« فهرست دروس
الأستاذ السيد علي‌اکبر الحائري
بحث الأصول

47/04/18

بسم الله الرحمن الرحيم

المقام الثاني: التخيير الشرعي/ دوران الأمر بين التعيين والتخيير /الأصول العملية

 

الموضوع: الأصول العملية / دوران الأمر بين التعيين والتخيير / المقام الثاني: التخيير الشرعي

1- دوران الأمر بين التعيين والتخيير

1.1- المقام الثاني: دوران الأمر بين التعيين والتخيير الشرعي

تكلّمنا في دوران الأمر بين التعيين والتخيير بناء على أربعة مبان في تفسير التخيير الشرعيّ، وأخيراً ينبّه أستاذنا الشهيد على صيغة جديدة للعلم الإجماليّ ذكرها المحقّق العراقي رضوان الله تعالى عليه يناسب كلّاً من المبنى الأوّل والمبنى الرابع من المباني الأربعة.

والآن نوضّح هذه الصياغة الجديدة على المبنى الأوّل، يعني على المبنى القائل بأنّ التخيير الشرعيّ يشتمل على عدّة وجوبات وكلّ وجوب مشروط، ونقيس عليه بعد ذلك أن يكون الواجب مشروطاً كما عليه المحقّق العراقيّ.

نقول الصياغة الجديدة للعلم الإجماليّ هي أنّه إذا دار الأمر بين التعيين والتخيير فإمّا «أن يكون العتق واجباً حتّى على تقدير فعل الصوم والإطعام» – هذا على تقدير كون وجوب العتق تعيينيّاً – وإمّا «لا يجوز ضمّ ترك الصوم والإطعام إلى ترك العتق» – هذا على تقدير كون وجوب العتق تخييريّاً –.

وهذا الطرف الثاني للعلم الإجماليّ يوجد فيه إشكال، فلقائل أن يقول بأنّ هذا الطرف الثاني معلوم بالعلم التفصيليّ؛ لأنّه سواء كان العتق واجباً تعيينيّاً أو واجباً تخييريّاً لا يجوز ضمّ ترك الصوم والإطعام إلى ترك العتق؛ لأنّه يؤدي إلى ترك الثلاثة كلّها فلا يجوز، وكما تعرفون كلّما كان أحد طرفي للعلم الإجماليّ معلوماً بالعلم التفصيلي ينحلّ هذا العلم الإجماليّ.

والجواب يكمن في توضيح معنى «الضمّ» وصفة «الانضمام». وهذا يختلف معناه عن معنى «هذا وذاك معاً»، فلنوضح الفرق بين صفة الانضمام وبين مجرّد الجمع بين شيئين معاً ضمن مثال، فنقول مثلاً بأنّ شرب الخمر مع شرب الماء أحدهما حرام والآخر حلال، فلا يجوز للمكلّف أن يشرب الخمر والماء كجمع بينهما، فهذا غير جائز؛ لأنّه يشتمل على حرام، ولو لحرمة جزء من الجزئين. ولكن هل هذا يعني حرمة ضمّ شرب الماء إلى شرب الخمر؟ لا.

لا يحرم ضمّ شرب الماء إلى شرب الخمر؛ لأنّ شرب الخمر حرام سواء شرب الماء أم لا، فضمّ شرب الماء إلى شرب الخمر غير حرام. فهذا هو معنى الضمّ الذي يختلف عن مجرّد أن يفعل الشيئين معاً، فمعنى الضمّ يعني صفة الانضمام لا مجرّد أن يجمع بين الأمرين، فالمقصود هنا بالطرف الثاني لهذا العلم الإجماليّ هو أنّه لا يجوز ضمّ ترك الصوم والإطعام إلى ترك العتق، فصفة الانضمام لا تجوز على تقدير كون الواجب تخييريّاً، أي الطرف الثاني لهذا العلم الإجماليّ الجديد.

وفيما نحن فيه إذا كان العتق واجباً تعيينيّاً فلا يجوز تركه مطلقاً، هذا هو الطرف الأوّل، وإذا كان تخييريّاً صدق القول بأنّه لا يجوز ضمّ ترك الصوم والإطعام إلى ترك العتق، فنجد أنّ الضمّ بالمعنى الذي شرحناه غير جائزة في فرض التخيير فقط، فهذا يصير الطرف الثاني لهذا العلم الإجماليّ.

logo