الموضـوع:مناقشة الأستاذ للقول الثالث/حكم الصلاة لم قطع الإقامة/ القاطع الثاني/ قواطع السفر/ أحكام الوطن/ صلاة المسافر.

ومنه يُعلم ما في وجه القول الثالث:

فإن العدول عن نية الإقامة بعد القيام إلى الركعة الثالثة، فحيث إن وظيفته انقلبت إلى القصر؛ للتبدل في الموضوع بعد العدول عن نية الإقامة، فيحكم على القيام بالزيادة، إلا أنها ليست عمدية في المكتوبة حتى يُحكم ببطلان صلاته، بل هي زيادة غير عمدية؛ لأنه أتى بالقيام جرياً على نيته وقصده الإقامة، فلما عدل عنها وتبدل الموضوع عنده من المقيم إلى المسافر غير المقيم، وبالتالي انقلبت وظيفته من التمام إلى القصر؛ فلذا يهدم القيام ويتم ما بيده من صلاة مقصورة.

ومنه يُعلم أن ما تكرر من استدلالات، بأن ما بيده من صلاة، سواء كان أول الشروع فيها، أو حين القيام للركعة الثالثة، أو في ركوع الثالثة، من أنها محكومة بالصحة؛ لتعلق الأمر بها الكشاف عن تمامية الإقامة المنوية، فما الذي أفقد هذه الإقامة صحتها؟ إذ من الواضح أن مجرد نية العدول لا يكشف عن عدم صحة الإقامة، أو فقل: لا يوجب انقلابها عن صحتها.

غير تام؛ لأن الأمر لم يتعلق بشخص ما بيده من صلاة، بل ولا بغيرها من سائر الأفراد، وإنما تعلق بالطبيعة المنتشرة من الزوال إلى الغروب، والفرد المأتي به رغم صحته إلا أنه لا يعني ذلك تعلق الأمر به، وإنما هو فرد للطبيعة التي تعلق بها الأمر، فلو عدل عن نية الإقامة في الإثناء الموجب ذلك للتبدل في الموضوع من المقيم إلى المسافر غير المقيم، سوف تنقلب الوظيفة لا محالة من التمام إلى القصر، وبالتالي لا يكون مشمولاً للطبيعة المأمور بها، وهي القصر، فإنه لا يمكنه الامتثال بهذا الفرد الذي دخل فيه في ركوع الركعة الثالثة، لا تماماً لمكان الانقلاب، ولا قصراً لمكان الزيادة الركنية المبطلة على كل حال، وبالتالي الموجب لفوت محل العدول، بخلاف ما لو كان ذلك أثناء القيام في الركعة الثالثة.

والحاصل: أنه لا يكفي الشروع في الرباعية بنية التمام، ولا في القيام للركعة الثالثة، بل ولا الدخول في ركوع الثالثة، للبقاء على التمام إلى أن يتلبس بسفر جديد، بل ينقلب حكمه إلى القصر؛ للتبدل في الموضوع بعد نية العدول في كل هذه المواضع، والذي يُستثنى فقط وفقط ما لو أتى برباعية وفرغ عنها ثم عدل عن نية الإقامة، حيث يبقى على التمام حتى يتلبس بسفر جديد.