأيام إلى أن يُنشأ سفراً جديداً، وإن لم يأتِ برباعية فلا يخلو، إما أن يكون العدول بعد الغروب، أو بعد الزوال، أو قبل الزوال، وقد سبق البحث في هذه الصورة، ووجود القائل بها، وأنه ليست مجرد وجوه واحتمالات، فإن كان العدول بعد الغروب، فإن صومه صحيح، فإنه مسافر مقيم بمجرد النية وعدم العدول، فتشمله إطلاقات الأمر بالصوم في السفر للمقيم؛ لتحقق الموضوع في حقه. صحيح أنه عدل عن نية الإقامة قبل الإتيان برباعية، إلا أن هذا العدول مبطل للإقامة من حينه لا أنه كاشف عن عدم انعقادها من رأس، وإنما لا يصح منه الصوم لما يأتي من أيام بعد أن كان العدول قبل الإتيان برباعية، والذي يبطل الإقامة من حينه.

وأما إن كان العدول قبل الزوال، والمفروض أنه حصل قبل الإتيان برباعية، فصومه محكوم بالبطلان؛ لعدم تحقق موضوع صحة الصوم في السفر منه، وذلك لكونه مسافراً غير مقيم، فلا يكون صومه صحيحاً؛ لعدم مشروعيته في حقه، وقد عرفت فيما سبق وجود القائل به، وعرفت الجواب عنه.

وأما إذا كان العدول بعد الزوال، فإن صومه محكوم بالصحة، لكون العدول قبل الإتيان برباعية قاطع من حينه، لا أنه كاشف عن البطلان من رأس، وعليه: فإن موضوع مشروعية الصوم وصحته، وبالتالي وجوبه ثابت عليه، فكان يجب عليه الصوم حال النية، لكونه مقيماً، وزان من صام ثم سافر بعد الزوال.

وكأن الماتن يقيس الفرض على من صام ثم سافر بعد الزوال، وأورد عليه: بأنه لا دليل يوجب انسحاب الحكم على الفرض، لتعدد الموضوع. هذا ما افاده السيد الحكيم في شرحه، وأورد عليه السيد الخوئي في شرحه: أنه منظور الماتن شيء آخر، وهو أنه قد دلت الروايات، والتي من جملتها صحيحة محمد ابن مسلم: إذا سافر الرجل في شهر رمضان، فخرج بعد نصف النهار عليه صيام ذلك اليوم[5] . أن من صام ثم سافر بعد الزوال وجب عليه صوم ذلك اليوم، ولا يبطله السفر، وبذلك يُقيد قوله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾[6] ، وأن طرو السفر لو كان بعد الزوال لا يقدح في صحة الصوم، وإنما يمنع لو كان قبل الزوال، فلو كان هذا شأن السفر نفسه، فإن واقع السفر الخارجي المسبوق بنية الإقامة غير مانع من صحة الصوم.

ثم استطرد مستفهماً، أنه هل يحتمل أن مجرد النية غير المقترنة فعلاً بالسفر الخارجي، وإنما محض عدول عن قصد الإقامة والقصد إلى السفر، أو التردد يكون مانعاً عن صحة الصوم؟ في حين أن نفس السفر المشتمل على النية لا يكون مانعاً عن صحة الصوم، فإن مجرد قصد السفر لا يزيد على نفس السفر المشتمل على النية، فإن لم يكن مانعاً لم تكن النية مجردة مانعة بطريق أولى، وعليه: فتلك الأخبار تدل بالأولوية القطعية على حكم المقام.


[1] بل الأحوط الجمع كما تقدم وإن كان القول بالتمام لا يخلو عن قوة. (الجواهري). * تقدم الإشكال فيه. (النائيني).
[2] فيه إشكال فلا يترك الاحتياط بالإتمام والقضاء. (الگلپايگاني). * لا يترك الاحتياط بالإتمام والقضاء. (الحائري).
[3] ولازمه صحته ولو تلبس بسفر جديد وخرج عن محل الإقامة كما لو وقع ذلك منه بعد تمام الإقامة أو بعد استقرارها بفعل الصلاة تماما ولكن ربما يشكل بأن العدول وإن كان قاطعا من حينه لا كاشفا لكن نية الإقامة بمجردها لا تقطع السفر ولذا يعود إلى القصر بمجرد العدول فيكون نظير ما إذا كان سفره معصية فصام ثم عاد بعد الزوال إلى قصد الطاعة فإنه لا يصح صومه ولا يكون بمنزلة الحاضر إذا سافر بعد الزوال إذ ليس هو بحاضر ولا بمنزلته بل مسافر وجب عليه التمام وإنما يكون المقيم بمنزلة الحاضر بعد استقرار إقامته لا قبلها وفرق واضح بينه وبين من صام ثم سافر بعد الزوال فإنه ذو وطن أو بحكمه وهو المقيم بعد استقرار إقامته . (كاشف الغطاء).
[5] وسائل الشيعة باب5 من أبواب من يصح منه الصوم، ح1.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo