< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

39/06/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضـوع: المسألة 59 المعيار في الخفاء مع الأماكن المرتفعة أو المنخفضة/حد الترخّص/ الشرط الثامن من شروط القصر/ صلاة المسافر.

المسألة 59:

"إذا كان البلد في مكان مرتفع بحيث يرى من بعيد يقدر كونه في الموضع المستوي، كما أنه إذا كان في موضع منخفض يخفى بيسير من السير أو كان هناك حائل يمنع عن رؤيته كذلك يقدر في الموضع المستوي، وكذا إذا كانت البيوت على خلاف المعتاد من حيث العلو والانخفاض فإنها ترد إليه لكن الأحوط [1] خفاؤها مطلقا، وكذا إذا كانت على مكان مرتفع فإن الأحوط خفاؤها مطلقا"[2] .

يتعرض فيها الماتن إلى أن الميزان في رؤية وعدم رؤية البيوت كونها في موضع مستوٍ، لا في مكان مرتفع، بحيث تُرى من بعيد، ولا في مكان منخفض، بحيث لا ترى بيسير من السير، وكما لو كان هنالك حائل من ضباب أو عاصفة رملية، بحيث تمنع رؤية البيوت، كما أنه يؤخذ المتعارف من البيوت، بحيث يخرج عن ميزان الرؤية وعدمها ما لو كانت خارجة عن المعتاد، من حيث كونها أبنية ضخمة، أو صغيرة الحجم جداً، فإنه لا عبرة بها، وإنما العبرة بالمتعارف والمعتاد من حجم الأبنية، ثم إنه احتاط إستحباباً بخفاء الأبنية مطلقاً، كما أنه احتاط كذلك فيما لو كانت الأبنية المتعارفة على مكان مرتفع، بحيث تُرى من بعيد.

أقول: ذكر في المدارك بأنه يكفي في تحقق خفاء جدران البيوت الموجب للقصر، بأن تكون في موضع منخفض، بحيث تختفي ولو بقليل من السير، وذلك تمسكاً بإطلاق ما دل على شرطية خفاء الجدران عن ناظري المسافر حتى يُرخص له في القصر والإفطار، وإن شئت قلت: إن إطلاق الخفاء المرخص في القصر يقتضي الإطلاق في الموجب لذلك الخفاء، سواء كان من جهة البعد، أو من جهة وجود البيوت في منخفض وغير ذلك.

والحاصل: أنه إذا ما تحقق الخفاء لجدران البيوت مهما كان سبب هذه الخفاء وجب القصر، وقريب منه ما عن ذخيرة المعاد، من كفاية الخفاء، ولو لوجود حائل ومانع، كما لو دخل في منعطف وراء جبلٍ أو تلٍّ، فإنه يوجب هذا الخفاء للجدران، ولو لمكان مثل هذا الحائل القصر؛ لتحقق موجبه، حتى لو أمكنه رؤية البيوت بعد الخروج من ذلك المعطف.

أقول: قد عرفت على ضوء ما تقدم أن لا موضوعية لخفاء الجدران، كخفاء جدران، من أي سبب حصل، وإنما يؤخذ أمارة وعلامة على ما هو الموضوع، أعني الضرب في الأرض والابتعاد عن بلده بمقدار يكون ذلك البعد هو السبب في عدم رؤية البيوت، والحائل ما بين المسافر ورؤية البيوت، أي إنه لا بد أن يُقدر بأن يتباعد عن البلد بمقدار لو لم يكن منخفضاً لحصل الاختفاء عنه. لا عدم الرؤية الناشئ من أي سبب غير الابتعاد عن البيوت، ولا الناشئ من وجود حائل يمنع من الرؤية ما لم يحصل ذلك السبب الخاص، أعني البعد عن البيوت إلى الحد الذي يحجب رؤيتها، وذلك لأنه المتبادر، لأن المراد بيان ضابطة كلية يترتب عليها الحكم بالقصر والحائل الذي قد يكون، ولا يكون، لا يصلح لأن يكون ضابطاً.

لكن يبقى الكلام: فيما إذا كانت البيوت في موضع مرتفع بحيث ترُى من مسافة بعيدة، حيث احتاط الماتن إستحباباً بخفاء هذا النحو من البيوت الموجودة في مكان مرتفع، بحيث لو كانت في المكان المستوي لم تُرَ من بعيد.

أقول: إذا كان الميزان في الابتعاد عن البلد إلى الحد الذي تخفى على المسافر البيوت، وكذا إذا كان الميزان في الخفاء هي الصورة والهيئة، وليس الشبح، لظهور البيوت في صورها لا في أشباحها، يتضح أن لا وجه لهذا الاحتياط إذ البعد الخاص المانع من رؤية هيئة البيوت وصورتها، رغم رؤية شبحها من هذا البعد لا يُفرّق فيه بين أن تكون البيوت في موضع مستوٍ أو مرتفع، فإنه على التقديرين إذا ما كان حجم البيت واحداً سوف يمنع هذا البعد من رؤية صورة البيوت.


[1] بل الأحوط في هذه الموارد الجمع نعم مقتضى الأصل اعتبار الخفاء مطلقا للشك في تبديل موضوع التمام بالقصر بدونه. (آقا ضياء).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo