الموضـوع: الوجه الثالث من وجوه خروج المقيم موضوعياً/ القاطع الثاني/ الإقامة عشرة أيام/ قواطع السفر/ أحكام الوطن/ صلاة المسافر.

الوجه الثالث: ما في صحيحة زرارة حيث نزّلت المقيم في مكة بمنزلة أهل مكة شاهدة على أن الإقامة قاطعة للموضوع لا أنها مخصصة للحكم، وإن شئت قلت: أن مفادها توسعة دائرة عقد الوضع، بحيث يشمل المقيم، إستطراقا لترتيب الآثار التي للوطن عليه، أعني التمام والصوم، فيكون المقيم من أهل مكة إدعاءاً لترتيب آثار أهل مكة عليه.

والصحيح هو عن عن أبي جعفر الباقر (ع) قال: "من قدم قبل التروية بعشرة أيام وجب عليه إتمام الصلاة وهو بمنزلة أهل مكة، فإذا خرج إلى منى وجب عليه التقصير، فإذا زار البيت أتم الصلاة وعليه إتمام الصلاة، إذا رجع إلى منى حتى ينفر"[1] . بأحد بيانات:

    1. إطلاق قوله (ع): من قدم قبل التروية بعشرة أيام وجب عليه إتمام الصلاة، حيث دل بإطلاقه على وجوب التمام، سواء خرج من مكة إلى ما دون المسافة، أو لم يخرج. ونفي الإطلاق بدعوى أن النظر في الرواية إلى بيان حكم المقيم وليس لها تعرض لحال الخارج إلى ما دون المسافة. مدفوع: بأن الغالب في المقيم فيها هو الخروج ولو لمثل غار حراء، مما هو خارج سور مكة، فلا يُصغى لدعوى نفي الإطلاق.

    2. إن قوله (ع): هو منزلة أهل مكة يستفاد منها:

    • كون محل الإقامة كالوطن فخروج ذي الوطن إلى ما دون المسافة لا يضر في وجوب التمام، فكذا خروج المقيم على ما دونها.

    • وجوب التمام حتى يصل إلى حد الترخص، فيما لو أنشأ سفراً جديداً بعد الإقامة، فيكون كل من المقيم وذي الوطن يحتاج إلى حد الترخص.

    • كون الإقامة قاطعة لموضوع حكم القصر ومخرجة للمسافر إلى الحاضر، لا أن وجوب التمام من باب تخصيص حكم المسافر بغير المقيم.

    3. إن قوله (ع): فإذا خرج إلى عرفات وجب عليه التقصير، حيث إنه دل بمنطوقه على حكم القصر في المسافة الملفقة مع الرجوع لغير يومه، ودل بمفهومه على وجوب التمام فيما دون المسافة، وأن ذكر عرفات لا خصوصية فيها، بل لأن الخروج إلى مورد الابتلاء، فهو بقوة قوله: إذا خرج إلى المسافة وجب عليه التقصير، حيث يدل بمفهومه أنه إن خرج إلى ما دونها فلا يجب القصر أي يجب التمام.