< قائمة الدروس

الأستاذ السید عبدالمنعم الحکیم

بحث الفقه

40/05/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الاستدلال بالآية" ولتكملوا العدة"- على وجوب القضاء على المرتد وعلى ان القضاء بأمر جديد

وثالثا: بالآية الشريفة (... وَ مَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَ لاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَ لِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ))

لظهور (ولتكملوا العدة...) في تعليل وجوب القضاء على المريض والمسافر فيؤخذ بعمومه في غير موردهما.

والحاصل: ان المستفاد من الآية الكريمة ومن معتبر عبد الرحمن المتقدم وجوب القضاء على المرتد. بعد القول بتكليفه في الفروع كما هو الصحيح

بقي شيء: وهو ان الظاهر من التعليل في الآية بل المتبادر منه عرفا ان القضاء بأمر جديد. حيث قال تعالى عمن شهد الشهر ان يصمه ثم بين ان من كان مريضا او على سفر فليصم عدة من أيام اخر ثم علل الامر بالصوم في الأيام الاخر بإكمال العدة فيكون الامر بإكمال العدة بأمر جديد كما هو غير خفي.

لكن ظاهر الأستاذ انه جعل الامر بالصوم هو الصوم في السنة كلها والصوم في رمضان بأمر أخر من باب تعدد المطلوب

فقد قال: "فإن مقتضى تعليل وجوب القضاء على المريض والمسافر بوجوب إكمال العدة وجوب القضاء على كل من ترك صوم شهر رمضان، لرجوعه إلى أن صوم قدر أيام الشهر واجب على كل مكلف صالـح للخطاب، وأن جعله في شهر رمضان واجب آخر، فإذا سقط التكليف بإيقاعه في شهر رمضان بعصيان أو تعذر أو غيرهما بقي التكليف بالصوم بقدره في حق المكلف.

بل قد يكون ذلك مقتضى إطلاق قوله تعالى قبل ذلك: (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون * أياماً معدودات...). وأما قوله تعالى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه...)، فلم يتضح وروده لتقييد إطلاق الأمر الأول، ليكون هناك أمر واحد بالصوم في شهر رمضان كي يحتاج وجوب القضاء مع عدم امتثاله للدليل، بل مقتضى الجمود عليه كون إيقاع الصيام في شهر رمضان مطلوباً آخر، فعدم امتثاله لا يوجب سقوط أصل وجوب الصيام المستفاد من الأمر الأول.

كما أن ذلك هو المناسب لمعتبر الفضل بن شاذان الآتي في المسألة الثالثة على ما يتضح من تقريب الاستدلال به هناك.مضافاً إلى قرب تصيد العموم من استقراء ثبوت وجوب القضاء في الموارد المتفرقة، مثل من أفطر متعمداً، والمريض والمسافر والحائض والنفساء وناسي الجنابة وغير ذلك. فتأمل.نعم لابد من كون المكلف بنحو يتوجه له الخطاب بالصوم حين دخول شهر رمضان ولو بنحو الواجب المعلق، بحيث يكون مكلفاً بالصوم لولا العذر المانع، دون مثل الصبي والمجنون حين دخول الشهر، كما لعله ظاهر، وما يوضح ذلك...

معتبر الفضل بن شاذان عن الرضا ع: «قال: إن قال: فلم إذا مرض الرجل أو سافر في شهر رمضان فلم يخرج من سفره أو لم يقو من مرضه حتى يدخل عليه شهر رمضان آخر وجب عليه الفداء للأول وسقط القضاء، وإذا أفاق بينهما أو أقام ولم يقضه وجب عليه القضاء والفداء، قيل: لأن ذلك الصوم إنما وجب عليه في تلك السنة في هذا الشهر، فأما الذي لم يفق فإنه لما مر عليه السنة كلها وقد غلب الله عليه، فلم يجعل له السبيل إلى أدائها سقط عنه. وكذلك كلما غلب الله عليه مثل المغمى الذي يغمى عليه في يوم وليلة، فلا يجب عليه قضاء الصلوات، كما قال الصادق ع: كلما غلب الله على العبد فهو أعذر له، لأنه دخل الشهر وهو مريض، فلم يجب عليه الصوم في شهره، ولا في سنته، للمرض الذي كان فيه، ووجب عليه الفداء، لأنه بمنزلة من وجب عليه الصوم، فلم يستطع أداءه فوجب عليه الفداء، كما قال الله تعالى: (فصيام شهريين متتابعين فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً) ... فإن أفاق فيما بينهما ولم يصمه وجب عليه الفداء لتضييعه، والصوم لاستطاعته»[1] .

فإن التعليل المذكور فيه لثبوت القضاء وسقوطه في القسمين لا يتوجه إلا بحمل قوله ع: «لأن ذلك الصوم إنما وجب عليه في تلك السنة في هذا الشهر» على إرادة أن الواجب هو صوم الشهر من تمام السنة، وجعله في شهر رمضان واجب آخر، بنحو تعدد المطلوب، فمع تعذر أحد المطلوبين ـ لفرض المرض في شهر رمضان ـ يجب الثاني، كما لعله ظاهر بأدنى تأمل.كما أن ذلك هو المناسب لما تضمنه من جعل الفداء بدلاً عن القضاء في مستمر المرض، لأن جعل الفداء يناسب تدارك الأمر المفدى لتعذره ومع إطلاق وجوب القضاء بنحو يشمل ما بعد السنة الأولى لم يتعذر القضاء، ليكون الفداء بدلاً عنه.والظاهر اعتبار الحديث في نفسه، لرواية الصدوق له عن الفضل بطريقين، الأول: عن محمد بن عبدوس عن علي بن محمد بن قتيبة، والثاني: عن جعفر بن نعيم عن محمد بن شاذان. والطريق الأول معتبر، كما تقدم في المسألة الثالثة من فصل وجوب الكفارة عند الكلام في الإفطار على الحرام. ولا سيما مع اعتضاده أو تأييده بالثاني، لأن جعفر بن نعيم ممن روى عنه الصدوق مترضياً عليه، ومحمد بن شاذان يظهر من بعض القرائن والروايات ـ وإن لم تخل عن ضعف ـ حسن حاله، بل وثاقته.

ويؤيده أو يعضده حديث أبي بصير عن أبي عبدالله ع: «قال: إذا مرض الرجل من رمضان إلى رمضان ثم صح فإنما عليه لكل يوم أفطره فدية طعام وهو مدّ لكل مسكين... وإن صح فيما بين الرمضانين، فإنما عليه أن يقضي الصيام، فإن تهاون به وقد صح فعليه الصدقة والصيام جميعاً لكل يوم مداًّ، إذا فرغ من ذلك الرمضان»[2] "[3] .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo