< قائمة الدروس

آیةالله السید محمدسعید الحکیم

بحث الفقه

41/04/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب النكاح/ الرضاع/ محرماته

نص ما كتبه سيّدنا الأستاذ دام ظله

قوله قدس سره: أختاً لولد فحلها

لما سبق من عدم حرمة أخت الولد.

قوله قدس سره: لولد فحلها

إذ لا تحرم عمة الولد على أبيه، إلا إذا كانت أخت الأب، وهي في المقام ليست كذلك، كما لا تحرم خالته إلا حال كونها أخت زوجته وهي ليست كلك أيضاً.

قوله قدس سره: فلا تحرم على فحلها

لعدم حرمة جدة الولد بعنوانها، وإنما تحرم إذا كانت أمه أو أم زوجته، وكلاهما غير حاصل في المقام.

قوله قدس سره: على زوجها

لأنها إنما تحرم إذا كانت بنتاً لصاحب اللبن، لحرمة أولاد صاحب اللبن على أبي المرتضع، كما سبق، وليست هي في المقام كذلك.

قوله قدس سره: إبن إبن الأخرى

إذ لا تكون بذلك إلا أماً لإبن ابنه، وهي إنما تحرم إذا كانت زوجة لولده، وليست هي في المقام كذلك.

قوله قدس سره: أو خالتها

فإن آباء أعمام المرأة وأخوالها إنما يحرمون عليها إذا كانوا أجداداً لها، ولا يحصل في المقام ذلك.

قوله قدس سره: أماً لأخيه أو أخته

فإن أم أخ الرجل أو أخته إنما تحرم عليه إذا كانت أماً له أو زوجة لأبيه، وهي في المقام ليست كذلك.

قوله قدس سره: أماً لولد ولده

وأم ولد الولد إنما تحرم إذا كانت زوجة لولده، وهي في المقام ليست كذلك.

قوله قدس سره: ولد أخي زوجها أو أخته

فتكون أم ولد الأخ والأخت وهي لا تحرم على أخيهما.

نعم إذا كانت أم ولد الأخ زوجة له حرمت على أخيه ما دامت زوجة له، وأم ولد الأخت إنما تحرم عليه إذا كانت أخته، وكلاهما غير حاصل في المقام.

قوله قدس سره: أو خالته

وأمهم إنما تحرم عليه إذا كانت جدته، وهي في المقام ليست كذلك.

وقد أطال سيّدنا المصنّف قدس سره في هذه الفروع خروجاً عن طريقته دفعاً لشبهة التوسع في تحريم الرضاع كما ذكره بعضهم بسبب توهم استفادته من التنزيل الذي تضمنه صحيحا علي بن مهزيار وأيوب بن نوح المتقدمان في الاستدلال لحرمة أولاد صاحب اللبن وأولاد المرضعة على أبي المرتضع، كما أشرنا آنفاً. وتقدم المنع من ذلك.

وعليه يلزم الاقتصار في التحريم على ما إذا أوجب الرضاع تحقق أحد العناوين النسبية المحرمة ولو بضميمة المصاهرة كأم الزوجة وبنتها على ما تقدم في أول الكلام في الرضاع لعموم: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب.

ولا يزيد على ذلك إلا تحريم أولاد صاحب اللبن مطلقاً وأولاد المرضعة النسبيين على أبي المرتضع، للنصوص المتقدمة. فلاحظ. والله سبحانه وتعالى العالم العاصم.

قوله قدس سره: بشهادة أربع نساء

اختلف الأصحاب في قبول شهادة النساء في الرضاع اختلافاً كثيراً وربما اختلف كلام الواحد منهم في كتابين، بل في كتاب واحد، وادعى في موضعين من الخلاف [1] الإجماع على عدم قبولها. وظاهر الناصريات [2] أو صريحه الإجماع على قبولها. ولعله المشهور. ولا يسعنا تتبع كلماتهم.

وقد يستدل على قبول شهادتهن بما تضمن قبول شهادتهن فيما لا يستطيع الرجال أو لا يجوز النظر إليه [3] .

ويشكل بإمكان نظر الرجال المحارم للرضاع، خصوصاً القريبين المخالطين. والاكتفاء بصعوبة نظر أكثر الرجال له، مخالف لظاهر النصوص المذكورة.

وإن شئت قلت: الرضاع بكميته وشروطه المتقدمة ليس مما يتيسر الاطلاع عليه والشهادة عليه بلا تكلّف، بل يحتاج ذلك إلى عناية وإعداد، وذلك كما يمكن أن يكون بإحضار أربع نساء يشرفن عليه مباشرة ويطلعن عليه حساً، يمكن أن يكون بإحضار رجلين ممن يجوز له النظر إليها حال الرضاع، خصوصاً ممن لا تحتشم منهم كزوج المرضعة أو بعض أولادها أو إخوتها الصغار.

ومجرد أن ذلك في النساء أسهل عليها لا يكفي في شمول النصوص المذكورة له.

هذا وقد يستدل لذلك بل استدل بموثق عبدالله بن بكير عن بعض أصحابنا عن أبي عبدالله عليه السلام: " في امرأة أرضعت غلاماً وجارية. قال: يعلم ذلك غيرها؟ قال: لا. قال: لا تصدق إن لم يكن غيرها " [4] .

فإن مقتضى مفهوم الشرط تصديقها إذا كان يعلم ذلك غيرها.

وفيه: – مع غض النظر عن سنده – أنه وارد لبيان عدم تصديقها منفردة، ولا يقتضي عموم تصديقها إذا كان معها غيرها، ليقتصر في الخروج عن العموم المذكور على ما تقتضيه الأدلة، بل تصديقها في الجملة، لأن نقيض السالبة الكلية قضية مهملة في قوة الموجبة الجزئية، ولعل تصديقها إذا علم ذلك غيرها يختص بما إذا حصل العلم العادي بحصول الرضاع، لا لحجية قولها حينئذٍ مع الشك.

ومثله الإستدلال بموثق عبدالله بن أبي يعفور عن أخيه عبد الكريم بن أبي يعفور عن أبي جعفر عليه السلام: " قال: تقبل شهادة المرأة والنسوة إذا كن مستورات من أهل البيوتات معروفات بالستر والعفاف مطيعات للأزواج تاركات للبذاء والتبرج إلى الرجال في أنديتهم " [5] .

لاندفاعه: - مع غض النظر عن سنده، لجهالة عبد الكريم – بأنه وارد لبيان شروط قبول شهادتهن من دون أن يكون له إطلاق في حجية شهادتهن لينفع في المقام، نظير ما تضمن اشتراط العدالة في الشاهد.

ومن هنا لا دليل من النصوص على أصل قبول شهادة النساء في الرضاع. ومقتضى الأصل عدم حجية شهادتهن. لاختصاص العموم بالبينة، التي هي شهادة رجلين عادلين وألحق بها في الحقوق شهادة رجل وامرأتين. بل مقتضى بعض النصوص عدم قبول شهادتهن إلا في بعض الموارد الخاصة، كموثق السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السلام: " أنه كان يقول: شهادة النساء لا تجوز في طلاق ولا نكاح ولا في حدود، إلا في الديون وما لا يستطيع الرجال النظر إليه " [6] .

وحيث لا دليل على قبول شهادتهن في الرضاع كان مقتضى العموم المذكور عدمه. وكذا ما دل على انحصار الحجية في الموضوعات بالبينة التي هي شهادة رجلين عادلين كموثق مسعدة بن صدقة عن أبي عبدالله عليه السلام: " سمعته يقول: كل شيء هو لك حلال حتى تعلم أنه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك، وذلك مثل الثوب يكون عليك قد اشتريته وهو سرقة والمملوك عندك لعله حر باع نفسه، أو خدع فبيع قهراً، أو امرأة تحتك وهي أختك أو رضيعتك، والأشياء كلها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك، أو تقوم به البينة " [7] .

بل ذكر الرضيعة فيه يجعله كالصريح في العموم للرضاع.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المهذبة

قال الماتن قدس سره: ولا يضر كونها بالرضاع تصير ‌أختاً لولد فحلها

لما سبق من عدم حرمة أخت الولد.

قال الماتن قدس سره: وكذا يجوز لها أن ترضع ولد أختها أو أخيها ولا يضر صيرورتها بالرضاع عمة أو خالة لولد فحلها

فإن ابن أختها سيكون ابن زوجها وهي ستكون عمة أو خالة لولد فحلها، فإن هذا لا يضر لأن عمة الولد إنما تحرم على أبيه إذا كانت أختاً للأب، فحينئذٍ تصبح عمة ابنه وهي ليست بأخته، وكذلك لا تحرم خالته إلا حال كونها أخت زوجته، وهي ليست أخت زوجته في المقام، وعليه فهذا لا يضر.

قال الماتن قدس سره: وكذا يجوز لها أن ترضع ابن ابنها وان صارت بذلك جدة ولد فحلها فلا تحرم على فحلها

فهذه القضية عكس تلك القضية المتقدمة في مسألة رقم واحد الذي به تحرم الزوجة على زوجها، فهناك أم الزوجة ترضع ابن الزوج صاحب اللبن يعني إبن بنتها وزوجته هي من بنات صاحب اللبن وبنت صاحب اللبن تحرم على أبي المرتضع، فتحرم الزوجة على زوجها وهنا عكس الموضوع وهو أن ترضع ابن ابنها، فتصبح جدة ولا تحرم بذلك على فحلها لأن جدة الولد إنما تحرم على زوجها إذا كانت أم زوجته أو أمه، فإن جدة الولد إنما تحرم على أبي الولد إذا كانت أمه أو أم زوجته وهي ليست أمه ولا أم زوجته.

قال الماتن قدس سره: ولا تحرم أم المرتضع على زوجها

فهي أيضاً لا تحرم على الزوج لأنها تحرم إذا كانت بنتاً لصاحب اللبن، والمفروض أنها ليست بنتاً لصاحب اللبن.

وهذا تطويل من السيد قدس سره على خلاف عادته، وإنما أطال الكلام فيها من أجل دفع شبهة التنزيل التي تقدم التعرّض لها أو شبهة شبه التنزيل كأن يصبح تناظر مثل قضية أم البنت ترضع ابن بنتها، فحينئذٍ إذا أرضعت إبن ابنها لا مانع منه، فالذي يحرم عندنا هو العنوان النسبي، فالعنوان النسبي إذا تحقق بالرضاع ولو بضميمة المصاهرة، مثل صيرورته ابن الأخت أو أم الزوجة فإنها تحرم كما سبق عندنا، فإذا لم يحصل أحد العناوين النسبية ولو بضميمة المصاهرة فلا تحرم، ولا يحرم عندنا ما زاد على عموم " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " إلا حرمة أولاد صاحب اللبن على أبي المرتضع ، فإنه ليس ابن لكنه بمنزلة الإبن ودلت الأدلة عليه، وقلنا بأن التنزيل يقتضي تحريم حواشيه وفروعه .

قال الماتن قدس سره: مسألة ٥: يثبت الرضاع بشهادة أربع نسوة منفردات ليس معهن رجل.

فالجماعة عندهم قاعدة أنه يجوز شهادة النساء فيما لم يمكن اطلاع الرجال عليه، مثل البكارة ومثل إستهلال الولد حين سقوطه من بطن أمه، فإنه إذا استهل ورث وإلا لم يرث، وهذا بطبيعته أيضاً مبني على قاعدة وهي أن شهادة المرأة نصف شهادة الرجل فنحتاج إلى أربع نساء، وفي باب الاستهلال يقولون بأنه إذا شهدت امرأة واحدة كان له ربع الميراث وهكذا، فالقضية تبتني على أن شهادة المرأة نصف شهادة الرجل، فالبينة هي رجلان فنحتاج إلى أربعة نساء، فالقاعدة العامة على هذا فيما لا يمكن نظر الرجال إليه.

وهذه المسألة مورد خلاف بين الجماعة، حتى أنه ربما الرجل الواحد يختلف كلامه في كتابين، بل في كتاب واحد، لأن المسألة غير موضحة وليست منقحة، فالشيخ قدس سره في موضعين من الخلاف[8] ادعى الاجماع على عدم قبولها في الرضاع، بينما ظاهر السيد المرتضى الناصريات أو صريحه[9] الإجماع على قبول شهادة النساء، ومن هنا فاستقصاء كلمات الجماعة وتتبعها شيء لا يمكن،

وعليه لا بد من الرجوع لأدلة المسألة، وقلنا عندنا قاعدة وهي أن ما يتعذر نظر الرجال إليه يجوز شهادة النساء فيه، مثل البكارة كما ذكرنا، وقضية استهلال الولد حين الولادة، فبعضهم يريد أن يلحق الرضاع بهذا، باعتبار صعوبة أن يطلع الرجال على الرضاع، والسيد قدس سره اختار قبول هذا المطلب وقبول شهادتهم.

ولكن في الواقع نقول هذا لا يتعذر اطلاع الرجال عليه، فإنه يمكن أن يطلع المحارم عليه، كما لو كان عندها أولاد أو إخوة أخيار يرونها بأنها ترضع، وينبغي الإلتفات إلى شيء وهو أن البينة في الرضاع نحتاج إليها فيما إذا وصلت القضية لها، فإنه تارة الإنسان يقطع من كلام المرأة لأنه لا يوجد عندنا احتمال على خلاف كلامها بحيث يحصل علم عادي بصدقها، وهذا لا كلام فيه فإنه خرج عن عالم الشهادة، وإنما الكلام مع الشك، وعليه فلا بد أن نجعل أربع نساء جالسات ينظرن إليها بحيث أرضعت خمسة عشر رضعة بلا فاصل بينها، وهذا يحتاج إلى تكلّف فإنه ليس مبنياً على سهولة كما في الطلاق بحيث يسمع الصيغة شخصان، وإنما هي قضية مبنية على كلفة، وهذه الكلفة كما يمكن أن تتحقق بالنساء يمكن أن تتحقق بالرجال، كما لو كان عندها أخوين من الأخيار ينظرون إليها ويرون بأنها أرضعت خمسة عشر رضعة متسلسلة، فالقضية مبنية على الكلفة حتى في النساء فليس من السهل أن يجلس أربع نسوة وينظرون بأنها أرضعت خمسة عشر رضعة رضاعاً كاملاً أي الرضعة المشبعة وأيضاً بلا فاصل بأكل ولم يتخلل بينها رضاع امرأة أخرى ، نعم الرضاع حتى الانبات قد يكون رصده أسهل وكيف كان هو مبني على الكلفة وهي كما قد تتحقق مع النساء تتحقق مع الرجال، فإنه يوجد رجال لا تتكلف المرأة أمامهم مثل زوجها أو ابنها أو أخوها ، نعم في الجملة الأمر بالرجال أصعب من النساء، وأصعب لوحده لَيس عنواناً وإنما العنوان هو ما لا يمكن نظر الرجال له أي الشيء الذي لا يمكن أن يشهده الرجال، أما إذا شيء يمكن أن يشهده الرجال لكنه أصعب بقليل من النساء فإنه لا يوجد عندنا هكذا شيء في الرواية، فإن الروايات تتضمن هذه العناوين[10] فهذه مجموعة أحاديث تتضمن هذا المضمون وهو أنه تقبل شهادة النساء فيما لا يتيسر اطلاع الرجال عليه، وهنا ليس مما لا يتيسر وإنما يمكن أن يتيسر، ولا سيما سابقاً لو كانت المرضعة جارية وعادة تكون مبتذلة فيمكن أن يرصدها أهل البيت وهي ترضع، والرواية تقول متعذر لا صعب وتمثل بعدة أمثلة، ويوجد قضايا أخرى منصوصة من قبيل في قضية الدين أي في الحقوق " رجل وامرأة " وعندنا أيضاً في الوصية تقبل شهادة امرأة واحدة كما سبق عندنا، فهذه على خلاف القاعدة فإن القاعدة العامة تقتضي المنع، فتطبيق الكبرى هنا يوجب قصور قبول شهادتها ، وهو ليس من الموارد الخاصة المنصوصة التي لا كلام فيها، ولا هو من الحقوق كذلك، فمقامنا ليس من هذا، إذن ليس هنا إلا العنوان العام وهو تعذر نظر الرجل إليه، وهذا إنما يجري في البكارة والإستهلال، ولو كان التعذر عرفي لا حقيقي ، أما أن المرأة ترضع بشهادة زوجها وابنها أو أخاها فما هو المانع منه، والرصد يحتاج إلى كلفة في الرجال والنساء لأن الرضاع المحرم له شروط، وهذا المعنى كما يتحقق في النساء يتحقق في الرجال غايته في الرجال أصعب وهذا وحده لا يكفي، وحينئذ هذا العنوان العام لا مجال للبناء عليه، وعليه لا بد أن ننظر في أنه هل يوجد نصوص خاصة يمكن الإستدلال بها أو لا.

فبعض الجماعة إستدل لذلك بموثق عبد الله بن بكير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام في امرأة أرضعت غلاما وجارية قال: يعلم ذلك غيرها؟ قال: ﴿لا قال: فقال: لا تصدق إن لم يكن غيرها﴾[11] .

هذه الرواية – مع قطع النظر عن سندها لأنه فيها إرسال – بعض الجماعة استدل بها، فتعبير الامام " غيرها " يعم النساء ولم يقل من الرجال.

ونقول هذا الإستدلال غير صحيح، لأن الرواية واردة لبيان عدم تصديقها لوحدها، ومعنى ذلك أنها مع غيرها تصدق ولكن ليس معنى ذلك أنها تصدق مع كل أحد فلا يوجد هكذا إطلاق، لأن نقيض السالبة الكلية موجبة جزئية، فهي وحدها لا تصدق وإنما تصدق مع غيرها ولكن ليس معنى ذلك أنه كلما كان معها غيرها ولو طفل ولو فاسق تصدق فإنه لا يوجد هكذا قاعدة، وإنما إذا شكينا فوحدها لا تصدق، وليس من باب أنها صاحبة يد وتقول بأنها أرضعته فنصدقها فإن هذا لا يصح، وهذا الكلام يجري في حالة الشك، أما إذا كان عندنا يقين فلا كلام لنا فيه بحيث يصبح عندنا علم عادي بصحة قولها فهذا لا كلام فيه ، فهذه الرواية كل ما تدل على أنها لوحدها لا تصدق ولكن مع غيرها تصدق، ولكن من الغير وما هي حدوده فإنه مسكوت عنها، فهي مسوقة لبيان عدم تصديقها بنحو السالبة الكلية وحدها، ومعنى ذلك أنها مع غيرها في الجملة تصدق، ولعل تصديقها مع ضم الغير لها باعتبار أن قولها مع الغير سوف يوجب اليقين فقد يكون بهذا اللحاظ، أما هي بنفسها فلا تصدق وهذا ليس معناه أنها تصدق مع الغير ولو كان الغير إمرأة فإنه لا يوجد هكذا إطلاق ، فهذه الرواية بنفسها ليست واردة لبيان شروط القبول وإنما واردة لبيان عدم جواز القبول.

ومثله الإستدلال بموثق عبد الله بن أبي يعفور، عن أخيه عبد الكريم بن أبي يعفور[12] ، عن أبي جعفر عليه السلام قال: تقبل شهادة المرأة، والنسوة إذا كن مستورات من أهل البيوتات، معروفات بالستر والعفاف، مطيعات للأزواج تاركات للبذاء والتبرج إلى الرجال في أنديتهم[13] .

فكأنه عندنا عموم قبول شهادة في هذه الحالة.

ولكن نقول هذا وارد لبيان شروط الشاهد وليس وارداً لبيان فعلية القبول، مثل أن يشترط في الشاهد العدالة أما أين يُقبل فمسكوت عنه، فإذا عندنا أن شهادة النساء لا تقبل إلا فيما يتعذر شهادة الرجال به، فحينئذٍ لا مجال عندنا أن نستفيد منه، فإن هذا وارد لبيان شروط الشاهد وَأَن المرأة متى تقبل شهادتها، فالمرأة تقبل شهادتها إذا كانت معروفة مستورة غير متبرجة ومطيعة لزوجها، فإن الرواية واردة لبيان الشروط كما نقول أنه تقبل شهادة الرجل إذا كان بالغاً، لكن متى تقبل شهادته فإنه غير ناظر لهذا وإنما ناظر إلى أنه أصبح أهلاً للشهادة، فهي صارت أهلاً للشهادة أما متى تقبل فلم يذكر، فإذا عندنا أن النساء تقبل شهادتهن فيما لا يمكن أن يطلع الرجال عليه فمعنى ذلك أن القضية انتهت، فشروط شهادة النساء وحدها لا تكفي، وإنما تبيّن أنها أصبحت أهلاً للشهادة، وإنما تقبل في الأشياء المنصوصة.

فعندنا قضيتان: ما تقبل فيه شهادة النساء، والمرأة التي تصلح للشهادة، والمرأة التي تصلح للشهادة هي هذه التي ذكرت مواصفاتها الرواية، ولكن أين تقبل، فمسكوت عنه، وعليه فهذا ليس دليلاً.

فمقتضى الأصل عدم حجية شهادتهن لاختصاص العموم بالبينة وليس منه شهادة النساء، فالبينة هي شهادة رجلين عادلين والحق بها في الحقوق شهادة رجل وامرأتين، بل مقتضى بعض النصوص عموم عدم قبول شهادتهن إلا في بعض الموارد الخاصة، كموثق السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السلام أنه كان يقول: شهادة النساء لا تجوز في طلاق ولا نكاح ولا في حدود، إلا في الديون[14] وما لا يستطيع الرجال النظر إليه[15] . وغيرها .

وحيث لا دليل على قبول شهادتهن في الرضاع كان مقتضى العموم المذكور عدمه لأن الرضاع لا هو دين ولا هو مما لا يستطيع الرجال النظر إليه ولذا يأتي من الماتن قبول البينة فيه. وكذا يدل على عدم قبول شهادة النساء بنحو العموم ما دل على انحصار الحجية في الموضوعات بالبينة التي هي شهادة رجلين عادلين. كموثق مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: كل شئ هو لك حلال حتى تعلم أنه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك وذلك مثل الثوب يكون قد اشتريته وهو سرقة أو المملوك عندك ولعله حر قد باع نفسه أو خدع فبيع أو قهر أو امرأة تحتك وهي أختك أو رضيعتك والأشياء كلها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البينة[16]

فالرواية ورد فيها قضية الرضاع وقبول البينة فيها ليس فيه إشكال، وشهادة النساء لَيست بينة وإنما البينة هي شهادة رجلين، فهذا يدل على عدم قبول شهادة المرأة في الرضاع. والحمد لله رب العالمين.

 


[1] )) ج5 ص106 م 19، ج6 ص257 م 9.
[2] )) ص339.
[3] ( ) وسائل الشيعة ج18 باب24 من كتاب الشهادات ح4، 5، 7، 10، 12، 43، 50، 51.
[4] ( ) التهذيب ج7 ص323 ح38، الوسائل ج14 ص304 باب12 من أبواب ما يحرم بالرضاع ح3.
[5] ( ) التهذيب ج6 ص242 ح2، الوسائل ج18 ص294 باب41 من أبواب كتاب الشهادات ح20.
[6] ( ) التهذيب ج6 ص281 ح178، الوسائل ج18 ص267 باب24 من أبواب كتاب الشهادات ح42.
[7] ( ) الكافي ج5 ص313 ح40، الوسائل ج12 ص60 باب4 من أبواب ما يكتسب به من التجارة ح4.
[8] ()جزء ٥ صفحة ١٠٦ مسألة ١٩: لا تقبل شهادة النساء عندنا في الرضاع بحال. دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم. ولأن الأصل ارتفاع الرضاع، وثبوته بشهادتهن يحتاج إلى دليل. وفي صفحة ١٠٧ مسألة ٢٠: قد قلنا أن شهادة النساء لا تقبل في الرضاع على وجه، لا منفردات، ولا مع الرجال، وإنما تقبل متفردات في الوصية والولادة والإستهلال والعيوب، ويحتاج إلى شهادة أربع منهن. دليلنا إجماع الفرقة. وجزء ٦ صفحة ٢٥٧ مسألة ٩: تقبل شهادة النساء على الانفراد في الولادة، والاستهلال، والعيوب تحت الثياب - كالرتق والقرن والبرص - بلا خلاف، وتقبل عندنا شهادتهن في الاستهلال، ولا تقبل في الرضاع أصلا. دليلنا إجماع الفرقة.
[9] ()صفحة ٣٣٩ قال: الذي يقوله أصحابنا: إن شهادة النساء في الرضاع مقبولة على الانفراد، وفي الولادة أيضا.
[10] ()وسائل الشيعة جزء ١٨ باب٢٤ مِن كتاب الشهادات حديث ٤، ٥، ٧، ١٠، ١٢، ٤٣، ٥٠، ٥١.
[11] ()تهذيب الأحكام جزء ٧ صفحة ٣٢٣ حديث ٣٨، وسائل الشيعة جزء ١٤ صفحة ٣٠٤ باب١٢ مِن أبواب ما يحرم بالرضاع حديث ٣، وسائل الشيعة طبعة ال البيت جزء ٢٠ صفحة ٤٠١.
[12] ()وهو مجهول . منه دام ظله.
[13] ()تهذيب الأحكام جزء ٦ صفحة ٢٤٢ حديث ٢، الإستبصار جزء ٣ صفحة ١٣ حديث ٢، وسائل الشيعة جزء ١٨ صفحة ٢٩٤ باب٤١ مِن كتاب الشهادات حديث ٢٠، وسائل الشيعة طبعة ال البيت جزء ٢٧ صفحة ٣٩٨.
[14] ()وهو من الحقوق . منه دام ظله.
[15] ()تهذيب الأحكام جزء ٦ صفحة ٢٨١ حديث ١٧٨، الإستبصار جزء ٣ صفحة ٢٥ حديث ١٢، وسائل الشيعة جزء ١٨ صفحة ٢٦٧ باب٢٤ مِن كتاب الشهادات حديث ٤٢، وسائل الشيعة طبعة ال البيت جزء ٢٧ صفحة ٣٦٢.
[16] ()الكافي جزء ٥ صفحة ٣١٣ حديث ٤٠، تهذيب الأحكام جزء ٧ صفحة ٢٢٦ حديث ٩، وسائل الشيعة جزء ١٢صفحة ٦٠ باب4 مِن آبواب مَا يكتسب له حديث ٤، وسائل الشيعة جزء ١٧ صفحة .٨٩.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo