< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

40/02/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضـوع: المسألة الثانية/ اتخاذ أكثر من وطنين/ أحكام الوطن/ قواطع السفر/ صلاة المسافر.

(مسألة 2):

"قد عرفت عدم ثبوت الوطن الشرعي وأنه منحصر في العرفي فنقول: يمكن تعدد الوطن العرفي بأن يكون له منزلان في بلدين أو قريتين من قصده السكنى فيهما أبدا في كل منهما مقدارا من السنة، بأن يكون له زوجتان، مثلا كل واحدة في بلدة يكون عند كل واحدة ستة أشهر[1] أو بالاختلاف، بل يمكن[2] الثلاثة أيضا، بل لا يبعد الأزيد[3] أيضا".[4]

قد عرفت أنه ليس لدينا وطن شرعي، وكل ما استفيد منه الوطن الشرعي من الروايات والأدلة ظاهر في الوطن الاتخاذي الثانوي، فيقع الكلام في جواز إتخاذ أكثر من وطنين!

وقد ذهب الماتن وجماعة إلى جوازه، وخالف في ذلك الميرزا والشيخ آل ياسين والإمام الخميني، حيث ذهبوا إلى عدم جواز اتخاذ أكثر من وطنين إثنين.

قال الميرزا: لا إشكال في حكم الوطن الاتخاذي فيما إذا أعرض عن الوطن الأصلي، أو كان الاتخاذي واحداً كذي منزلين، وأما مع تعدده كذي منازل، ففي كون المرور بها من القواطع وجهان، من جهة اعتبار إقامة ستة أشهر في صحيحة ابن بزيع المنطبق على ذي منزلين، ومن جهة دلالة بعض أخبار أخر، كصحيح عبد الرحمن بن الحجاج على وجوب التمام في الضياع القريبة بعضها ببعض، الدالة على ثبوت الحكم في ذي منازل أيضاً.

إلى أن قال: " والتحقيق أن يُقال: بعدم صحة التمسك بصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج من جهة تردده بين ما يجب حمله على التقية، أو الحمل على ما إذا لم يكن بين القرى مسافة التقصير، فيدور الأمر في صدق الوطن العرفي على الأزيد من وطنين، والظاهر عدم صدقه على ذي أوطان أربعة فما فوقها، وأما ذي ثلاثة أوطان ففيه إشكال من جهة الشك في الصدق العرفي، وبالجملة: فالمتيقن من الوطن العرفي عند عدم الإعراض عن الوطن الأصلي هو في ذي منزلين فقط"[5] .

ولعل ما ذهبوا إليه تمسكاً منهم بصحيحة ابن بزيع، حيث إن سؤاله لم يكن عن استيطان شرعي، تعبدي، وإنما عن استيطان عرفي في الوطن الاتخاذي، فأجاب (ع): إن له فيها منزل يقيم فيه ستة أشهر، فإذا كان كذلك أتم الصلاة متى دخلها، وقد حمل قيد – أن يقيم فيه ستة أشهر-على التعبدية فتمسك بحرفيته، وبما أن السنة لا تقبل القيد-الإقامة ستة أشهر-إلا مرتين، فلا يتحقق هذا القيد على مدار السنة إلا مرتين، وبالتالي لا يمكن تحصيل إلاَّ وطنين إتخاذيين.

مضافاً إلى عدم صدق الوطن العرفي على ذي أوطان أربعة فما فوقها، وأما ذي ثلاثة أوطان ففيه تشكيك في صدق الوطن عليها، والمتقين هو ذي منزلين فقط.

والجواب: أولاً أن هذا القيد ناظر إلى ما هو المتعارف ممن له وطن أساسي، سواء أصلي أو اتخاذي، ثم أراد اتخاذ وطن ثانٍ مع عدم الاعراض عن الأول، وفي الغالب أن يقتسم أيام إقامته على مدار السنة بين الوطن الأول والوطن الثاني الاتخاذي، فيكون في وطنه الأول ستة أشهر من السنة، وفي الثاني الاتخاذي ستة كذلك من نفس السنة، فالقيد غالبي وليس تعبدياً، وبالتالي يمكن أن تكون الإقامة ثلاثة بتسعة، أو خمسة بسبعة، وهكذا لو اتخذ أكثر من وطنين، فيكون في هذا ثلاثة أشهر وفي الآخر هكذا إلى آخره.

وثانياً أن ظاهر روايات الباب يرشد إلى جواز اتخاذ أكثر من وطنين، وأن الميزان أنه كلما كان له أرض، أو ضيعة، أو قرية له فيها منزل، أو دار أو بيت قد توطنه، أو سكنه مدة من الزمان فإنه يتم فيها متى دخلها


[1] وهو الأقوى. (الفيروزآبادي).
[2] إذا عدل عنه فالأحوط الجمع كما في المتن. (الفيروزآبادي). * ما ذكره المشهور من ثبوت الوطن الشرعي هو الصحيح وإنما يتحقق بوجود منزل مملوك له في محل قد سكنه ستة أشهر متصلة عن قصد ونية فإذا تحقق ذلك أتم المسافر صلاته كلما دخله إلا أن يزول ملكه. (الخوئي).
[3] بل الأقوى حكم الوطن الحقيقي على مثله لقوة ثبوت الوطن الشرعي أيضا ولقد تعرضنا في كتاب الصلاة دفع جميع شبهاته فراجع إليها. (آقا ضياء).
[5] كتاب الصلاة، ج3، ص259-260.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo