< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الرجال

43/04/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: فائدة: كتاب سليم بن قيس:

     استطراد في عدم ثبوت وثاقة شيوخ النجاشي في خصوص رجاله.

     الاسناد إلى كتاب سليم يمرّ: أما بابان بن ابي عياش، وإما بالصيرفي، فكلا السندين غير تام.

قلنا ان سليم بن قيس رجل جليل، وأننا استعرضنا مضمون الكتاب ولم نجد أمرا نقطع بفساده وما ذكروه قابل لتأويل، وله عدّة اوجه، ومع مراجعة النصوص التي بين أيدينا لم أجد ما ذكر ان الأئمة ثلاثة عشر، ولم نجد ان محمد بن ابي بكر قد نصح اباه، وقلنا ان ابن سنتين يعي ما فعل الاب والمذكور في الكتاب هو انه سمع اباه. فالأمور التي أتهم فيها الكتاب بالغلو أو التطرّف أو الفساد أو الخطأ والخلل، أمور غير ملموسة تصل إلى حد تخرج مضمون الكتاب عن العقل.

إذن المشكلة في السند، ومعظم الاسناد تمر بابان بن ابي عياش، وهناك سند واحد لا يمرّ به، يمرّ بإبراهيم بن عمر اليماني وهو من الأجلاء. وباستعراض السند نجده يمرّ بمحمد بن علي الصيرفي وهو ضعيف، ومحمد بن علي بن ماجيلويه لا أضعفه ولكنه لم يصل لدرجة الوثاقة.

سند الشيخ الطوسي إلى سليم بن قيس: أربعة طرق:

    1. الشيخ عن ابن ابي جيد عن ابن الوليد (ثقة) عن محمد بن ابي القاسم (ثقة) ماجيلويه، عن محمد بن علي الصيرفي (ضعيف) عن أبان عن سليم. [1]

عن ابن ابي جيد لم يتم توثقه عندنا وان كان رجلا جليلا وعمل برواياته:

ابن ابي جيد: فهو في معجم رجال الحديث هو: أبو الحسين بن ابي جيد القمّي، وقع بهذا العنوان في إسناد عدّة من الروايات تبلغ أربعة وعشرين موردا. فقد روى عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار، ومحمد بن الحسن بن الوليد، وروى عنه الشيخ في جميع هذه الموارد، فانه من مشايخه، وقد ذكر في المشيخة والفهرست في عدّة موارد.

يقول السيد الخوئي (ره): هو علي بن احمد بن محمد بن ابي جيد الذي هو شيخ النجاشي أيضا، وقد يعبّر عنه بعليّ بن احمد القمي. [2] [3] .

الصيرفي: هو محمد بن علي الصيرفي (أبو سمينة) ضعيف. [4]

    2. الغضائري (ثقة) عن التلعكبري (ثقة) عن ابي علي همام (ثقة)، عن الحميري (ثقة)، عن يعقوب بن يزيد (ثقة)، عن ابن ابي عمير (ثقة) عن ابن اذينة (ثقة) عن أبان، عن سليم.

    3. الغضائري (ثقة)، عن التلعكبري (ثقة)، عن ابي علي بن همام (ثقة)، عن الحميري (ثقة)، عن احمد بن محمد بن عيس (ثقة)، عن ابن ابي عمير (ثقة)، عن ابن اذينة (ثقة) عن ابان عن سليم.

    4. الغضائري (ثقة)، عن التلعكبري (ثقة)، عن ابي علي بن همام (ثقة) عن الحميري (ثقة)، عن ابن ابي الخطاب (محمد بن الحسين، ثقة)، عن ابن ابي عمير (ثقة)، عن ابن اذينة (ثقة)، عن ابان عن سليم.

قاعدة ابن ابي عمير لا يروي إلا عن ثقة فيها وجهان: المباشرة وهذا هو الظاهر والقدر المتيقّن وهذا ما نذهب اليه، وحينئذ لا يصلح السند لتوثيق ابان، والوجه الآخر أي توثيق كل من روى عنه ابن ابي عمير حتى لو لم يكن مباشرة، وبذلك أصبح ابان بن ابي عياش ثقة لان ابن ابي عمير روى عن ابن اذينة الثقة فنوثق ابان. لكن ابن اذينة لم يثبت عندي انه لم يرو إلا عن ثقة.

إبراهيم بن عمر: ثقة جليل.

نعم يوجد طريق ليس فيه أبان، وهو أحد طريقين مذكورين في فهرست الشيخ ورجال النجاشي، والطريقان هما:

    1. ابن ابي جيد عن ابن الوليد عن ماجيلويه عن الصيرفي عن حماد وعثمان بن عيسى عن ابان عن سليم.

    2. ابن ابي جيد عن ابن الوليد عن ماجيلويه عن الصيرفي عن حماد عن إبراهيم بن عمر عن سليم.

طريق النجاشي إليه: ابن ابي جيد (لم نوثقه عندنا لكنه ممن عُمل برواياته) عن ابن الوليد (ثقة)، عن ما جيلويه ( لم يثبت توثيقه عندنا وإن كان فيه عدّة امارات لم تصل عندنا لمرحلة الدليليّة) عن الصيرفي، عن حماد بن عيس (ثقة)، عن إبراهيم بن عمر السماني (ثقة) عن سليم.

ماجيلويه: إن ذكر وحده فهو ضعيف، اما محمد بن ابي القاسم ماجيلويه ثقة، وعند التردد بين الامرين لا نأخذ بالرواية.

ماجيلويه: محمد بن علي ماجيلويه: في شرح المشيخة: لم يتم توثيقه وإن كان فيه امارات تقرّبه من الوثاقة مثل كونه شيخا للصدوق (ره) واعتمد عليه في كل كتبه وفي الفقيه، وترضى عنه كثيرا، وهو من أهل بيت علم، وصححه العلامّة [5] .

وروى عنه الاجلاء، إلا ان هذا، لا يكفي دليلا عندنا، نعم هو مؤيّد قوي قد يؤدّي بالبعض إلى التوثيق.

الطريق الثاني: أي الذي ليس فيه ابان، بل إبراهيم بن عمر يروي عن سليم بن قيس، هذا الطريق لا يمر بابان ويمرّ بالصيرفي الضعيف، وماجيلويه المردد لا يؤخذ به، إذن السند الآخر أيضا لا يؤخذ به.


[1] استطراد رجالي مهم ردّا على مقولة ان الثقة لا يروي إلا عن ثقة: فهذا محمد بن خالد يقول عنه الحرّ العاملي: ليس في نفسه شيء ولكنّه لا يأبه ممن أخذ وعمن أخذ. وردا على ان شيوخ النجاشي المباشرين ثقاة لانه هو صرّح بذلك، ونحن بحثنا ذلك واستعرضنا كلمات من قال بتوثيقه وذرهم لستة موارد في كتابه، منها مثلا: فلما رأيت اصحابنا يضعفونه توقفت في الرواية عنه فلم ارو عنه شيئا. نقول في ذلك: لا شك ان النجاشي من الثقاة الاجلاء لكن مع التأمل في النص الذي ذكره نجد ان السيد الخوئي (ره) الذي يشقط قاعدة ان ابن ابي عمير لا يروي إلا عن ثقة يتمم قاعدة ان النجاشي لا يروي في كتابه إلا عن ثقة. اما نحن بعكس ما ذهب اليه السيد الخوئي (ره) تممت قاعدة ابن ابي عمير واضرابه انه لا يروي إلا عن ثقة واسقطت قاعدة ان شيوخ النجاشي كلهم ثقاة وذلك من النص الذي ذكره النجاشي، فمن عنده ذوق ادبي يعرف ما في هذا النص: " فلما رأيت اصحابنا يضعفونه تركت الرواية عنه فلم ارو عنه شيئا ". يقول النجاشي في ترجمة احمد بن محمد بن عبد الله: كان سمع الحديث فاكثر فاطرب في آخر عمره وذكر مصنفاته، ثم قال: رأيت هذا الشيخ وكان صدرقا لي ولوالدي وسمعت عنه شيئا كثيرا، ورأيت شيوخنا يضعفونه فلم ارو عنه شيئا وكان من اهل العلم والادب القوي وطيّب الشعر وحسن الخط ... ". قوله: " رأيت شيوخنا يضعفونه " اولا: " شيوخنا "جمع مضاف يفيد العموم يدل على نوع من الشهرة، و " يضعفونه " فعل مضارع والمضارع يفيد التجدد والحدوث والتكرار. فمعنى الكلام مع التأمل إذا صارت هناك شهرة بين الاصحاب وتناقلوا ان فلانا ضعيف حينئذ لا اروي عنه. ثم انه يصرّح بانه يروي عمن لم تثبت وثاقته حيث يقول في ترجمته: فتوقفت في الرواية، أي كان يروي عنه ثم توقف بسبب تضعيف شيوخه. إذن الثقة يمكن ان يروي عن غير ثقة. فهناك توثيق للأشخاص، واشخاص لم تعرف وثاقتهم وظاهرهم جيد لكن لا نقول بوثاقتهم. ولذلك يجب ان نعرف ماذا اراد النجاشي بكلامه، النتيجة انا لا أقول بقاعدة ان النجاشي لا يروي إلا عن ثقة، لانها ليست عقلائيّة ولا دليل عليها .
[3] التذكير بمسألة مهمّة في مقام التوثيقات: قلنا ان التوثيق أمر وجودي، والامانة أمر وجودي، وعطينا مثال سابقا على ذلك وهو: إذا كنت املك مالا مهمّا وأردت ان اسافر، واردت ان اضعه امانة عند أحد، وانا اصلي امام جماعة في مسجد واخ من الاخوان يصلي معنا ولم امتحنه – اجربه – هل اضع المال المهم عنده وائتمنه على المال، في الاشياء المهمّة يجب ان اتأمّل، هذا في الامور العاديّة. وهل الاحكام الشرعية أقل أهميّة من المال؟ سؤال: كيف نصلي خلف امام الجماعة؟ الجواب: ان امام الجماعة لا يشترط فيه إلا لا نعرف منه إلا خيرا، " عادل " أي لا يرتكب المحرمات ويفعل الواجبات. أي المطلوب فيه العدالة الشرعيّة لا العدالة اللغوية، لكن إذا كان عندي مال مهمّ هل اضع المال عنده إذا لم اجرّب امانته؟ سؤال: هذا الذي يؤتمن على الصلاة جماعة كيف لا يؤتمن منه على المال؟ الجواب: ان العدالة شيء والوثاقة شيء اخر، العدالة المطلوبة في امام الجماعة شيء والوثاقة شيء آخر، المطلوب من امام الجماعة حسن الظاهر فقط، اما في الامانة والوثاقة فتحتاج إلى تجربة وهما امران وجوديان.هناك نوعان من العدالة: العدالة اللغوية وهي التي تتضمّن الوثاقة والامانة، والعدالة الشرعية التي لا يؤخذ فيها إلا حسن الظاهر واحد طرق الاثبات انا لا نعلم منه إلا خيرا، المطلوب في الوثاقة من ثبتت وثاقته وليس مجرّد عدم العلم، وهذا يختلف عن العدالة التي نحتاجها في الصلاة أو الطلاق. الخلاصة: ان التوثيق يحتاج إلى دليل وأهم دليل على حجية خبر الواحد هو سيرة العقلاء، وسيرتهم لا تعمل بخبر الشخص غير المعلوم وثاقته ومجرد انه حسن الظاهر، بل يجب ان يكون ثقة، وانا اذهب إلى ما ذهب اليه السيد المرتضى (ره) بان خبر الواحد لا يكون حجّة إلا الموثوق، وهنا نكمل ما ذهب اليه بان خبر الثقة غالبا يؤدي إلى اطمئنان، وهذا هو قصد الشريف المرتضى من صحة العمل بخبر الواحد. وبهذا ينحل إشكال تعارض الاجماعين المنقولين في العمل بخبر الواحد، حيث نقل المرتضى إجماع الطائفة على عدم العلم بخبر الواحد، ونقل الطوسي الاجماع على العمل به، مع انهما متعارضان، والطوسي (ره) تلميذ المرتضى (ره).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo