46/11/02
محاورات حول ما جاء في الكفاية/ دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر في الأجزاء /الأصول العملية
محتويات
1- محاورات حول ما جاء في الكفاية1.1- الأمر الثاني: التفصيل بين البراءة العقليّة والبراءة الشرعيّة في موارد الشكّ بين الأقلّ والأكثر
1.2- إعادة الدرس الماضي

الموضوع: الأصول العملية / دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر في الأجزاء / محاورات حول ما جاء في الكفاية
1- محاورات حول ما جاء في الكفاية
1.1- الأمر الثاني: التفصيل بين البراءة العقليّة والبراءة الشرعيّة في موارد الشكّ بين الأقلّ والأكثر
1.2- إعادة الدرس الماضي
اليوم نعيد درس الأمس، فنبدأ ببحث التفصيل بين البراءة العقليّة والشرعيّة.
فمن جملة الأمور التي نجدها في كتاب الكفاية أنّه فصّل بين البراءة العقليّة والشرعيّة في موارد الشكّ بين الأقلّ والأكثر فقال بأنّ البراءة العقليّة لا تجري ولكنّ البراءة الشرعيّة تجري عن الجزء الزائد المحتمل. وصاحب الكفاية رضوان الله تعالى عليه في انكاره لجريان البراءة العقليّة البراءة العقليّة اعتمد على وجهين لابدّ أن نبحثهما، الوجه الأولّ الذي اعتمد عليه عبارة عن مشكلة الشكّ في الغرض وأنّ الشكّ في الغرض شكّ في المحصّل والشكّ في المحصّل لا تجري فيه البراءة.
والوجه الثاني اعتمد فيه على وجود العلم الإجماليّ بين الأقلّ والأكثر وهو يرى عدم إمكان حلّ هذا العلم الإجماليّ بالعلم التفصيليّ بالأقلّ.
أمّا الوجه الأولّ فصاحب الكفاية قال بأنّه مادام أنّ الشكّ في الغرض مرجعه إلى الشكّ في المحصّل فلا تجري البراءة؛ لأنّ البراءة لا تجري في موارد الشكّ في المحصّل. والسيّد الخوئيّ رحمه الله اعترض عليه وقال بأنّه لو صحّ ما تقول من أنّ مشكلة الغرض – ونقصد مشكلة أنّ الشكّ في الغرض شكّ في المحصّل والشكّ في المحصل لا تجري عنه البراءة – تمنع في رأيك عن جريان البراءة فيبقى الغرض خالياً عن البراءة؛ لأنّه لا يحصل الغرض، لا على البراءة العقليّة – لأنّك تقول بعدم إمكان جريان البراءة العقليّة في الغرض لأنّ الغرض فيه مشكلة أنّ الشكّ فيه شكّ في المحصّل – ولا يمكن أن نجري فيه البراءة الشرعيّة؛ لأنّ البراءة الشرعيّة أساساً غير ناظرة إلى عالم الأغراض فهي تجري عن التكاليف لا عن الأغراض، إذاً يبقى عالم الأغراض خالياً عن البراءة.
وأستاذنا الشهيد رضوان الله تعالى عليه أشكل على السيّد الخوئي في نقطة أنّ السيّد الخوئي قال بأنّ البراءة الشرعيّة لا تجري في الأغراض بأنّه نحن عند احتمال وجود غرض إلزاميّ للشارع تبارك وتعالى نحتاج إلى البراءة [الشرعيّة]؛ لأنّ الغرض لا بدّ من التخلّص عنه ببراءةٍ بشكل من الأشكال، فإذا كانت البراءة العقليّة لا تجري والبراءة الشرعيّة أيضاً لا تجري في الأغراض – على مبنى السيّد الخوئي؛ لأنّها خاصّة بالتكاليف – إذاً فلا تجري البراءة الشرعيّة في الأغراض ويؤدّي إلى النقض بالشبهات البدويّة، فكيف نجري البراءة عن الأغراض؟ والقول بأنّ البراءة حتّى في الشبهات البدويّة لا تجري عن الأغراض فهذا يؤدّي إلى أن يكون البراءة الشرعيّة دائماً بحاجة إلى ضمّ البراءة العقليّة. إذاً تبقى الأغراض خالية عن البراءة حتّى في الشبهات البدويّة، فنفس المشكلة ستجري في الشبهات البدويّة؛ لأنّه يوجد احتمال غرض إلزامي وهذا الاحتمال بحاجة إلى علاج، بحاجة إلى البراءة بشكل من الأشكال. وهذا معناه أنّ البراءة الشرعيّة دائماً بحاجة إلى ضمّ البراءة العقليّة، إذاً فالبراءة الشرعيّة تصبح لغواً ولا يبقى مورد لها فلا حاجة إليها.
السيّد الخوئي رضوان الله تعالى عليه أجاب عن هذا الإشكال بأنّه لو اقتصرنا على الدلالة المطابقيّة لدليل البراءة الشرعيّة لصحّ وجرى هذا الإشكال بأنّه هذه البراءة الشرعيّة بحسب دلالتها المطابقيّة دائما بحاجة إلى ضمّ البراءة العقليّة، ولكن توجد دلالة الاقتضاء – وهي نوع من الدلالات الالتزاميّة، وهي صون كلام المولى عن اللغوية، فإنّ حكمة المولى تقتضي لصون كلامه عن اللغويّة أن يستلزم دلالة معيّنة – فلأجل صون كلام المولى عن اللغوية نضطرّ أن نقول بأنّه لا يمكن أن لا تجري البراءة الشرعيّة [في الأغراض] لا في الشبهات البدويّة ولا في الشكّ بين الأقلّ والأكثر، وعليه فنكتفي بأحد الموردين للبراءة الشرعيّة، فإنّها تجري في الشبهات البدويّة فقط ونرفع اليد عن [جريانها في] الأقلّ والأكثر، فنكتفي بالمقدار القطعيّ من جريان البراءة الشرعيّة بدلالة الاقتضاء. لأنّ دلالة الاقتضاء لا إطلاق فيها، بخلاف الدلالة المطابقية فإنّه بالإمكان فيها أن نقول بأنّه لا نعلم أنّ البراءة الشرعيّة هل تجري في كلا الموردين فنتمسك بالإطلاق لإثبات ذلك، ولكن بما أن دلالة الاقتضاء لا إطلاق فيها فنقتصر على المقدار المتيقّن.
ثمّ أستاذنا الشهيد أنقض على أستاذه بنقوض، يقول إن كنت ترى بأنّه بالدلالة الاقتضاء التي لا إطلاق فيها، إذاً فالمفروض في كثير من الموارد أن نرفع اليد عن البراءة الشرعيّة؛ لأنّ دلالة الاقتضاء لا إطلاق فيها ففي كلّ موارد نشكّ في البراءة الشرعيّة لا إطلاق في البراءة الشرعيّة حسب رأيك ولابدّ أن نرفع اليد عن البراءة الشرعيّة في كثير من المجالات الخاصة.