< قائمة الدروس

آیةالله السید محمدسعید الحکیم

بحث الفقه

41/04/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب النكاح/ الرضاع/ محرماته

نص ما كتبه سيّدنا الأستاذ دام ظله

نعم في صحيح عبدالله بن المغيرة عن أبي الحسن الماضي عليه السلام: " قلت له: إني تزوجت امرأة فوجدت امرأة قد أرضعتني وأرضعت أختها. فقال: كم؟ فقلت: شيئاً يسيراً. قال: بارك الله لك " [1] .

حيث قد يظهر في التحريم لو كان الرضاع تاماً. مع أنه لا يقتضي إلا كونه أخاً لأختها. لكن لا يمكن البناء على عموم تحريم أخت الأخت.

ولا سيما بلحاظ معتبر يونس بن يعقوب: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن امرأة أرضعتني وأرضعت صبيّاً معي، ولذلك الصبي أخ من أبيه وأمه، فيحل لي أن أتزوج ابنته؟ قال: لا بأس [2] .

مضافاً إلى ظهور بعض النصوص في كراهة تزويج أخت الأخ نسباً ورضاعاً مع التصريح بالحل [3] فراجع.

هذا وقد يحمل صحيح عبدالله بن المغيرة على ما إذا كانت المرضعة أمها وقد أرضعته مع أختها فيكون إبناً لأبيها وأخاً لها أيضاً. ولا سيما أن الصحيح لم يستكمل شرائط التحريم، وإنما أشعر بالتحريم في الجملة.

والأمر منحصر بالتنزيل وقد عرفت عدم نهوضه بإثبات كون أولاد المرتضع الآخرين بمنزلة إخوة أولاد صاحب اللبن وأولاد المرضعة. وكما لا ينهض بحرمتهم على بقية أولاده لا ينهض بحرمتهم على إخوته لتوهم كونهم بمنزلة أعمامهم.

هذا ويظهر أن توهم نهوض التنزيل الذي تضمنه الصحيحان بالتعدي عن مورده أوجب توسع جماعة في تحريم الرضاع لكثير من الفروع، كما أطال الكلام فيه في الجواهر [4] ، ولا يسعنا استقصاؤها ونكتفي بما ذكرناه في وجه الاقتصار فيه على مورده.

قوله قدس سره: كما في المثال المتقدم

وهو ما إذا كانت أمهم بنتاً لصاحب اللبن.

قوله قدس سره: وأولاد المرضعة

فيكونون أخوالاً، ويحرمون للخؤولة، لا لأنهم أولاد صاحب اللبن، وهو ظاهر.

بقي شيء، وهو أنه سبق من الخلاف [5] تحريم أخت المرتضع على الفحل.

وسبق منه الاستدلال عليه بالإجماع والنصوص، وبأنه لا يجوز للإنسان أن يتزوج بأخت ولده. وقد سبق منا منع الاستدلال بالوجه الأخير.

وأما الإجماع فلم يتضح تحققه، لعدم العثور على من صرح بذلك قبله ولا بعده بل أنكره عليه غير واحد.

وكذا الأخبار، لأنها اقتصرت على عموم: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، الذي سبق قصوره عن ذلك، وعلى تحريم أولاد صاحب اللبن على أبي المرتضع.

ولا مجال لأن يستفاد منه تحريم أخت المرتضع على الفحل بعد عدم اشتماله على ما يقتضي ذلك من تعليل أو غيره.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المهذبة

إنتهينا إلى أن قوله عليه السلام " هم بمنزلة أولادك " لا يثبت كونه إبنه بنحو يقتضي لوازم كونه إبنه الخارجية وهي كون أبوه جده وأعمامه وأخواله وما يشبه ذلك، وإنما يدل على حرمته عليه لا غير.

نعم في صحيح عبد الله بن المغيرة، عن أبي الحسن الماضي عليه السلام " قال: قلت له: إني تزوجت امرأة فوجدت امرأة قد أرضعتني وأرضعت أختها قال: فقال: كم؟ قلت: شيئا يسيراً قال: بارك الله لك " [6] .

فبسؤاله عليه السلام عن مقدار الرضاع يظهر منه أن الرضاع لو تم لأوجب التحريم بينه وبين أختها.

وهذا أمر لا يمكن البناء عليه، فإنه لا إشكال في أن أخت الأخت ليست بحرام، والرواية بنفسها يمكن أن نحملها على أن المرضعة أمها لكنها أرضعتها مع أختها فيكون هو إبن الفحل وعليه تحرم عليه كل بناته، فهي أرضعته وأرضعت أختها يعني أرضعتهما سوياً فأصبح ابنها، فحينئذٍ يكون إبن الفحل وعليه حَرم عليه كل أولاد الفحل، فأخو الأخ لا مجال للبناء على حرمته فإنه لا إشكال في أنه بالنسب لا يوجد هكذا شيء، وقرأنا رواية زرارة فإنها صريحة في أنه يكون ولدك وأخا امرأتك فلا مانع من أن تكون المرأة أختاً له.

بعبارة أخرى الرواية أجنبية عما نحن فيه، لأن نحن في مقام بيان أن أولاد صاحب اللبن حرام على أولاد أبي المرتضع، فأولاد الفحل حرام على أولاد أبي المرتضع، وهذه الرواية بالعكس فإنها دالة على أن المرتضع يحرم على أولاد الفحل أو يحرم على أخت الأخت، إذا كانت أجنبية بحيث لا يكون أباها هو الذي أرضع وإنما بمعنى أنه أتت امرأة أجنبية أرضعته وأرضعت أختها فكل ما يتحقق أن تكون أخت الأخت وأخت الأخت لا يوجد احتمال لحرمتها، وإذا هُو صار من أبنائهم بحيث أمها أرضعته مع أختها يعني رضعا في ولادة أختها ومعنى ذلك أنه أصبح إبنها فإذا صار إبنها تكون هذه أخته فلا يجوز له أن يتزوجها، ولكن الرواية فيها نقص وأنها ليست في مقام بيان التحريم، وإنما في مقام بيان أحد موانع التحريم فقط وهو أنه لم يتم الرضاع، وإلا لو قال له بأن الرضاع تام لسأله الإمام عليه السلام عند من رضعت وكيفية الرضاع وهل أنت عندهم أو هم عندك، فقد يكون الإمام عليه السلام عندما قال له بأن الرضاع أعرض عن ذكر باقي الأمور والتنبيه لبقية الشروط، فالرواية إذا نأخذ مدلولها الجامد تفيد بأن أخت الأخت حرام وهذا لا يمكن البناء عليه، وعلى تقديره يكون هو حرام على إخوة الذين رضعوا معه وليس إخوة الذين رضعوا معه حرام على إخوته، فإنه تارة أخي رضع معها، وتارة رضعت مع أختها، فإذا أخي رضع معها تكون من مسألتنا، ولكن هي ليست من مسألتنا وإنما هي أجنبية عن مسألتنا.

فالرواية على تقدير دلالتها تدل على أن المرتضع يحرم عليه أولاد المرضع، فإذا كانت المرضعة أجنبية معنى ذلك أن الذي يحرم فقط أخت الأخت وهذا لا أحد يفتي به، وإذا بنتها معنى ذلك أن الرضيع يحرم على أولاد الفحل وهذا مسلّم فإنه أخاهم سواء من رضع معه أو من لم يرضع معه.

ولكن إشكالنا بالعكس وهو أن أولاد الفحل حرام على أولاد صاحب اللبن، فليس أخاه رضع معها وإنما هو رضع مع أختها، وهذه الرواية ليست في مقام بيان التحريم وإنما هي في مقام بيان دفع التحريم، فإن الإمام عليه السلام أول شيء سأله عن المدة فقال له مدة قليلة فقال له لا ينشر لعله لو قال له بأن الرضاع كثير لسأله عن كيفية الرضاع وعند مِن تم الرضاع.

وبعبارة أخرى الرواية أجنبية عما نحن فيه، فنحن الذي نريده هو أن نثبت أن أولاد الفحل حرام على أولاد صاحب اللبن، فالتوسع من الجانبين فكل أولاد الفحل حرام على أولاد أبي المرتضع فإن هذا هو محل شاهدنا، والرواية واردة في أن المرتضع حرام إما على أخي مرضعته إذا كانت هي أجنبية فإن أخ الأخ لا يمكن البناء على حرمته، وهذه مسألة معروفة وتقدمت أيضاً رواية زرارة.

وعليه فمحل شاهدنا هو أنه هل قوله عليه السلام " هم بمنزلة أولادك " يعني أصبحوا بحكم أولاده من حيث كونهم إخوة أو من حيث كونهم محرمين فقط فإن هذه هي النكتة المهمة، الجماعة فهموا من حيث كونهم محرّمين وليس من حيث كونهم إخوة، ونحن نقول لا، فإن التنزيل إنما ينصرف للحكم الشرعي ومعنى ذلك أنهم بمنزلة أولادك فيحرمون عليك وهذا لا يعني أنهم أصبحوا إخوة لأولادك، فتارة يقول أولاداً لك فمعنى ذلك أنهم أصبحوا إخوة لأولادك يعني أولاد أخو إخوتك يعني أعمامك أيضاً حرام عليهم وهكذا تصعد القضية على هذا المجرى، ولكن هذه الرواية لا تدل عليه فإن التنزيل إنما يدل على أن أولاد الفحل حرام على أبي المرتضع وهذه الرواية أجنبية عما نحن فيه .

فالمسألة التي هي محل شاهدنا هي أن أولاد الفحل حرام على أولاد المرتضع لأنهم بمنزلة أولاده وعليه فهل يكونوا إخوة لهم أو يكونوا حراماً عليهم فقط، والشيء المتيقن أنهم حرام عليه أما كونهم إخوة لهم فلماذا، فحينئذ عموم التنزيل لا يقتضيه، ومن هنا إذا قلنا أنهم بمنزلة أولاده بمعنى أنهم يحكمون حكم أولاده تكويناً فمعنى ذلك أن التحريم يصعد للأعمام لأن إخوته أعمامهم، فإنهم إذا صاروا أولاده سيكونون إخوة أولاده وأيضاً أولاد أخو إخوته، وإلى هنا الشيخ صاحب الجواهر تعرض الى فروض المسألة الكثيرة، ولكن نحن نكتفي بما ذكرناه وهو أن التنزيل إنما يقتضي التحريم فقط فهم حرام عليه فقط .

نعم يوجد احتمال جد المرتضع لأن الأب قد يطلق في باب النكاح إلى ما يعم الجد، ففي قوله تعالى " حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم " فنفهم من أمهاتكم من الرضاعة يعني حتى الجدة، فباب الأبوة والأمومة قد نسرّي التحريم من أبي المرتضع إلى أبي أب المرتضع يعني إلى جد المرتضع، فيوجد إحتمال وإن كان هو خلاف الظاهر، فإن قيد الأب يستعمل بما يعم العوالي، مثل الإبن يستعمل بما يعم العوالي، وهذه قضية خاصة تتعلق فقط بالأب فإما أن يكون فقط الأب أو أبو الاب، أما إخوته يصبحون أعمام لا يوجد هكذا شيء أو أولاده يصبحون إخوة أيضاً لا يوجد هكذا شيء.

الشيخ رحمه الله عنده مطلب ثاني، فإن الشيخ عنده تصريحان وليس تصريحاً واحداً، الكلام الأول في أول باب الرضاع [7] قال: أنه يحرم أخوات المرتضع على الفحل - وليس على إخوته – واستدل عليه بالإجماع وقول النبي صلى الله عليه وآله : يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب وليس في الشرع جواز أن يتزوج الرجل بأخت ابنه على حال فحكم الرضاع مثله.

وعنده تصريح آخر ذكره في باب النكاح [8] ، قال: إذا حصل بين صبيين الرضاع الذي يحرم مثله فإنه ينشر الحرمة إلى إخوتهما وأخواتهما، وإلى مِن هو في طبقتهما ومن فوقهما من آبائهما . وقال جميع الفقهاء خلاف ذلك. دليلنا إجماع الفرقة. وأيضاً: قوله صلى الله عليه وآله " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " وهذا لو كان بالنسب يحرم فكذلك إذا كان من الرضاع.

فهذا مطلب ثاني وهو الذي يرتبط بمطلبنا وهو أن الحرمة تسري في الأولاد كلهم، وفي آبائهم، فتكون النتيجة أن الطبقة العليا يحرمون على أولاد الطرفين.

والمطلب الأول هو محل شاهدنا وهو أنه يحرم أولاد صاحب اللبن على أولاد أبي المرتضع وهذا الذي تقدم الكلام فيه.

وعنده مطلب آخر، وهو أن إخوة المرتضع يحرمون على الفحل فإخوة المرتضع وأولاد صاحب اللبن كلهم يكونوا إخوة فحينئذ تصعد الحرمة إلى آبائهم.

أما أنه يحرم على الفحل فهذه من أين، فهل عندنا هكذا رواية. وهو استدل بإجماع الفرقة وأخبارهم، وأما حديث الأخت فإنه تقدم الكلام فيه وذكرنا أنه عندنا رواية نص في المطلوب، وأما مشكلة أن الفحل يحرمون عليه أولاد المرتضع فإنه لا يوجد عندنا رواية، وأما الإجماع فلا يوجد عندنا، وبعضهم أنكر عليه هذا الإجماع، فإن الجماعة حديثهم في أولاد صاحب اللبن مع المرتضع أو مع أولاده أما أولاد أبو المرتضع مع الفحل من أين أتيت بها فأنكروا عليه دعوى الإجماع، فإن المذكور في كلام الجماعة عكس الموضوع وهو أن كل أولاد صاحب اللبن حرام على أبي المرتضع وعلى إخوته على الكلام في ذلك بين المقنع ومن تبعه ممن منع في مقابل من أجاز.

قال دام ظله " [9] وأما الإجماع فلم يتضح تحققه، لعدم العثور على من صرح بذلك قبله ولا بعده بل أنكره عليه غير واحد. وكذا الأخبار، لأنها اقتصرت على عموم: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، الذي سبق قصوره عن ذلك، وعلى تحريم أولاد صاحب اللبن على أبي المرتضع.

فكل ما عندنا من أدلة هو هذا " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " ولا يوجد عندنا هنا عنوان محرم، وأبو المرتضع يحرم عليه، وما هو مقدار سعة الحرمة فإنه هو الذي محل كلامنا، أما أن إخوة المرتضع يصبحون حرام على الفحل فهذه من أين وما هي الرواية الدالة على ذلك، وعليه فكلام الشيخ غير واضح .

والمحصل أن الشيء المتيقن هو حرمة أولاد صاحب اللبن على أبي المرتضع، وهو منصوص، والإشكال في أن التنزيل يقتضي كونهم أولاده بحيث يكونوا إخوة أولاده فيحرمون على إخوته أو لا يكونوا أولاده وهو الذي تقدم فيه الخلاف بين المقنع والنهاية والخلاف والوسيلة في مقابل من صرح بالجواز في المهذّب والشرائع والنافع وجماعة. والقضية مبتنية على هذه النكتة وهي أنه ما هو المراد من قوله بمنزلة أولاده، فهل تقتضي كونهم أولاده، فحينئذٍ تنتشر الحرمة أو فقط حرام عليه وهذا الكلام تقدم.


[1] ( ) الكافي ج5 ص444 ح1، الوسائل ج14 ص287 باب2 من أبواب ما يحرم بالرضاع ح20.
[2] ) ) التهذيب ج7 ص323 ح39، الوسائل ج14 ص280 باب6 من أبواب ما يحرم بالنسب ح3.
[3] ( ) الكافي ج5 ص444 ح2، الوسائل ج14 ص279 باب6 من أبواب ما يحرم بالنسب ح2.
[4] )) ج29 ص316 وما بعدها.
[5] )) ج4 ص302 م 73، ج5 ص93 م 1.
[6] ( ) الكافي جزء ٥ صفحة ٤٤٤ حديث ١، وسائل الشيعة جزء ١٤ صفحة ٢٨٧ باب٢ مِن أبواب ما يحرم بالرضاع حديث ٢٠، وسائل الشيعة طبعة ال البيت جزء ٢٠ صفحة ٣٨٠.
[7] ( ) الخلاف جزء 5 صفحة 93 مسألة 1.
[8] ( ) كتاب الخلاف جزء 4 صفحة 302 مسألة 73.
[9] ( ) هنا يقرأ السيد دام ظله مما كتبه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo