< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الرجال

43/06/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: فائدة: في كيفية تحمّل الرواية، أي طرق نقل المعلومات.

     الطريق الاول: السماع، وهو تارة يكون السامع مقصودا ومخاطبا واخرى لا يكون، والتحميل في كلتا الصورتين صحيح وإن كان في الصورة الأولى أفضل وأقوى، نعم توجد مسألة بحثت في مباحث الألفاظ من علم الأصول وهي: حجيّة الخطاب لغير المشافهين، وقد ذهبنا هناك إلى الحجيّة.

تحمّل الرواية، أي طرق نقل المعلومات، هذا المطلب يناسب القدماء، ونحن وسّعنا البحث فيه حتى يصل إلى المرحلة الحاليّة من انتشار الكومبيروتر ووسائل التواصل الاجتماعيّة الحاليّة الحديثة، بحث صحة مقدار نقلها وامانتها وصدقها ووثاقتها.

إذن نبحث الطرق القديمة التي ذكروها ونبحث ايضا الطرق الحديثة. هذا الموضوع أخذ حيّزا من أبحاث القدماء، وهو في كيفيّة وصول الرواية إلى الراوي، هل وصلت إليه عن طريق السمع أو عن طريق القراءة أو الوجادة، أو غير ذلك من صور ذكروها، وسنستعرضها مختصرة لعدم ثمرة عمليّة كبيرة فيها في عصرنا هذا، فإن وصولنا إلى الروايات يكاد ينحصر في الوجادة، إلا ما شذّ وندر. فإذا أردنا روايات الكليني (ره) في الكافي ووجدنا نسخة من الكتاب نشتريه ونأخذ منه أو نأخذ من الحاسوب. نعم لا بد من الإطمئنان بصدق النسبة، وكذلك بالاطمئنان إلى المطبعة ودار النشر أو غيره الذي نشر الكتاب، بأن نثق بعدم التلاعب به أو الزيادة فيه أو النقيصة.

إذن المناط هو حصول الوثوق والاطمئنان العرفي والقطع العرفي المعتاد عليه بين العقلاء بوسيلة التحمل.

فلنستعرض طرق التحمل باختصار:

الطريق الاول: السماع: أي السماع من الشيخ، والسماع هو الطريقة الاولى التي عرفها البشر منذ أقدم العصور، وعملوا بها، ولا يزالون، قبل ان تتطوّر عندهم طرق نقل المعلومات، من الرسم والكتابة والتصوير وصولا إلى الذبذبات الصوتيّة التي تنقل كتابا بأكمله خلال لحظة.

ولا شك في صحّة التحمل في صورة السماع، وهو على قسمين:

     فتارة يكون السامع مخاطبا ومقصودا، سواء أكان الخطاب له وحده أم كان أحد المخاطبين. وهذا القسم لا شك في حجيّة الظهور بالنسبة له. وفي هذا القسم يصح أن يقول الراوي السامع، حدثنا أو حدثني أو سمعته يقول، أو اخبرنا.

     وتارة يكون السامع غير مخاطب وغير مقصود، كما لو السامع يسترق السمع، وهذا ايضا لا شك في صحّة التحمل، فيصح ان يقول الراوي السامع: سمعت فلانا يقول، أو روى شيخي فلان، ولا يصح ان يقول: حدثنا، أو حدثني، أو أخبرنا، لانه غير مقصود بالخطاب.

نعم وقع الكلام في حجيّة ظهور هذا القسم بالنسبة لغير المخاطبين وهي مسألة تبحث في مباحث الالفاظ في علم الأصول. ومنشأ البحث وجود اشكال بانه قد يكون المخاطِب عندما تكلّم اتكل على قرينة خاصّة بالمخاطَب، فالسامع غير المقصود لا يعرف القرينة فيحصل عنده ظهور آخر بالمعنى المراد. هكذا عندما قالوا انه لا تكون حجيّة الظهور الا للمقصودين والحاضرين بالخطاب. ونحن وصلنا في البحث انه ايضا حجّة حتى لغير المخاطبين، ومثال على ذلك: الجواسيس يسترقون السمع ويتحمل الكلام وليسوا مقصودين بالخطاب وينقلون الكلام، فلا الناقل ولا المنقول اليه مقصود بالخطاب مع ذلك يكون الظهور حجة عليهم.

الفرق بين حدثنا وسمعت:

يشتركان في عدم الفرق في نقل نفس الالفاظ. ويفترقان في أن في الصورة الاولى " حدّثنا " يحتمل أن يكون المتكلّم اتكل على قرائن حاليّة أو المعنويّة أغنته عن التلفظ بها ولها أثر في فهم المعنى، كبعض الإشارات، بخلاف سمعت فانه لا يحق له ادعاء الا سماع الالفاظ فقط، لاحتمال عدم كونه في مجلس الخطاب.

وتظهر الثمرة في ما لو نقل الحديث بالمعنى، فان في قوله " حدثني " يكون السامع أحد حاضري مجلس الخطاب، فيكون ملتفتا إلى القرائن، ويكون أداؤه للمعنى أدقّ. بخلاف قوله: " سمعت " فان السامع يشمل حالتي الحضور وقصده في الخطاب، وعدمه.

وفي الحالة الثانية من استراق السمع لا يكون ملمّا بالقرائن التي يلمّ بها الحاضر. ولذلك كان نقل السامع المخاطب الحاضر أقوى وأفضل من السامع غير المخاطب وغير الحاضر.

والنتيجة: إن تحمل الرواية بجميع هذه الصور هو معتبر، وذلك لاننا قلنا في المسألة الاصوليّة بشمول حجية الظهور لغير الحاضرين والمخاطبين. نعم، التحمل في الصورة الاولى وهي حضور السامع لمجلس الرواية بدلالة قوله: " حدثني " أو " حدثنا " أو " اخبرنا " أقوى وأفضل.

الطريق الثاني: القراءة على الشيخ: أي أن يعرض الراوي على شيخه كتابا بنحو القراءة فيقرّه عليه، والإئمة عليهم السلام عرضت عليهم بعض الكتب واقروها.

والقراءة لها صور عديدة:

فتارة يقرأ الراوي ويسمعه الشيخ متابعا.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo