الموضـوع: مناقشة الوجه الثالث للخروج الموضوعي للمقيم/الإقامة عشرة أيام/ القاطع الثاني/ قواطع السفر/ أحكام الوطن/ صلاة المسافر.

الوجه الثالث: وأما صحيحة زرارة فإنه يرد على الوجه الأول: أن إطلاق الصحيحة لصورة الخروج إلى ما دون المسافة محفوظ إلا أنه لا يعني ذلك عموم المنزلة، وأن نتعامل مع المقيم معاملتنا مع أهل مكة، بما في ذلك أنه لو زار من كان مقيماً البيت بعد الرجوع من عرفة، وجب عليه التمام، بل هذا المقدار لا يدعيه الميرزا. وإن شئت قلت: إن حديث التنزيل هذا الذي هو نحو حكومة لصحيحة زرارة على أهل مكة، وذلك بالتوسعة في عقد الوضح إستطراقا لترتيب آثار أهل مكة على المقيم فيها، إنما يكون بمقدار ما يكون للدليل الحاكم نظر إليه من الآثار والمقدار الثابت بحسب هذه الوجه أنه يبقى المقيم على التمام حتى لو خرج إلى ما دون المسافة، ثم رجع إلى مكة، وأين هذا من صيرورة مكة وطناً ادعائيا له.

وأما البيان الثاني: فالأثر الأول مسلّم نتيجته، وأن خروج المقيم إلى ما دون المسافة لا يقدح في الإقامة، ولا يضر في وجوب التمام عليه، إلا أنه لا يعني ذلك صيرورة محل الإقامة كالوطن بالنسبة له. ومنه يُعلم ما في الأثر الثالث من أن الإقامة قاطعة لموضوع حكم القصر ومخرجة للمكلف عن عنوان المسافر إلى الحاضر. والصحيح: أن الإقامة قاطعة لحكم القصر ومخرجة للمسافر عن شمول أدلة القصر له، وبالتالي فإن وجوب التمام عليه لأجل تخصيص أدلة القصر بغير المقيم، لا لأجل انقلابه من عنوان المسافر إلى الحاضر.

وأما الأثر الثاني: أعني ثبوت حد الترخص للمقيم على حد ثبوته لأهل البلد، فإنه لا يلزم منه بوجه صيرورة المقيم بمنزلة أهل البلد، لا سيما بلحاظ ما بعد العود من عرفات، فإن الصحيحة وإن اشتملت على أنه يجب عليه التمام إذا زار البيت، وأنه يبقى على التمام وإن خرج إلى منى، حتى ينصرف إلى أهله، إلا أنه مما لم يعمل به حتى الميرزا، ولذا كان هذا المقدار من الآثار نتيجة التنزيل ذاك لم يُرتب، وهو مورد إعراض الجميع، ولو التزم به ففي خصوص مكة، لشرافة المكان وغيره ولا يصح التعميم.

وأما الوجه الثالث: فقد اتضح مما تقدم من الجواب عن الوجه الأول، فلاحظ بفارق أن استفادة ذلك في الوجه الأول على أساس إطلاق المنطوق، وفي هذا الوجه على أساس المفهوم، وهذا لا يغيّر لا في جوهر المطلب ولا روح الجواب.