< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

40/06/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضـوع:المسألة 18/الصور فيما لو فاتته رباعية ثم عدل عن الإقامة/ القاطع الثاني/ قواطع السفر/ أحكام الوطن/ صلاة المسافر.

مسألة 18:

"إذا فاتته الرباعية بعد العزم على الإقامة ثم عدل عنها بعد الوقت فإن كانت مما يجب قضاؤها وأتى بالقضاء تماما ثم عدل فالظاهر كفايته في البقاء على التمام [1] وأما إن عدل قبل إتيان قضائها أيضا فالظاهر العود إلى القصر وعدم كفاية استقرار القضاء عليه تماما، وإن كان الأحوط الجمع [2] حينئذ ما دام لم يخرج، وإن كانت مما لا يجب قضاؤه كما إذا فاتت لأجل الحيض أو النفاس ثم عدلت عن النية قبل إتيان صلاة تامة رجعت إلى القصر فلا يكفي مضي وقت الصلاة في البقاء على التمام .”[3]

عالج الماتن في هذه المسألة:

ما لو قصد الإقامة ثم فاتته الرباعية في الوقت ثم عدل عن الإقامة خارج الوقت، وقد فصَّل الماتن بين أن تكون الفائتة مما يجب قضاؤها، وقضاها ثم عدل عن نية الإقامة، فقد حكم بالبقاء على التمام إلى أن يتلبس بسفر جديد، وأما إن كان العدول قبل قضائها، فقد حكم بالرجوع إلى القصر، وأن مجرد ثبوت قضاء الرباعية عليه لا يشفع في البقاء على التمام، بل لا بد من الاتيان بالرباعية أداءاً أو قضاءاً حتى يبقى على التمام، لا مجرد اشتغال الذمة بقضاء رباعية، ثم احتاط استحباباً بالجمع بين القصر والتمام ما لم يتلبس بسفر جديد، وإن كانت الرباعية مما لا يجب قضاؤها كما لو فاتت لأجل الحيض، ثم عدلت عن الإقامة قبل الإتيان برباعية، فإنها ترجع إلى القصر؛ لبطلان الإقامة بالعدول عن نيتِّها، ولا يكفي مضي وقت الصلاة للحكم بالبقاء على التمام، بل لا يكفي اشتغال الذمة بالرباعية ليبقى على التمام، بل لا بد من الإتيان برباعية أداءاً، أو قضاءاً للحكم بالبقاء على التمام. هذا حاصل ما ذكره الماتن.

وقد ظهر أن لدينا جملة فروض لما يُحتمل أن يكون الموضوع للبقاء على التمام، فيما لو عدل عن نية الإقامة، فتارة يكون بعد الإتيان برباعية أداءاً، وأخرى بعد الإتيان بها قضاءاً، وثالثة بمجرد اشتغال الذمة برباعية، ولو لم يأتِ بها قضاءاً، ورابعة مضي وقت الرباعية، ولو لم تشتغل به الذمة؛ لمانع كما لو فاتت لأجل الحيض، ولا إشكال في البقاء على التمام في الفرض الأول بحسب نص الشرطية الأولى من الصحيحة، وفي الثاني حكم الماتن بالبقاء كذلك على التمام، عملاً بإطلاق الصحيحة للإتيان بالرباعية، أعم من الأداء والقضاء، وفي الثالثة حكم بالرجوع إلى القصر، وهكذا في الفرض الرابع، كل ذلك لعدم الإتيان برباعية ولو قضاءاً، ولا يكفي مجرد اشتغال الذمة بها، ولا مضي وقت الصلاة، ولا مضي مقدارها وإن لم تشتغل بها الذمة لمانع، كالحيض.

وخلاصة البحث: أنه لا إشكال في كون الإتيان بالرباعية أداءاً موضوعاً للبقاء على التمام إلى التلبس بسفر جديد، وذلك هو مفاد الشرطية الأولى من الصحيحة، وإنما البحث فيما لو كان العدول بعد الإتيان بالرباعية قضاءاً تمسكاً بإطلاق الشرطية الأولى في الصحيحة، ولا وجه لاعتبار خصوص الرباعية أداءاً.

ودعوى: الانصراف إلى خصوص الأدائية للمنع من الاطلاق ممنوعة؛ لأنه بدوي.

وذهب بعضهم إلى الاكتفاء بمجرد اشتغال ذمته بالقضاء واستقراره عليه، وإن لم يأتِ به خارجاً، وبالتالي لا يكون العدول موجباً لبطلان نية الإقامة والرجوع إلى القصر.

وفيه: أما بالنسبة لكفاية الإتيان بالرباعية ولو قضاءاً في الحكم بالبقاء على التمام، وعدم قادحية العدول، فيرده أن لا إطلاق في الصحيحة يشمل ما لو أتى بالرباعية قضاءاً، فإن ما اشتملت عليه الشرطية الثانية أن موضوع البقاء على التمام ما لو أتى بالرباعية، بحيث لو لم يأتِ بها كان مخيراً بين الإقامة والتمام وعدمها، والتقصير ما بينه وبين شهر، وهذا خاصة الصلاة الأدائية دون القضاء؛ لأنه لو قصد الإقامة وفاتته الصلاة، فإنه يجب قضاؤها تماماً حتى لو عدل عن نية الإقامة، ولا معنى للتخيير فيها، فالموضوع للحكم بالبقاء على التمام وإن عدل عن النية هو الإتيان برباعية يستند إتمام الصلاة فيها إلى نية الإقامة حين الإتيان بها، بحيث لو عدل عن نية الإقامة قبل الإتيان بها لزمه العود إلى التقصير لا أن يكون مستنداً إلى نية الإقامة السابقة المتحققة في وقتها، وهذا يختص بالرباعية الأدائية دون القضائية، فإن ما فات بعد نية الإقامة يجب قضاؤها رباعية، سواء عدل عن نية الإقامة قبل القضاء، أم بعده لفرض أن الفائت صلاة رباعية، لمكان قصد الإقامة أبان الفوت، فكانت وظيفته التمام، وهي التي يجب قضاؤها؛ لاشتغال ذمته به واستقراره عليه، ولا ربط لقصد الإقامة في حال الصلاة القضائية في تماميتها؛ لكفاية القصد الأول للإقامة والذي انعدم نتيجة العدول في ثبوت الرباعية عليه من غير دخالة لنية الإقامة بقاءاً واستمراراً في ذلك، حتى رجع عن قصده.

وعليه: يكون إطلاق مفهوم الشرطية الأولى هو المرجع، وأما الاكتفاء بجرد اشتغال الذمة بالرباعية واستقرارها عليه ففيه: أن مجرد استقرارها من دون الإتيان بها ليس موضوعاً للحكم بالبقاء على التمام، إذا ما كان العدول بعد الاستقرار، بل الموضوع هو الإتيان بالرباعية خارجاً.

والحاصل: أنه يصدق أنه لم يصل فريضة بتمام، ولم يأتِ بها، وإن استقرت في الذمة خلافاً للتذكرة.

ومنه يُعلم: ما لو مضى وقت الصلاة ولم يأتِ بها، إلا أنه لم تشتغل الذمة لمانع، كالحيض، فإنه لا موضوعية للعدول في الحكم بالبقاء على التمام إلى أن يتلبس بسفرٍ جديد، إذ يصدق أنه لم يصلِّ فريضة بتمام. بل يرجع إلى القصر؛ لقادحية العدول هذا في نية الإقامة.

 


[1] فيه إشكال. (الحائري، الگلپايگاني). * لعموم النص وانصرافه إلى الأداء بدوي لو سلم. (كاشف الغطاء). * فيه إشكال بل منع فإن الظاهر من الرواية استناد إتمام الصلاة إلى نية الإقامة حالها بحيث لو كان العدول قبله لزم عليه القصر والمفروض أن لزوم التمام في القضاء ليس كذلك. (الخوئي).
[2] هذا الاحتياط لا يترك. (النائيني).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo