< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

40/02/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضـوع: زوال حكم الوطنية بالاعراض والخروج/ المسألة الرابعة/ قواطع السفر/ أحكام الوطن/ صلاة المسافر.

زوال حكم الوطن (مسألة 4):

"يزول حكم الوطنية بالإعراض والخروج، وإن لم يتخذ بعد وطنا آخر، فيمكن أن يكون بلا وطن مدة مديدة"[1] .

ذكر الماتن في هذه المسألة زوال حكم الوطنية، بنية الإعراض زائد الانصراف خارجاً، سواء اتخذ وطناً آخر أو لم يتخذ.

وهذا واضح إذا ما كان المعرض عنه الوطن الأصلي، أو الاتخاذي؛ لتقوم صدق الوطن عرفا بالتوطن والسكن في المكان الذي هو وطنه الأصلي أو الاتخاذي، والتردد عليه بحيث يُعد مسكناً له، ولا كلام في زوال هذا العنوان بالانصراف عن ذلك المكان مع قصد الاعراض عنه، فلا يُعرف بالإضافة والانتساب إليه، بلا فرق بين اتخاذ بلد آخر وطناً له، أو عدم اتخاذه، إما أنه لا يريد اتخاذ مكان آخر وطناً له أصلاً، كالسائح في الأرض، والأعراب، أو أنه يريد أن يتخذ ولكنه لم يتخذ بعدُ، فالمهم أن حكم الوطن زال عن ذلك المكان الذي أعرض عنه على مستوى القصد والممارسة، لزوال ما به قوام صدق الوطن عرفاً، أعني المسكن والتردد على ذلك المكان.

ولا تأتي دعوى أنه لا يزول عن المكان الذي كان وطناً له بالأصل، أو الاتخاذ إلا إذا اتخذ مكاناً آخر وطناً جديداً له، وذلك لعدم مدخلية اتخاذ مكان آخر وطناً جديداً له وعدم اتخاذه في زوال حكم الوطنية عن المكان الذي كان يرتاده بعد الاعراض عنه، حتى ولو لم يتخذ وطناً جديداً.

نعم هذا الاعراض لا ينسحب على الوطن الاتخاذي إذا ما تم القيد الموجود في صحيحة ابن بزيع، أن يكون له منزل استوطنه ستة أشهر، حيث يكون وطناً شرعياً له ما دام ملكه موجوداً فيه، سواء أعرض عنه أول لم يعرض، كل ذلك عملاً بمقتضى إطلاق الصحيحة، ولا يشترط تردده عليه والسكن فيه بعد تحقق قيده، وهو التوطن سابقاً ستة أشهر في المنزل الذي هو ملك له، وإن أعرض عنه[2] .

(مسألة 5):

"لا يشترط في الوطن إباحة المكان الذي فيه، فلو غصب دارا في بلد وأراد السكنى فيها أبدا يكون وطنا له، وكذا إذا كان بقاؤه في بلد حراما عليه من جهة[3] كونه قاصدا لارتكاب حرام أو كان منهيا عنه من أحد والديه أو نحو ذلك"[4]

لا يُشترط في صدق الوطن إباحة المكان الذي يسكن فيه، فلو غصب منزل في بلد وأراد السكن فيه أبداً يكون وطناً له، وهكذا لو كان توطنه في ذلك المكان محرماً، كما لو كان مورداً لنهي الوالدين في المورد الذي يكون النهي نافذاً، وتلزم طاعة الوالدين، وذلك لإطلاق ما دل على صدق الوطن على كل ذلك، وعدم اشتراط حلية المكان الذي ينزل فيه، فضلاً عما إذا كانت سكناه جائزة، فسواء كان توطنه مباحاً أو محرماً، وسواء كانت سكناه جائزة أو محرمة، ففي كل ذلك يصدق مفهوم الوطن، بلا اشتراط الاباحة. والحاصل: أنه لو عصى وارتكب المحرم، أو فقل: حقق الوطنية في الحصة المحرمة صدق الوطن وكان ذلك المكان محله ودار إقامته، ولا يعتبر مسافراً، وإنما في بيته وبين أهله، ومتى خرج عن ذلك المكان يُقال: أنه سافر عن أهله ومحله، وإن رجع يُقال: دخل منزله وعلى أهله. فحلية المكان غير مشترطة وحرمته غير مانعة في صدق الوطن، وعدم كونه مسافراً في ذلك المكان.

نعم قد يُستدل على شرطية حلية المكان أو الإقامة والتوطن الدائم تارة: بأن ما يترتب على الوطن وتحقق الوطنية هو الصلاة التامة والصوم، وهما من الأمور العبادية التي لا تتحقق إلا ضمن الحصة المباحة دون المحرمة. وأخرى: بدعوى انصراف ما يتحقق به الوطن إلى خصوص الحصة المباحة نظير ما في بحث الخمس من أن المستثنى خصوص المؤونة المباحة دون المحرمة.

وكل من الوجهين لا يرجع إلى محصل، أما الأول: فلوضوح أن البحث في حكم وضعي، وليس في امر عبادي حتى يُدعى أنه لا يتحقق إلا ضمن الحصة المباحة، وهذا الحكم لا مدخلية لحلية المكان في صدق التوطن الذي هو موضوع لوجوب التمام والصوم.

وأما الثاني: فإن المقايسة مع الفارق، مضافاً إلى أنه لا منشأ لهذا الانصراف يوجب رفع اليد عن إطلاق ما دل على صدق الوطن باتخاذ مكان، سواء كان مباحاً أو مغصوباً


[2] هذا بالنسبة للأب، أما بالنسبة للأبناء يكون الوطن الشرعي للأب وطناً اتخاذياً لهم، يجري عليه ما يجري على الوطن الاتخاذي، ولا يكون وطناً شرعياً لهم.
[3] في المثالين مناقشة. (الإمام الخميني (.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo